مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٩
وقاله ابن الأستاذ غير الصورة المختلف فيها، لأن تلك في إجارة استأجرها الوقف قبل الواقف، ولزمت الأجرة ذمته، وما قالاه في أجرة المثل إذا بقي الموقوف بها. والذي ينبغي أن يقال في الصورة الأولى أنه إن شرط أن يوفي منه ما مضى من الأجرة فالبطلان أو المستقبل فالصحة، وكذا إن أطلق ويحمل على المستقبل. فإن قيل: الأجرة لازمة لذمته على كل حال قبل الوقف. أجيب بأنها إنما تستقر شيئا فشيئا بحسب ما يمضي من الزمان.
تنبيه: قوله: لهما أي للبناء والغراس. ثم شرع في الركن الثالث وهو على قسمين: معين وغيره، وقد بدأ بالقسم الأول فقال، (فإن وقف على معين) من (واحد) أو اثنين (أو جمع اشترط إمكان تمليكه) في حال الوقف عليه بوجوده في الخارج، فلا يصح الوقف على ولده وهو لا ولد له، ولا على فقير أولاده ولا فقير فيهم، فإن كان فيهم فقير وغني صح، ويعطي منه أيضا من افتقر بعد كما قاله البغوي، وبكونه أهلا لتملك الموقوف. (فلا يصح) الوقف (على جنين) لعدم صحة تملكه، وسواء أكان مقصودا أم تابعا، حتى لو كان له أولاد وله جنين عند الوقف لم يدخل، نعم إن انفصل دخل معهم إلا أن يكون الواقف قد سمى الموجودين أو ذكر عددهم فلا يدخل كما قاله الأذرعي.
تنبيه: قد علم مما ذكر أن الوقف على الميت لا يصح لأنه لا يملك به صرح الجرجاني، ولا على أحد هذين الشخصين لعدم تعيين الموقوف عليه. (ولا) يصح (على العبد نفسه) أي نفس العبد، سواء أكان له أم لغيره، لأنه ليس أهلا للملك. (فلو أطلق الوقف عليه) فإن كان له لم يصح لأنه يقع للواقف، وإن كان لغيره (فهو وقف على سيده) كما في الهبة والوصية والمدبر وأم الولد والمعلق عتقه بصفة حكمهم كذلك. وأما المكاتب فإن كان مكاتب نفسه لم يصح الوقف عليه كما جزم به الماوردي وغيره نظير ما في إعطاء الزكاة له، أو مكاتب غيره صح كما جزم به الماوردي أيضا وجرى عليه ابن المقري لأنه يملك. فإن عجز بان أن الوقف منقطع الابتداء لأنه يسترجع منه ما أخذه، وإن عتق وقد قيد الوقف بمدة الكتابة بان أنه منقطع الانتهاء فيبطل استحقاقه وينتقل الوقف إلى من بعده، فإن أطلقه دام استحقاقه، وفي معنى التقييد ما لو عبر بمكاتب فلان. وأما الوقف على المبعض فالظاهر كما قال شيخنا أنه إن كان مهايأة وصدر الوقف عليه يوم نوبته فكالحر، أو يوم نوبة سيده فكالعبد، وإن لم تكن مهايأة وزع على الرق والحرية، وعلى هذا يحمل إطلاق ابن خير أن صحة الوقف عليه. ولو أراد مالك المبعض أن يقف نصفه الرقيق على نصفه الحر فالظاهر كما قال السبكي الصحة، كما لو أوصى به لنصفه الحر. ويصح الوقف على الأرقاء الموقوفين لخدمة الكعبة ونحوها كقبره (ص) وبيت المقدس، كالوقوف على علف الدواب المرصدة في سبيل الله. ولا يصح الوقف على الدار وإن قال علي عمارتها لأنها لا تملك، إلا إن قال: وقفت هذا على هذه الدار لطارقها، لأن الموقوف عليه حقيقة طارقوها وهم يملكون. وإلا إن كانت موقوفة، لأن حفظ عمارتها قربة، فهو كالوقف على مسجد أو رباط. (ولو أطلق الوقف على بهيمة) مملوكة أو قيده بعلفها، (لغا) الوقف عليها لأنها ليست أهلا للملك بحال، كما لا تصح الهبة لها ولا الوصية.
(وقيل): هو في المعنى (وقف على مالكها) فيصح كالوقف على العبد. وفرق الأول بما مر، بخلاف العبد فإنه أهل له بتمليك سيده في قول، فإن قصد مالكها فهو وقف عليه. وخرج بالمملوكة الموقوفة، كالخيل الموقوفة في الثغور ونحوها فيصح الوقف على علفها كما مرت الإشارة إليه، وأما المباحة كالوحوش والطيور المباحة فلا يصح الوقف عليها جزما. نعم يستثنى من ذلك كما قال الغزالي حمام مكة فيصح الوقف عليه. (ويصح) الوقف من مسلم أو ذمي (على ذمي) معين كصدقة التطوع وهي جائزة عليه، ولكن يشترط في صحة الوقف عليه أن لا يظهر فيه قصد معصية، فلو قال: وقفت على خادم الكنيسة لم يصح كما لو وقف على حصرها كما قاله في الشامل وغيره، وأن يكون ممن يمكن تمليكه فيمتنع وقف المصحف وكتب العلم والعبد المسلم عليه والجماعة المعينون كالواحد، وسيأتي الكلام في الوقف على أهل الذمة
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429