مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٨١
أشجار وأبنية دخلت في العقد جزما ولو بقوله: بعتك أو رهنتك الأرض بما فيها أو عليها أو بها أو بحقوقها، وفي قوله: بحقوقها وجه أنها لا تدخل في البيع، ويأتي مثله في الرهن، ووجهه أن حقوق الأرض إنما تقع على الممر ومجرى الماء إليها ونحو ذلك. وإن استثناها: كبعتك أو رهنتك الأرض دون ما فيها لم تدخل في العقد جزما، وإن أطلق (فالمذهب أنه يدخل) البناء والشجر الرطب (في البيع دون الرهن) لأن البيع قوي، بدليل أنه ينقل الملك فاستتبع بخلاف الرهن، وهذا هو المنصوص فيهما. والطريق الثاني القطع بعدم الدخول فيهما لخروجهما عن مسمى الأرض، وحمل نصه في البيع على ما إذا قال بحقوقها. والثالث فيهما قولان بالنص والتخريج: أحدهما عدم الدخول لما مر، والثاني: يدخلان لأنهما للدوام فأشبها أجزاء الأرض، ولهذا يلحقان بها في الاخذ بالشفعة. وعلى الأول كل ما ينقل الملك من نحو هبة: كوقف وصدقة ووصية كالبيع، وما لا ينقله من نحو عارية: كإقرار الرهن. أما الشجر اليابس فلا يدخل كما صرح به ابن الرفعة والسبكي تفقها، وهو قياس ما يأتي من أن الشجر لا يتناول غصنه اليابس. فإن قيل: بيع الدار يتناول ما فيها من وتد ونحوه فيكون هنا كذلك؟ أجيب بأن ذلك أثبت فيها للانتفاع به مثبتا فصار كجزئها بخلاف الشجرة اليابسة، ولهذا لو عرش عليها عريش نحو عنب أو جعلت دعامة لجدار أو غيره صارت كالوتد فتدخل في البيع.
وعد البغوي شجر الموز مما يندرج في البيع، وهو المعتمد كما صححه السبكي وإن خالف في ذلك الماوردي. ولا يدخل في بيع الأرض مسيل الماء وشربها - وهو بكسر الشين المعجمة: نصيبها من القناة - والنهر المملوكين حتى يشرطه، كأن يقول:
بحقوقها، وهذا كما قال السبكي في الخارج عن الأرض، أما الداخل فيها فلا ريب في دخوله. ويخالف ذلك ما لو استأجر أرضا لزرع أو غراس فإن ذلك يدخل مطلقا لأن المنفعة لا تحصل بدونه.
تنبيه: دخول الفاء في قول المصنف: فالمذهب معترض من جهة العربية، فإنه لم يتقدمه شرط ولا ما يقتضي الربط، ولذا قدرت في كلامه إذا، وقد وقع له مثل هذا في الجراح وغيره. (وأصول البقل التي تبقى) في الأرض (سنتين) أو أكثر، بل أو أقل كما قاله جماعة منهم الماوردي ونقله عن نص الام، وقال الأذرعي: إنه المذهب.
ويجز ما ذكر مرارا، (كالقت) وهو بالقاف والتاء المثناة: علف البهائم، ويسمى القرط والرطبة والفصفصة بكسر الفاءين وبالمهملتين. (والهندبا) بالمد والقصر، والقضب بالمعجمة، والقصب الفارسي والكراث والكرفس والنعناع. أو تؤخذ ثمرته مرة بعد أخرى كالنرجس والبنفسج والقطن الحجازي والبطيخ والقثاء. (كالشجر) لأن هذه المذكورات للثبات والدوام فتدخل في البيع دون الرهن على الخلاف المتقدم. والثمرة الظاهرة، وكذا الجزة - بكسرة الجيم - الموجودة عند بيع الأرض المشتملة على ما يجز مرارا للبائع، بخلاف الثمرة الكامنة لكونها كالجزء من الشجرة والجزة غير الموجودة فيدخلان في بيع الأرض، وعلى عدم دخول الجزة يشترط على البائع قطعها وإن لم تبلغ أوان الجز لئلا تزيد فيشتبه المبيع بغيره، بخلاف الثمرة التي لا يغلب اختلاطها فلا يشترط فيها ذلك، وأما غيرها فكالجزة كما يعلم مما يأتي. وما ذكر من اشتراط القطع هو ما جزم به الشيخان كالبغوي وغيره، واعتبار كثيرين وجو ب القطع من غير اعتبار شرط محمول على ذلك، قال في التتمة: إلا القصب، أي الفارسي فهو بالصاد المهملة كما قاله الأذرعي، خلافا لما ضبطه الأسنوي من أنه بالمعجمة، فلا يكلف قطعه حتى يكون قدرا ينتفع به. وشجر الخلاف - بتخفيف اللام - كالقصب في ذلك. فإن قيل: الوجه التسوية بين المستثنى والمستثنى منه، فإما أن يعتبر الانتفاع في الكل أو لا يعتبر. أجيب بأن تكليف البائع قطع ما استثنى يؤدي إلى أنه لا ينتفع به من الوجه الذي يراد الانتفاع به بخلاف غيره، ولا بعد في تأخير وجوب القطع حالا لمعنى بل قد عهد تخلفه بالكلية وذلك في بيع الثمرة من مالك الشجرة كما سيأتي. (ولا يدخل) في مطلق بيع الأرض كما في المحرر والروضة وأصلها، أو قال بحقوقها كما قاله القمولي وغيره. (ما يؤخذ) بقلع أو قطع (دفعة) واحدة (كحنطة وشعير وسائر) أي باقي (الزرع) كالفجل والجزر وقطن خراسان والثوم والبصل، لأنه ليس للدوام فأشبه
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429