مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٧٥
إلى عدل. فإذا فعل سلم الثمن للبائع والمبيع للمشتري يبدأ بأيهما شاء. (قلت: فإن كان الثمن معينا سقط القولان الأولان) سواء كان الثمن نقدا أم عوضا كما صرح به في الشرح الصغير وزوائد الروضة. ولا ينافي ذلك تصوير الرافعي في الشرح الكبير سقوطهما في بيع عرض بعرض، قال الشارح: لأن سكوته عن النقد لا ينفيه. (وأجبرا في الأظهر، والله أعلم) لاستواء الجانبين، لأن الثمن المعين كالمبيع في تعلق الحق بالعين. أما إذا كان نائبا عن غيره كالوكيل وناظر الوقف والحاكم في بيع أموال المفلس وعامل القراض فإنه لا يجبر على التسليم، بل لا يجوز له ذلك حتى يقبض الثمن، فلا يأتي إلا إجبارهما أو إجبار المشتري ولا يأتي قول الاعراض عنهما لأن الحال لا يحتمل التأجيل. قال الامام: ولو تبايع وليان أو وكيلان لم يأت سوى إجبارهما. (وإذا سلم البائع) بإجبار أو بدونه، (أجبر المشتري) على التسليم في الحال (إن حضر الثمن) في المجلس، لأن التسليم واجب عليه ولا مانع منه. وإذا أصر المشتري على الامتناع لا يثبت للبائع حق الفسخ كما سيأتي في كتاب الفلس. والمراد بحضور الثمن حضور عينه إن كان معينا، أو نوعه الذي يقضى منه إن كان في الذمة، فإن ما في الذمة قبل قبضه لا يسمى ثمنا إلا مجازا. (وإلا) أي وإن لم يحضر الثمن، (فإن كان) المشتري (معسرا) بالثمن فهو مفلس، (فللبائع الفسخ بالفلس) وأخذ المبيع لما سيأتي في بابه، وحينئذ فيشترط فيه حجر القاضي وإن افتضت عبارة المصنف كالروضة وأصلها أنه يستقل بذلك من غير توقف على حجر الحاكم. وفي افتقار الرجوع بعد الحجر إلى إذن الحاكم وجهان، أشهرهما كما قال الرافعي أنه لا يفتقر. (أو موسرا وماله بالبلد، أو بمسافة قريبة) وهو دون مسافة القصر، (حجر عليه في) المبيع وفي جميع (أمواله) وإن كانت وافية بدينه، (حتى يسلم) الثمن، لئلا يتصرف في ذلك بما يبطل حق البائع. وهذا يسمى بالحجر الغريب، قال السبكي: والفرق بينه وبين حجر الفلس حيث اعتبر فيه نقص ما له مع المبيع عن الوفاء أن الفلس سلطه البائع على المبيع باختياره رضي بذمته بخلافه هنا، هذا إذا لم يكن محجورا عليه بفلس، وإلا لم يحجر عليه أيضا هذا الحجر لعدم فائدته، لأن حجر الفلس يتمكن فيه من الرجوع إلى عين ماله بشرطه الآتي، وهذا الحجر يخالفه في ذلك، وفي كونه لا يتوقف على ضيق المال كما مر، ولا يتوقف على فك القاضي بل ينفك بمجرد التسليم كما جزم به الامام وتبعه البلقيني وإن خالف في ذلك الأسنوي وجعله كحجر الفلس.
(فإن كان) ماله (بمسافة القصر) فأكثر، (لم يكلف البائع الصبر إلى إحضاره) لتضرره بذلك، (والأصح أن له الفسخ) ولا يحتاج هنا حجر خلافا لبعض المتأخرين لتعذر تحصل الثمن كالافلاس به. والثاني: ليس له الفسخ بل يباع المبيع ويؤدى حقه من الثمن كسائر الديون. (فإن صبر) البائع إلى إحضار المال، (فالحجر) يضرب على المشتري (كما ذكرنا) في المبيع وفي جميع أمواله حتى يسلم الثمن لما مر. (وللبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه) كله الحال أصالة، (إن خاف فوته بلا خلاف) وكذا للمشتري حبس الثمن المذكور إن خاف فوت المبيع بلا خلاف. (وإنما الأقوال) السابقة (إذا لم يخف) أي البائع، (فوته) أي الثمن، وكذا المشتري فوت المبيع، (وتنازعا في مجرد الابتداء) بالتسليم، لأن الأحبار عند خوف الفوات بالهرب أو تمليك المال أو نحو ذلك فيه ضرر ظاهر. أما الثمن المؤجل فليس للبائع حبس المبيع به وإن حل قبل التسليم كما مر لرضاه بتأخيره.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: ولكل بائع ومشتر حبس ما بذله حتى يقبض عوضه ليشمل المشتري كما قررته، ولكن إنما صرح بالبائع لأنه قدم تصحيح إجباره فذكر شرط وجوبه. ولو استبدل عن الثمن ثوبا مثلا،
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429