والكعبة والربط (والمدارس) والثغور وتكفين الموتى، (صح) لعموم أدلة الوقف.
تنبيه: ظاهر كلام الرافعي في قسم الصدقات أن فقير الزكاة والوقف واحد فما منع من أحدهما منع من الآخر، وعلى هذا يجوز الصرف على المساكين أيضا. وقال في الروضة من زوائده آخر الباب: الأصح أن لا يعطي من وقف الفقراء فقيرة لها زوج يمونها ولا المكفي بنفقة أبيه. والمراد بالعلماء أصحاب علوم الشرع كما ذكره في الروضة.
ويدخل في الوقف على الفقهاء من حصل في علم الفقه شيئا يهتدي به إلى الباقي وإن قل، لا المبتدئ من شهر ونحوه، وللمتوسط بينهما درجات يجتهد المفتي فيها. والورع للمتوسط الترك وإن أفتى بالدخول كما نقله المصنف عن الغزالي. وفي الوقف على المتفقهة من اشتغل بالفقه مبتدئة ومنتهية، وفي الوقف على الصوفية النساك الزاهدون المشتغلون بالعبادة في غالب الأوقات المعرضون عن الدنيا، وإن ملك أحدهم دون النصاب أو لا يفي دخله بخرجه ولو خاط ونسج أحيانا في غير حانوت أو درس أو وعظ أو كان قادرا على الكسب أو لم يلبسه الخرقة شيخ، فلا يقدح شئ من ذلك في كونه صوفيا، بخلاف الثروة الظاهرة، ويكفي فيه مع ما مر التزيي بزيهم أو المخالطة. وفي الوقف على سبيل البر أو الخير أو الثواب أقرباء الواقف، فإن لم يوجدوا فأهل الزكاة غير العاملين والمؤلفة، وفي الوقف على سبيل الله الغزاة: الذين هم أهل الزكاة، فإن جمع بين سبيل الله وسبيل البر وسبيل الثواب كان ثلث للغزاة وثلث لأقارب الواقف وثلث لأصناف الزكاة غير العامل والمؤلفة. (أو) وقف على (جهة لا تظهر فيها القربة كالأغنياء) وأهل الذمة والفسقة، (صح في الأصح) نظرا إلى أن الواقف تمليك. والثاني: لا، نظرا إلى ظهور قصد القربة. والثالث: يصح على الأغنياء ويبطل على أهل الذمة والفسقة. وتمثيل المصنف بالأغنياء قد يرشد إليه، واستحسنه في أصل الروضة بعد قوله، الأشبه بكلام الأكثرين ترجيح كونه تمليكا فيصح الوقف على هؤلاء، يعني على الأغنياء وأهل الذمة والفساق. وهذا هو المعتمد، ولذلك أدخلت في كلام المصنف. وممن صرح بصحة الوقف على اليهود والنصارى الماوردي في الحاوي والصيمري في شرح الكفاية، وهو المذكور في الشامل والبحر والتتمة لأن الصدقة عليهم جائزة.
تنبيه: لم يتعرضوا لضابط الغنى الذي يستحق به الوقف على الأغنياء. قال الأذرعي: والأشبه الرجوع فيه إلى العرف. وقال غيره إنه الذي يحرم عليه الصدقة، إما لملكه أو لقوته وكسبه أو كفايته بنفقة غيره، وهذا أولى.
ولو وقف على الأغنياء وادعى شخص أنه غني لم يقبل إلا ببينة، بخلاف ما لو وقف على الفقراء وادعى شخص أنه فقير ولم يعرف له مال فيقبل بلا بينة نظرا للأصل فيهما. وقد علم من كلام المصنف أن الشرط انتفاء المعصية لا وجود ظهور القربة. فإن قيل: قد مر أن الوقف على علف الطيور المباحة لا يصح ولا معصية فيه بل فيه قربة، فقد ورد في الخبر:
إن في كل كبد حراء أجرا. أجيب بأن بطلان الوقف ليس من هذه الحيثية، بل من حيثية كونها ليست أهلا للملك كما سبق. ولا يصح الوقف على تزويق المسجد أو نقشه كما في الروضة هنا في آخر الباب، ولا على عمارة القبور لأن الموتى صائرون إلى البلى فلا يليق بهم العمارة. قال الأسنوي: وينبغي استثناء قبور الأنبياء والعلماء والصالحين كنظيره في الوصية. قال صاحب الذخائر: وينبغي حمله على عمارتها ببناء القباب والقناطر عليها على وجه مخصوص، لا بنائها نفسها للنهي عنه اه. وهذا ظاهر. ويصح الوقف على المؤن التي تقع في البلد من جهة السلطان ووقف بقرة أو نحوها على رباط إذا قال ليشرب لبنها من ينزل أو ليباع نسلها ويصرف ثمنه في مصالحه، فإن أطلق قال القفال: لم يصح وإن كنا نعلم أنه يريد ذلك، لأن الاعتبار باللفظ. قال الأذرعي: والظاهر أن ما قاله القفال بناء على طريقته من أنه إذا وقف شيئا على مسجد كذا لا يصح حتى يبين جهة مصرفه، وطريقة الجمهور تخالفه اه. فالمعتمد كما قال شيخنا هنا الصحة أيضا. ثم شرع في الركن الرابع، فقال: (ولا يصح) الوقف (إلا بلفظ) من ناطق يشعر بالمراد كالعتق بل أولى، وكسائر التمليكات، وفي معناه إشارة الأخرس المفهمة وكتابته، بل وكتابة الناطق مع نيته كالبيع بل أولى.
تنبيه: يستثنى من اشتراط اللفظ ما إذا بنى مسجدا في موات ونوى جعله مسجدا فإنه يصير مسجدا، ولم يحتج