مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٥
ذلك (بسراية) وقيمته خمسون، (فالواجب الأقصى أيضا) وهو المائة، لأنا إذا اعتبرنا الأقصى في اليد العادية فلان يعتبر في نفس الاتلاف أولى. (ولا تضمن الخمر) سواء أكانت لمسلم أم لغيره محترمة أم لا، إذ لا قيمة لها كالدم والميتة وسائر الأعيان النجسة. والنبيذ كالخمر مع أن اسمها لا يتناوله عند الأكثرين، ولكن لا يريقه إلا بأمر حاكم مجتهد يرى ذلك - كما قاله الماوردي - لئلا يتوجه عليه الغرم، فإنه عند أبي حنيفة مال، والحاكم المقلد الذي يرى إراقته كالمجتهد في ذلك. قال الأذرعي: وكأن الكلام مفروض فيما إذا كان المتجاهر به مستحله مذهبا أو تقليدا، أما إذا كان ممن يرى تحريمه فالظاهر أنه في حقه كالخمر المجمع عليها، وهل العامي الذي لا يتبع مذهبا كهذا أو يصرف لمستبيح؟ فيه احتمال اه‍. واعترض بأن توقي الغرم عند من يراه لا فرق فيه بين من يعتقد تحريمه وغيره، فلا وجه لما قاله. وذكر المصنف في الدقائق أن الحشيشة مسكرة، وعلى هذا فيتجه كما قال الأسنوي إلحاقها بالخمر. ولا ضمان في المتنجس من المائع في أحد وجهين يظهر ترجيحه لعدم صحة بيعه، وأما إناء الخمر ونحوه فيجوز كسره إذا لم يقدر على الإراقة إلا به، أو كان الاناء ضيق الرأس، أو لو اشتغل بإراقته أدركه الفساق ومنعوه، أو كان يضيع زمانه ويتعطل شغله، ذكره الغزالي.
وللولاة كسر آنية الخمر والنبيذ زجرا وتأديبا دون الآحاد، وقد فعل ذلك في زمنه (ص). قال الأسنوي: وهو من النفائس المهمة. (ولا تراق) الخمر ونحوها (على ذمي) لأنهم يقرون على الانتفاع بها كما قاله في الكفاية. (إلا أن يظهر شربها أو بيعها) أو غيرهما كهبتها ولو من مثله فتراق عليه، لأن في إظهار ذلك استهانة بالاسلام كإظهارهم كفرهم، والاظهار هو الاضطلاع عليه من غير تجسس، والخنزير كالخمر في ذلك. هذا إذا كانوا بين أظهرنا، فإن انفردوا بقرية مثلا فلا يعترض عليهم إذا تظاهروا بالخمر ونحوها كما سيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب الجزية. (وترد عليه) إذا لم يظهرها وجوبا، (إن بقيت العين) لما سبق من تقريرهم عليها، والمؤنة على الآخذ في الأصح في الشرح والروض في باب الجزية، فهو مستثنى من قاعدة من لا يضمن العين لا يضمن ردها. قال في الام: ومن تعرض لهم زجر، فإن عاد أدب. (وكذا) ترد الخمرة (المحترمة) إن بقيت وما ألحق بها (إذا غصبت من مسلم) عليه، لأن له إمساكها لتصير خلا. أما غير المحترمة فلا ترد عليه بل تراق. والمحترمة كما قال الرافعي هنا: هي التي عصرت من غير قصد الخمرية، وهو أولى من قوله في الرهن: هي التي عصرت بقصد الخلية، فالتي عصرت بغير قصد شئ محترمة على الأول دون الثاني. ومن أظهر خمرا وزعم أنها خمر خل، قال الإمام: لم يقبل منه، قال الأذرعي: إلا أن يكون معلوم الورع مشهور التقوى وإلا لاتخذ الفساق ذلك ذريعة إلى اقتناء الخمر بإظهارها وأنهم عصروها للخلية اه‍. وهو تفصيل حسن، وهو مأخوذ من قول الإمام. ولو اطلعنا على خمر ومعها مخايل تشهد بأنها خمر خل، فالمذهب أنا لا نتعرض لها. (والأصنام) والصلبان (وآلات الملاهي) كالطنبور (لا يجب في إبطالها شئ) لأن منفعتها محرمة لا تقابل بشئ. وقضية التعليل كما قال الأسنوي: أن ما جاز من آلات اللهو كالدف يجب الأرش على كاسره. وفي أواني الذهب والفضة خلاف مبني على حل الاتخاذ. (والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش) لامكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية. نعم للإمام ذلك زجرا وتأديبا على ما قاله الغزالي في إناء الخمر بل أولى. (بل تفصل لتعود كما قبل التأليف) لزوال الاسم بذلك. والثاني: لا يجب تفصيل الجميع بل بقدر ما لا يصلح للاستعمال، ولا يكفي إزالة الأوتار فقط جزما لأنها منفصلة عنها. والثالث: تكسر حتى تنتهي إلى حد لا يمكن اتخاذ آلة محرمة لا الأولى ولا غيرها. ولو زاد في الكسر على المشروع غرم التفاوت بينه وبين المشروع، ولو اختلفا في الزيادة على الحد المشروع وادعى صاحب الآلة الزيادة وأنكر المتلف قال الزركشي: ينبغي أن يصدق صاحب الآلة كما يصدق المالك فيما لو أراق شيئا وقال المالك كان عصيرا وقال المتلف بل خمرا، فإن المالك يصدق بيمينه كما قاله البغوي في فتاويه، إذ الأصل بقاء المالية.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429