إلى عدل. فإذا فعل سلم الثمن للبائع والمبيع للمشتري يبدأ بأيهما شاء. (قلت: فإن كان الثمن معينا سقط القولان الأولان) سواء كان الثمن نقدا أم عوضا كما صرح به في الشرح الصغير وزوائد الروضة. ولا ينافي ذلك تصوير الرافعي في الشرح الكبير سقوطهما في بيع عرض بعرض، قال الشارح: لأن سكوته عن النقد لا ينفيه. (وأجبرا في الأظهر، والله أعلم) لاستواء الجانبين، لأن الثمن المعين كالمبيع في تعلق الحق بالعين. أما إذا كان نائبا عن غيره كالوكيل وناظر الوقف والحاكم في بيع أموال المفلس وعامل القراض فإنه لا يجبر على التسليم، بل لا يجوز له ذلك حتى يقبض الثمن، فلا يأتي إلا إجبارهما أو إجبار المشتري ولا يأتي قول الاعراض عنهما لأن الحال لا يحتمل التأجيل. قال الامام: ولو تبايع وليان أو وكيلان لم يأت سوى إجبارهما. (وإذا سلم البائع) بإجبار أو بدونه، (أجبر المشتري) على التسليم في الحال (إن حضر الثمن) في المجلس، لأن التسليم واجب عليه ولا مانع منه. وإذا أصر المشتري على الامتناع لا يثبت للبائع حق الفسخ كما سيأتي في كتاب الفلس. والمراد بحضور الثمن حضور عينه إن كان معينا، أو نوعه الذي يقضى منه إن كان في الذمة، فإن ما في الذمة قبل قبضه لا يسمى ثمنا إلا مجازا. (وإلا) أي وإن لم يحضر الثمن، (فإن كان) المشتري (معسرا) بالثمن فهو مفلس، (فللبائع الفسخ بالفلس) وأخذ المبيع لما سيأتي في بابه، وحينئذ فيشترط فيه حجر القاضي وإن افتضت عبارة المصنف كالروضة وأصلها أنه يستقل بذلك من غير توقف على حجر الحاكم. وفي افتقار الرجوع بعد الحجر إلى إذن الحاكم وجهان، أشهرهما كما قال الرافعي أنه لا يفتقر. (أو موسرا وماله بالبلد، أو بمسافة قريبة) وهو دون مسافة القصر، (حجر عليه في) المبيع وفي جميع (أمواله) وإن كانت وافية بدينه، (حتى يسلم) الثمن، لئلا يتصرف في ذلك بما يبطل حق البائع. وهذا يسمى بالحجر الغريب، قال السبكي: والفرق بينه وبين حجر الفلس حيث اعتبر فيه نقص ما له مع المبيع عن الوفاء أن الفلس سلطه البائع على المبيع باختياره رضي بذمته بخلافه هنا، هذا إذا لم يكن محجورا عليه بفلس، وإلا لم يحجر عليه أيضا هذا الحجر لعدم فائدته، لأن حجر الفلس يتمكن فيه من الرجوع إلى عين ماله بشرطه الآتي، وهذا الحجر يخالفه في ذلك، وفي كونه لا يتوقف على ضيق المال كما مر، ولا يتوقف على فك القاضي بل ينفك بمجرد التسليم كما جزم به الامام وتبعه البلقيني وإن خالف في ذلك الأسنوي وجعله كحجر الفلس.
(فإن كان) ماله (بمسافة القصر) فأكثر، (لم يكلف البائع الصبر إلى إحضاره) لتضرره بذلك، (والأصح أن له الفسخ) ولا يحتاج هنا حجر خلافا لبعض المتأخرين لتعذر تحصل الثمن كالافلاس به. والثاني: ليس له الفسخ بل يباع المبيع ويؤدى حقه من الثمن كسائر الديون. (فإن صبر) البائع إلى إحضار المال، (فالحجر) يضرب على المشتري (كما ذكرنا) في المبيع وفي جميع أمواله حتى يسلم الثمن لما مر. (وللبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه) كله الحال أصالة، (إن خاف فوته بلا خلاف) وكذا للمشتري حبس الثمن المذكور إن خاف فوت المبيع بلا خلاف. (وإنما الأقوال) السابقة (إذا لم يخف) أي البائع، (فوته) أي الثمن، وكذا المشتري فوت المبيع، (وتنازعا في مجرد الابتداء) بالتسليم، لأن الأحبار عند خوف الفوات بالهرب أو تمليك المال أو نحو ذلك فيه ضرر ظاهر. أما الثمن المؤجل فليس للبائع حبس المبيع به وإن حل قبل التسليم كما مر لرضاه بتأخيره.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: ولكل بائع ومشتر حبس ما بذله حتى يقبض عوضه ليشمل المشتري كما قررته، ولكن إنما صرح بالبائع لأنه قدم تصحيح إجباره فذكر شرط وجوبه. ولو استبدل عن الثمن ثوبا مثلا،