مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٦
دون الفاسد، وكذا تخلية الدار ونحوها إنما تكون قبضا في الصحيح دون الفاسد.
تنبيه: احترز المصنف بالمبيع عن زوائده المنفصلة الحادثة في يد البائع، كثمرة ولبن وبيض وصوف وركاز يجده الرقيق وهو موهوب وموصى به فإنها للمشتري، لأن الفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله، وهي أمانة في يد البائع لأن ضمان الأصل بالعقد ولم يوجد العقد في الزوائد ولم تحتو يده عليها لتملكها كالمستام، ولا للانتفاع بها كالمستعير، ولم يوجد منه تعد كالغاصب حتى يضمن. وسبب ضمان اليد عندهم أحد هذه الثلاثة والثمن المعين قبل قبض البائلة كذلك. (فإن تلف) المبيع بآفة سماوية (انفسخ البيع) لتعذر قبضه المستحق كالتفرق قبله في الصرف، (وسقط الثمن) إن كان في الذمة، فإن كان معينا وجب رده، أو كان دينا على البائع عاد عليه كما كان. وينتقل الملك في المبيع للبائع قبيل التلف، فتجهيزه على البائع لانتقال الملك فيه إليه.
تنبيه: استثنى من طرده ما لو وضع العين المبيعة بين يديه بعد امتناعه من قبضها كما مر، ومن عكسه ما لو قبضه المشتري وديعة من البائع وقلنا بالأصح إنه لا يبطل به حق الحبس فتلف في يده فهو كتلفه في يد البائع، وما لو قبضه المشتري من البائع في زمن الخيار والخيار للبائع وحده وتلف فهو كتلفه في يد البائع كما مر في بابه، فينفسخ ويرجع المشتري بثمنه وللبائع بدله من مثل أو قيمة كالمستعار. وفي معنى التلف وقوع الذرة ونحوها في البحر إذا لم يمكن إخراجها منه، وانفلات الصيد المتوحش والطير إذا لم يرج عوده، واختلاط متقوم كثوب أو شاة بغيره ولم يتميز، وانقلاب العصير خمرا على الأصح وإن عاد خلا كما أطلقه الشيخان هنا خلاف ما اقتضاه كلامهما في باب الرهن، وجرى عليه ابن المقري هنا في بعض نسخ الروض:
من أنه متى عاد عاد حكمه وللمشتري الخيار، لأن الخل دون العصير. ولو أبق الرقيق أو ضل أو غصب قبل القبض ثبت للمشتري الخيار ولم ينفسخ البيع لرجاء العود، فإن أجاز البيع لم يطل خياره ما لم يرجع ولم يلزمه تسليم الثمن قبل العود، فإن سلمه ليسترده ما لم يفسخ. ولو غرقت الأرض بالماء أو سقطت عليها صخرة أو ركبها رمل قبل قبضها ثبت له الخيار لأنه عيب لا تلف. فإن قيل: يناقضه ما في الشفعة من أن تغرق الأرض تلف لا عيب حتى لو حصل في بعضها لم يأخذ الشفيع إلا بالحصة، وما في الإجارة من أنه كانهدام الدار فيكون تلفا. أجيب بأن الأرض لم تتلف والحيلولة لا تقتضي الانفساخ كإباق العبد، وإنما جعلت تالفة فيما ذكر لأن الشفيع متملك، والتالف لا يصح تملكه، ولأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء والمستأجر غير متمكن من الانتفاع من حيلولة الماء ولا يمكن ترقب زواله لأن المنافع تتلف ولا تضمن.
(ولو أبرأه المشتري عن الضمان لم يبرأ في الأظهر ولم يتغير الحكم) المذكور للتلف لأنه أبرأ عما لم يجب. والثاني: يبرأ لوجود سبب الضمان فلا ينفسخ به البيع ولا يسقط به الثمن.
تنبيه: الجمع بين البراءة وتغير الحكم تبع فيه المحرر، قال الأسنوي: لا فائدة فيه، وقال الولي العراقي: لا فائدة فيه إلا مجرد التأكيد، وقال الزركشي: فائدته نفي توهم عدم الانفساخ إذا تلف وأن الابراء كما لا يرفع الضمان لا يرفع الفسخ بالتلف وكذلك بقاء المنع من التصرف. (وإتلاف المشتري) المبيع حسا أو شرعا، (قبض) له (إن علم) أنه المبيع حال إتلافه، كما لو أتلف المالك المغصوب في يد الغاصب. وفي معنى إتلافه ما لو اشترى أمة فأحبلها أبوه، وما لو اشترى السيد من مكاتبه أو الوارث من مورثه شيئا ثم عجز المكاتب أو مات المورث. وقد ذكر الشيخان في مسألة الوارث جواز بيعه قبل القبض. وإن كان على الميت دين فيتعلق بالثمن، فإن كان معه وارث آخر لم ينفذ بيعه في قدر نصيب الوارث الآخر منه لو ورثه حتى يقبضه، ويستثنى ما إذا قتله المشتري دفعا لصياله عليه، وكذا القود كما بحثه في المطلب أو الردة والمشتري الامام وقصد قتله عنها فينفسخ البيع، فإن لم يقصد ذلك صار قابضا للمبيع وتقرر عليه الثمن كما حكاه الرافعي قبيل الديات عن فتاوى البغوي، فإن كان غيره كان قابضا. إذ لا يجوز له قتله. فإن قيل: لم لا يجوز لأن للسيد إقامة الحد على عبده فينبغي أن لا يستقر عليه الثمن لقتله كالامام؟ أجيب بأنه لو قتله وقلنا له ذلك لم يكن قاتلا إلا بحكم الملك، فالملك هو الذي سلطه على ذلك
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429