وما يدعيه البائع أكثر كما نبه عليه الرافعي في الصداق، كأن يدعي عشرة والمشتري تسعة. (أو صفته) كأن قال البائع: بصحاح والمشتري: بمكسرة. أو جنسه، كقول البائع: بذهب والمشتري: بفضة، وقد صرح به في المحرر. (أو الاجل) بأن أثبته المشتري ونفاه البائع. (أو قدره) كشهر ويدعي المشتري أكثر، أو يقول البائع: بعتكه بشرط رهن أو كفيل فينكر المشتري. (أو قدر المبيع) كقول البائع: بعتك صاعا من هذه الصبرة بدرهم فيقول المشتري: بل صاعين.
أو اختلفا في اشتراط كون المبيع كاتبا مثلا (ولا بينة) لأحدهما، أو لكل منهما بينة وتعارضتا بأن لم يؤرخا بتاريخين، (تحالفا) لخبر مسلم: اليمين على المدعى عليه وكل منهما مدعى عليه كما أنه مدع. وتخصيصه البيع بالذكر جرى على الغالب لأن التحالف يجري في سائر عقود المعاوضات حتى القراض والجعالة والصلح عن دم طردا للمعنى. ولا أثر لقدرة كل من العاقدين على الفسخ في الأولين بلا تحالف، ولا لعدم رجوع كل منهما إلى عين حقه في الثالث. ويؤخذ مما ذكر أن التحالف يجري في زمن الخيار، وهو المعتمد كما صرح به ابن يونس والنسائي والأذرعي وغيرهم. وقال الشافعي والأصحاب بالتحالف في الكتابة مع جوازها من جانب الرقيق. وما استند إليه ابن المقري في قوله بعدم التحالف في زمن الخيار بإمكان الفسخ في زمنه، أجيب عنه بأن التحالف لم يوضع للفسخ بل عرضت اليمين رجاء أن ينكل الكاذب فيتقرر العقد بيمين الصادق. واحترز لقوله: واتفقا على صحة البيع عما إذا لم يتفقا على الصحة، أو اتفقا عليها في عقد ولكن اختلفا هل ذلك العقد بيع أو هبة، فلا تحالف كما سيأتي آخر الباب. والمراد بالاتفاق على الصحة وجودها، ففي الروضة كأصلها: لو قال بعتك بألف، فقال: بخمسمائة وزق خمر حلف البائع على نفي سبب الفساد ثم يتحالفان. وبقوله: ولا بينة أي أو تعارضت البينتان كما مر عما إذا أقام أحدهما بينة فإنه يعمل بها. وشمل كلامه ما إذا كان المتبايعان مالكين أو وكيلين أو مالكا ووكيلا. وفي تحالف الوكيلين وجهان، رجح المصنف منهما التحالف، وفائدته الفسخ أو أن ينكل أحدهما فيحلف الآخر ويقضى له. وليس لنا صورة يحلف فيها الوكيل على الأصح غيرها لأنه لم يثبت لغيره بيمينه شيئا، وإنما يرجع الحال بعد التحالف على الفسخ الذي أوجبه الشرع.
تنبيه: يستثنى من التحالف مسائل: منها ما لو تقابلا في العقد ثم اختلفا بعد الإقالة في قدر الثمن فلا تحالف، بل القول قول البائع لأنه غارم. ومنها ما لو اختلفا في عين المبيع والثمن معا، كأن يقول: بعتك هذا العبد بمائة درهم، فيقول: بل هذه الجارية بعشرة دنانير فلا تحالف جزما إذا لم يتواردا على شئ مع اتفاقهما على بيع صحيح واختلفا في كيفيته، بل يحلف كل منهما على نفي دعوى صاحبه على الأصل. ومنها ما لو اختلف ولي محجور مع مستقل وكان المبيع تالفا وكانت القيمة التي يرجع إليها عند الفسخ بالتحالف أكثر من الشئ الذي سماه، فإنه لا تحالف ويؤخذ بقول البائع لأنه إذا حصل الفسخ رجع الحال إلى غرم القيمة، وهي أكثر من قوله، كما ذكر نظير ذلك في الصداق. ولو اختلفا في عين المبيع فقط واتفقا على الثمن أو اختلفا في قدره تحالفا إن كان الثمن معينا، وكذا إن كان في الذمة كما اقتضى كلام الرافعي هنا ترجيحه وصححه في الشرح الصغير خلافا لما جرى عليه ابن المقري تبعا للأسنوي من عدم التحالف. ولو أقام البائع بينة أن المبيع هذا العبد، والآخر بينة أنه الجارية ولم تؤرخ البينتان سلمت للمشتري ويقر العبد في يده إن كان قبضه وإلا فيترك عند القاضي حتى يدعيه كما جزم به ابن أبي عصرون، وقال أبو الحسن السلمي:
إنه الصحيح، وقيل: يجبر المشتري على قبوله. فإن أرختا قضى بمقدمة التاريخ، ويأتي إيضاح ذلك في محله.
وإذا أخذه القاضي أنفق عليه من كسبه إن كان كسوبا وإلا باعه إن رأى المصلحة في بيعه وحفظ ثمنه، وله ذلك في الحالة الأولى أيضا كما قاله الشيخ أبو حامد. وإذا وقع التحالف (فيحلف كل) منهما (على نفي قول صاحبه وإثبات قوله) لما مر من كونه مدعيا ومدعى عليه، فينفي ما ينكره ويثبت ما يدعيه. نعم إنما يحلف الثاني بعد أن يعرض عليه ما حلف عليه الأول فينكر كما قاله المحاملي. (ويبدأ) في اليمين (بالبائع) ندبا، لحصول الغرض مع