(على أنها عشرة آصع) لكن في المثال الثاني كما قال ابن شهبة نظر، لأنه جعل ذلك وصفا كالكتابة في العبد، فينبغي أن لا يتوقف ذلك على الكيل. ويخالف ما إذا باعها كل صاع بدرهم، فإن التقدير يحتاج إلى معرفة الثمن، فلو قبض ما ذكر جزافا لم يصح القبض، لكن يدخل المقبوض في ضمانه. (ولو كان له) أي لبكر، (طعام) مثلا (مقدر) كعشرة آصع (على زيد، ولعمرو عليه مثله فليكتل) بكر (لنفسه) من زيد (ثم يكيل لعمرو) لأن الاقباض هنا متعدد ومن شرط صحته الكيل فلزم تعدد الكيل، وللنهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان كما روي مرفوعا، يعني صاع البائع وصاع المشتري. قال القاضي حسين: والمعنى فيه أن كل واحد منهما يستحق على من له عليه الحق قبضه بالكيل. والكيلان قد يقع بينهما تفاوت فلم يجز الاقتصار على الكيل الأول لجواز أن لو حدده لظهر فيه تفاوت ، فإذا كال لنفسه وقبضه ثم كاله لغريمه فزاد أو نقص بقدر ما يقع بين الكيلين لم يؤثر فتكون الزيادة والنقص عليه، أو بما لا يقع بين الكيلين، فالكيل الأول غلط فيرد بكر الزيادة ويرجع بالنقص، ولو قبضه في المكيال وسلمه لغريمه فيه صح لأن استدامة المكيال كابتدائه، وقد يقال في الذرع كذلك. (فلو قال) بكر لعمرو: (اقبض من زيد ما لي عليه لنفسك) أو أحضر معي لأقبضه أنا لك، (ففعل فالقبض فاسد) له لاتحاد القابض والمقبض، وضمنه القابض لاستيلائه عليه لغرضه وبرئ زيد من حق بكر لاذنه في القبض منه في الأولى وقبضه بنفسه في الثانية. وإن قال له: اقبضه لي ثم لنفسك أو أحضر معي لأقبضه لي ثم لك ففعل صح القبض الأول، إذ لا مانع منه دون الثاني لاتحاد القابض والمقبض وضمنه القابض، والمقبض وضمنه القابض، وبرئ زيد من حق بكر.
فروع: لا يجوز للمستحق أن يوكل في القبض من يده يد المقبض كرقيقه ولو مأذونا له في التجارة، كما لا يجوز أن يوكل فيه المقبض بخلاف ابنه وأبيه ومكاتبه. ولو قال لغريمه: وكل من يقبض لي منك، أو قال لغيره: وكل من يشتري لي منك صح ويكون وكيلا له في التوكيل في القبض أو الشراء منه. ولو وكل البائع رجلا في الاقباض ووكله المشتري في القبض لم يصح توكيله لهما معا لاتحاد القابض والمقبض. ولو قال لغريمه: اشتر بهذه الدراهم لي مثل ما تستحقه علي واقبضه لي ثم لنفسك صح الشراء والقبض الأول دون الثاني لاتحاد القابض والمقبض، أو قال: واقبضه لنفسك فسد القبض، لأن حق الانسان لا يتمكن غيره من قبضه لنفسه، وضمنه الغريم لاستيلائه عليه وبرئ الدافع من حق الموكل لاذنه في القبض منه. أو قال: اشتر بها ذلك لنفسك فسدت الوكالة، إذ كيف يشتري بمال الغريم لنفسه والدراهم أمانة بيده؟ فإن اشترى بعينها بطل أو في الذمة صح ووقع عنه وأدى الثمن من ماله. وللأب وإن علا أن يتولى طرفي القبض كما يتولى طرفي البيع كما مر في بابه.
فرع: زاد الترجمة به أيضا: إذا (قال البائع) مال نفسه بثمن حال في الذمة بعد لزوم العقد: (لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه وقال المشتري في الثمن مثله) أي لا أسلمه حتى أقبض المبيع وترافعا إلى حاكم، (أجبر البائع) على الابتداء بالتسليم، لأن حق المشتري في العين وحق البائع في الذمة، فيقدم ما يتعلق بالعين كأرش الجناية مع غيره من الديون.
(وفي قول المشتري) لأن حقه متعين في المبيع وحق البائع غير متعين في الثمن فيؤمر بالتعيين ليتساويا في تعين الحق.
(وفي قول لا إجبار) أولا، وعلى هذا يمنعهما الحاكم من التخاصم. (فمن سلم أجبر صاحبه) على التسليم، لأن كلا منهما ثبت له إيفاء واستيفاء، ولا سبيل إلى تكليف الايفاء قبل الاستيفاء، حكاه الشافعي في الام عن غيره، ثم رده لأن فيه ترك الناس تمانعون من الحقوق. (وفي قول يجبران) لأن التسليم واجب عليهما فيلزم الحاكم كلا منهما بإحضار ما عليه إليه، أو