مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٠
نعم للناظر منعه من سكنى الدار الموقوفة عليه ليؤجرها للعمارة إن اقتضاها الحال، لأنه إذا لم يمنعه لربما أدى ذلك إلى الخراب.
وفهم من تجويز الإعارة الإجارة بدون أجرة المثل، وبه صرح الإمام، فإن كان الوقف على جهة كالفقراء لم يملك الموقوف عليه المنفعة بل الانتفاع، أو قيد بشئ كما لو وقف دارا على أن يسكنها معلم الصبيان بالقرية مثلا ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها. وقضية هذا منع إعارتها، وهو كذلك وإن جرت عادة الناس بالمسامحة بإعارة بيت المدرس ونحوه، وقد نقل أن المصنف لما ولي دار الحديث وفيها قاعة للشيخ لم يسكنها وأسكنها غيره، فلو قال الواقف:
لتشغل ويعطى المعلم غلتها لم يسكنها كما في الروضة وأصلها عن فتاوى القفال وغيره. ولو حصل من استيفاء المنفعة نقص في عين الموقوف كرصاص الحمام واستوفى الموقوف عليه الأجرة لزمه قيمة ما أذهبته النار من الرصاص مما قبضه من الأجرة وصرفه في مثله، قاله في المطلب تفقها، قال الدميري: وعليه عمل الناس.
تنبيه: أفهم قوله: للموقوف عليه أن الواقف لا ينتفع بشئ من الوقف، لكن يستثنى منه ما لو وقف شخص ملكه مسجدا أو مقبرة أو بئرا فله أن يصلي فيه ويدفن فيه ويستقي منه. (ويملك الأجرة) للموقوف كما لو أجر ملكه لأنها من المنافع.
تنبيه: قد يفهم هذا أن الناظر لو أجر الوقف سنين بأجرة معجلة أن له صرفها إليه في الحال، وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الإجارة فمن شاء فليراجعه. (و) يملك أيضا (فوائده) الحاصلة بعد الوقف عند الاطلاق أو شرط أنها للموقوف عليه، (كثمرة) وأغصان ونحوه مما يعتاد قطعه، لأنها كالثمرة، بخلاف ما لا يعتاد قطعه. نعم إن شرط قطع الأغصان التي لا يعتاد قطعها مع ثمارها كانت له، قاله الإمام. أما الثمرة الموجودة حال الوقف فهي للواقف إن كانت مؤبرة وإلا فقولان، قاله الدارمي. وينبغي أن تكون للموقوف عليه. (وصو ف) وشعر ووبر وريش (ولبن وكذا الولد) الحادث بعد الوقف يملكه الموقوف عليه عند الاطلاق أو عند شرط الولد له، (في الأصح) كالثمرة واللبن. (والثاني: يكون وقفا) تبعا لامه، ولو كانت حاملا عند الوقف فولدها وقف على الثاني، وكذا على الأول بناء على أنه يعلم، وهو الأصح، ومثله الصوف ونحوه كما بحثه شيخنا.
تنبيه: محل ملكه لولد الأمة إذا كان من نكاح أو زنا، فإن كان من وطئ شبهة فهو حر وعلى الواطئ قيمته وتكون ملكا للموقوف عليه إن جعلنا الولد ملكا له، وإلا فيشترى بها عبد ويوقف كما قالاه. وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى، وهو كذلك، وإن قال الأسنوي: إنما يشترى به عبد إذا كان الولد ذكرا وإلا فأنثى كما لو قتل الموقوف، لأن الولد حين انعقاده لم يكن صالحا للوقفية بخلاف الأمة الموقوفة إذا قتلت فشراء العبد بالقيمة أولى، لأنه خير من الأمة ويكسبه ما لا تكسبه فهو أصلح للوقف. وخرج بعند الاطلاق وقف دابة لركوب ففوائدها من در ونحوه للواقف، لأنها لم تدخل في الوقف. والحيوان الموقوف للانزاء لا يستعمل في غير الانزاء، نعم لو عجز عن الانزاء جاز استعمال الواقف له في غيره كما قاله الأذرعي. (ولو ماتت البهيمة) الموقوفة (اختص بجلدها) لأنه أولى بها من غيره، فإن اندبغ ولو بنفسه كما بحثه شيخنا عاد وقفا. قال في الدقائق: وعبرت بالاختصاص لأن النجس لا يوصف بأنه مملوك. وإن قطع بموت البهيمة الموقوفة المأكولة جاز ذبحها للضرورة، وهل يفعل الحاكم بلحمها ما يراه مصلحة أو يباع ويشترى بثمنه دابة من جنسها وتوقف؟ وجهان، رجح الأول ابن المقري والثاني صاحب الأنوار، وهو كما قال شيخنا أولى بالترجيح. فإن لم يقطع بموتها لم يجز ذبحها وإن خرجت عن الانتفاع كما لا يجوز إعتاق العبد الموقوف.
وقضية كلام الروضة أنه لا يجوز بيعها حية، وهو كذلك كما صححه المحاملي والجرجاني، وإن قال الماوردي بالجواز.
(وله) أي الموقوف عليه (مهر) وطئ (الجارية إذا وطئت بشبهة) أو زنا بها مكرهة أو غير مميزة، (أو نكاح إن صححناه) أي نكاحها، (وهو الأصح) إذا زوجها الحاكم من غير الواقف والموقوف عليه وأذن له الموقوف عليه، لأنه
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429