نعم للناظر منعه من سكنى الدار الموقوفة عليه ليؤجرها للعمارة إن اقتضاها الحال، لأنه إذا لم يمنعه لربما أدى ذلك إلى الخراب.
وفهم من تجويز الإعارة الإجارة بدون أجرة المثل، وبه صرح الإمام، فإن كان الوقف على جهة كالفقراء لم يملك الموقوف عليه المنفعة بل الانتفاع، أو قيد بشئ كما لو وقف دارا على أن يسكنها معلم الصبيان بالقرية مثلا ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها. وقضية هذا منع إعارتها، وهو كذلك وإن جرت عادة الناس بالمسامحة بإعارة بيت المدرس ونحوه، وقد نقل أن المصنف لما ولي دار الحديث وفيها قاعة للشيخ لم يسكنها وأسكنها غيره، فلو قال الواقف:
لتشغل ويعطى المعلم غلتها لم يسكنها كما في الروضة وأصلها عن فتاوى القفال وغيره. ولو حصل من استيفاء المنفعة نقص في عين الموقوف كرصاص الحمام واستوفى الموقوف عليه الأجرة لزمه قيمة ما أذهبته النار من الرصاص مما قبضه من الأجرة وصرفه في مثله، قاله في المطلب تفقها، قال الدميري: وعليه عمل الناس.
تنبيه: أفهم قوله: للموقوف عليه أن الواقف لا ينتفع بشئ من الوقف، لكن يستثنى منه ما لو وقف شخص ملكه مسجدا أو مقبرة أو بئرا فله أن يصلي فيه ويدفن فيه ويستقي منه. (ويملك الأجرة) للموقوف كما لو أجر ملكه لأنها من المنافع.
تنبيه: قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال، وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه. (و) يملك أيضا (فوائده) الحاصلة بعد الوقف عند الاطلاق أو شرط أنها للموقوف عليه، (كثمرة) وأغصان ونحوه مما يعتاد قطعه، لأنها كالثمرة، بخلاف ما لا يعتاد قطعه. نعم إن شرط قطع الأغصان التي لا يعتاد قطعها مع ثمارها كانت له، قاله الإمام. أما الثمرة الموجودة حال الوقف فهي للواقف إن كانت مؤبرة وإلا فقولان، قاله الدارمي. وينبغي أن تكون للموقوف عليه. (وصو ف) وشعر ووبر وريش (ولبن وكذا الولد) الحادث بعد الوقف يملكه الموقوف عليه عند الاطلاق أو عند شرط الولد له، (في الأصح) كالثمرة واللبن. (والثاني: يكون وقفا) تبعا لامه، ولو كانت حاملا عند الوقف فولدها وقف على الثاني، وكذا على الأول بناء على أنه يعلم، وهو الأصح، ومثله الصوف ونحوه كما بحثه شيخنا.
تنبيه: محل ملكه لولد الأمة إذا كان من نكاح أو زنا، فإن كان من وطئ شبهة فهو حر وعلى الواطئ قيمته وتكون ملكا للموقوف عليه إن جعلنا الولد ملكا له، وإلا فيشترى بها عبد ويوقف كما قالاه. وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى، وهو كذلك، وإن قال الأسنوي: إنما يشترى به عبد إذا كان الولد ذكرا وإلا فأنثى كما لو قتل الموقوف، لأن الولد حين انعقاده لم يكن صالحا للوقفية بخلاف الأمة الموقوفة إذا قتلت فشراء العبد بالقيمة أولى، لأنه خير من الأمة ويكسبه ما لا تكسبه فهو أصلح للوقف. وخرج بعند الاطلاق وقف دابة لركوب ففوائدها من در ونحوه للواقف، لأنها لم تدخل في الوقف. والحيوان الموقوف للانزاء لا يستعمل في غير الانزاء، نعم لو عجز عن الانزاء جاز استعمال الواقف له في غيره كما قاله الأذرعي. (ولو ماتت البهيمة) الموقوفة (اختص بجلدها) لأنه أولى بها من غيره، فإن اندبغ ولو بنفسه كما بحثه شيخنا عاد وقفا. قال في الدقائق: وعبرت بالاختصاص لأن النجس لا يوصف بأنه مملوك. وإن قطع بموت البهيمة الموقوفة المأكولة جاز ذبحها للضرورة، وهل يفعل الحاكم بلحمها ما يراه مصلحة أو يباع ويشترى بثمنه دابة من جنسها وتوقف؟ وجهان، رجح الأول ابن المقري والثاني صاحب الأنوار، وهو كما قال شيخنا أولى بالترجيح. فإن لم يقطع بموتها لم يجز ذبحها وإن خرجت عن الانتفاع كما لا يجوز إعتاق العبد الموقوف.
وقضية كلام الروضة أنه لا يجوز بيعها حية، وهو كذلك كما صححه المحاملي والجرجاني، وإن قال الماوردي بالجواز.
(وله) أي الموقوف عليه (مهر) وطئ (الجارية إذا وطئت بشبهة) أو زنا بها مكرهة أو غير مميزة، (أو نكاح إن صححناه) أي نكاحها، (وهو الأصح) إذا زوجها الحاكم من غير الواقف والموقوف عليه وأذن له الموقوف عليه، لأنه