مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٤
فإنه يصح مؤبدا كما لو ذكر فيه شرطا فاسدا، قاله الإمام وتبعه غيره، أي وهو لا يفسد بالشرط الفاسد. (ولو قال: وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله) ونحوه مما لا يدوم، (ولم يزد) على ذلك من يصرف إليه بعدهم، (فالأظهر صحة الوقف) لأن مقصود الوقف القربة والدوام وإذا بين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير، ويسمى منقطع الآخر. والثاني:
بطلانه لانقطاعه. وعلى الأول (فإذا انقرض المذكور فالأظهر أنه يبقى وقفا) لأن وضع الوقف على الدوام كالعتق. والثاني:
يرتفع الوقف ويعود ملكا للواقف أو وارثه إن مات. (و) الأظهر على الأول (أن مصرفه) عند انقراض من ذكر (أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور) لأن الصدقة على الأقارب من أفضل القربات، وفي الحديث: صدقتك على غير رحمك صدقة، وعلى رحمك صدقة وصلة. ويختص المصرف وجوبا كما صرح به الخوارزمي وغيره بفقراء قرابة الرحم لا الإرث في الأصح، فيقدم ابن بنت على ابن عم. فإن قيل: الزكاة وسائر المصارف الواجبة عليه شرعا لا يتعين صرفها ولا الصرف منها إلى الأقارب فهلا كان الوقف كذلك أجيب بأن الأقارب مما حث الشارع عليهم في تحبيس الوقف، لقوله (ص) لأبي طلحة: أرى أن تجعلها في الأقربين فجعلها في أقاربه وبني عمه. وأيضا الزكاة ونحوها من المصارف الواجبة لها مصرف متعين فلم تتعين الأقارب، وهنا ليس معنا مصرف متعين، والصرف إلى الأقارب أفضل فعيناه . والثاني: يصرف إلى الفقراء والمساكين لأن الوقف يؤول إليهم في الانتهاء. وعلى الأول فإن لم يكن له أقارب صرف الإمام الريع إلى مصالح المسلمين كما حكاه الروياني عن النص، وقيل: يصرف إلى الفقراء والمساكين.
تنبيه: هذا إذا كان الواقف مالكا مستقلا، فإن وقف الإمام من بيت المال على بني فلان ثم انقرضوا، قال الزركشي:
لم يصرف إلى أقارب الإمام بل في المصالح، قال: وهذا أصح وإن لم يذكروه. وقد وقع في الفتاوى: ولو لم يعرف أرباب الوقف فمصرفه كما في منقطع الآخر. (ولو كان الوقف منقطع الأول كوقفته على) ولدي ولا ولد له أو على مسجد سيبني أو على (من سيولد لي) ثم الفقراء، (فالمذهب بطلانه) لأن الأول باطل لعدم إمكان الصرف إليه في الحال فكذا ما ترتب عليه.
والطريق الثاني فيه قولان: أحدهما الصحة وصححه المصنف في تصحيح التنبيه، ولو وقف على بعض ورثته في المرض ولم يجز الباقون أو على مبهم ثم الفقراء فمنقطع الأول.
تنبيه: تمثيل المصنف لمنقطع الأول ناقص، فكان ينبغي أن يزيد ما قدرته وإلا فهو منقطع الأول والآخر، ولا خلاف في بطلانه كما قاله القاضي وغيره. (أو) كان الوقف (منقطع الوسط) بفتح السين، (كوقفت على أولادي ثم) على (رجل) منهم (ثم) على (الفقراء، فالمذهب صحته) لوجود المصرف في الحال والمال، والخلاف هنا مبني على الخلاف في منقطع الآخر وأولى بالصحة لما ذكر. وعلى الأول بعد أولاده يصرف للفقراء لا لأقرب الناس إلى الواقف لعدم معرفة أمد الانقطاع، فإن قال: وقفت على أولادي ثم على العبد نفسه ثم على الفقراء كان منقطع الوسط أيضا، ولكن في هذه الصورة يصرف بعد أولاده لأقرباء الواقف مثل ما مر في منقطع الآخر، والشارح جعل صورة المتن كهذه الصورة وتبعه كثير من الشراح، وليس كذلك، ولم أر من نبه على التفرقة بين الصورتين غير ابن المقري في روضه، وتبعه على ذلك شيخنا في شرح منهجه. ثم شرع في الشرط الثاني وهو بيان المصرف، فقال: (ولو اقتصر على) قوله (وقفت) كذا ولم يذكر مصرفه، (فالأظهر بطلانه) لعدم ذكر مصرفه. فإن قيل: لو قال: أوصيت بثلث مالي ولم يذكر مصرفا أن يصح ويصرف للمساكين، فهلا كان هنا كذلك كما يقول به مقابل الأظهر واختاره الشيخ أبو حامد ومال إليه السبكي
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429