(وإن أتى عند وضعه وإلحاده بذكر أو دعاء يليق) بالحال (فلا بأس) به. قال سعيد بن المسيب: حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد. قال: اللهم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر، اللهم جاف الأرض عن جنبيها، وصعد روحها، ولقها منك رضوانا. وقال ابن عمر: سمعته من النبي (ص)، رواه ابن ماجة. وعن بلال: أنه دخل مع أبي بكر في قبر، فلما خرج قيل لبلال: ما قال؟ قال: قال: أسلمه إليك الأهل والمال والعشيرة والذنب العظيم، وأنت غفور رحيم فاغفر له، رواه سعيد. (ويستحب الدعاء له) أي للميت (عند القبر بعد دفنه واقفا) نص عليه. وقال: قد فعله علي والأحنف بن قيس. لحديث عثمان بن عفان قال: كان النبي (ص) إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه.
وقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل، رواه أبو داود. وعن ابن مسعود أن النبي (ص): كان يقف على القبر بعد ما يسوى عليه، فيقول: اللهم نزل بك صاحبنا وخلف الدنيا خلف ظهره، اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به، رواه سعيد في سنته. والاخبار بنحو ذلك كثيرة. وقال أكثر المفسرين في قوله تعالى في المنافقين: * (ولا تقم على قبره) * معناه: بالدعاء له والاستغفار، بعد الفراغ من دفنه. فيدل على أن ذلك كان عادة النبي (ص) في المسلمين.
ونقل محمد بن حبيب النجار قال: كنت مع أحمد بن حنبل في جنازة فأخذ بيدي فقمنا ناحية. فلما فرغ الناس من دفنه وانقضى الدفن، جاء إلى القبر، وأخذ بيدي وجلس ووضع يده على القبر وقال: اللهم إنك قلت في كتابك: * (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) * وقرأ إلى آخر السورة، ثم قال: اللهم وإنا نشهد أن هذا فلان ابن فلان ما كذب بك، ولقد كان يؤمن بك وبرسولك، فاقبل شهادتنا له. ودعا له وانصرف. (واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه، فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه فيقول: يا فلان ابن فلانة ثلاثا. فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء ثم يقول:
أذكر ما خرجت عليه من الدنيا. شهادة أن لا إله إلا الله. وأن محمدا عبده ورسوله.
وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما. وبالكعبة قبلة.