مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٧٠
لعمل في ثوب وسلمه له فليس له بيعه قبل العمل، وكذا بعده إن لم يكن سلم الأجرة، لأن له الحبس للعمل ثم لاستيفاء الأجرة، ومثل ذلك صوغ الذهب ونسج الغزل ورياضة الدابة. وخرج: بيجوز للمورث التصرف فيه ما مات عنه ولم يقبضه فليس للوارث بيعه قبل قبضه. فإن قيل: هل هذه مستثناة من كلام المصنف أو لا؟ أجيب بلا، لأن المبيع حينئذ ليس في يد بائعه أمانة بل هو مضمون عليه. (وكذا) له بيع ماله وهو في يد غيره، (عارية ومأخوذ بسوم) وهو ما يأخذه من يريد الشراء ليتأمله أيعجبه أم لا لما ذكر. فإن قيل: ما فائدة عطفه بكذا؟ أجيب بأن فائدته التنبيه على أنه قسيم الأمانة لأنه مضمون ضمان يد فلا ينحصر في الأمانة لكن لا ينحصر فيما ذكره، بل ما رجع إليه بفسخ عقد بعيب أو غيره وهو باق في يد المشتري بعد رد الثمن له ومقبوض بعقد فاسد لفوات شرط أو نحوه ورأس مال سلم فسخ لانقطاع المسلم فيه أو غيره ومغصوب يقدر على انتزاعه وما أشبه ذلك.
تنبيه: فصل الماوردي في بيع العارية، فقال: إن أمكن الرد كالدار والدابة صح وإن لم يمكن كالأرض غرست فالبيع باطل في الأصح لجهالة المدة، واسترجاعها غير ممكن إلا ببذل قيمة البناء والغراس أو أرش النقص، وذلك غير واجب على البائع ولا على المشتري اه‍. ويحمل إطلاق الشيخين على هذا للتفصيل.
فرع: لو أفرز السلطان لشخص عطاء ورضي به جاز له بيعه قبل قبضه للرفق بالجند، ولا يد السلطان في الحفظ للمفرز كيد المفرز له. ويصح بيع أحد الغانمين لقدر معلوم ملكه من الغنيمة شائعا. ويصح بيع موهوب رجع فيه الوالد قبل قبضه، وله بيع مقسوم قسمة إفراز قبل قبضه بخلاف قسمة البيع ليس له بيع ما صار له فيها من نصيب صاحبه قبل قبضه، ولا بيع شقص أخذه بشفعة قبل قبضه، لأن الاخذ بها معاوضة. وله بيع ثمر على شجر موقوف عليه قبل أخذه، وكذا سائر غلات وقف حصلت لجماعة وعرف كل قدر حصته كما نقله في المجموع عن المتولي وأقره. (ولا يصح بيع المسلم فيه ولا الاعتياض عنه) قبل قبضه، لعموم النهي عن بيع ما لم يقبض. والمبيع الثابت في الذمة إذا عقد عليه بغير لفظ السلم لا يعتاض عنه وإن كان غير سلم على الصحيح. وتناقض في ذلك كلام الشيخين، والمعتمد عدم الصحة. (والجديد جواز الاستبدال عن الثمن) الثابت في الذمة وإن لم يكن نقدا، لخبر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كنت أبيع الإبل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم وأبيع الدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت النبي (ص) فسألته عن ذلك، فقال: لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شئ رواه الترمذي وغيره وصححه الحاكم على شرط مسلم. وسواء أقبض الثمن أم لا، فقوله في الخبر: وليس بينكما شئ أي من عقد الاستبدال لا من العقد الأول بقرينة رواية أخرى تدل لذلك. والقديم المنع لعموم النهي السابق لذلك. وللمضمونات ضمان العقود كبدل خلع وصداق وأجرة حكم الثمن لاستقرارها، بخلاف دين السلم كما مر. وفرق بينه وبين الثمن بأنه معرض بانقطاعه للانفساخ أو الفسخ، وبأن عينه تقصد بخلاف الثمن فيهما. ويجوز استبدال الحال عن المؤجل وكان صاحبه عجله بخلاف عكسه لعدم لحوق الاجل.
فائدة: الثمن: النقد إن قوبل بغيره للعرف، فإن كانا نقدين أو عرضين فما التصقت به الباء المسماة بباء السببية هو الثمن، والمثمن ما يقابله، فلو قال: بعتك هذه الدراهم بعبد ووصفه فالعبد مبلغ لا يجوز الاستبدال عنه والدراهم ثمن، أو بعتك هذا الثوب بعبد ووصفه فالعبد ثمن يجوز الاستبدال عنه لا عن الثوب لأنه مثمن. فإن قيل: مقتضى كلامهم أنه لو باع عبده بدراهم سلما كانت ثمنا وصح الاستبدال عنها، وقد تقدم أنه لا يصح الاستبدال عن المسلم فيه. أجيب بأن دخول الباء عارضه كونه مسلما فيه فلا يصح، فكلامهم على إطلاقه من أن الثمن مدخول الباء ولكن عارض مانع في هذه الصورة فلا ترد نقصا. وقيل: إن قولهم: يجوز الاستبدال عن الثمن جرى على الغالب حتى لا ترد هذه الصورة.
هذا كله فيما لا يشترط قبضه في المجلس، (فإن استبدل موافقا في علة الربا كدراهم عن دنانير) أو عكسه، (اشترط قبض
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429