، وجرى عليه ابن المقري، ويوافقه ما سيأتي في الدعوى. ونقل في أصل الروضة أيضا عن الجمهور أنه يضمن الجميع بنقد البلد، والأول أوجه. فإن كانت الصنعة محرمة كالإناء من أحد النقدين ضمنه بمثله وزنا كالسبيكة وغيرها مما لا صنعة فيه كالتبر. سابعها: إذا تعذر المثل كما قال: (فإن تعذر) المثل بأن لم يوجد بمحل الغصب ولا حوله فيما دون مسافة القصر كما في السلم، أو منعه من الوصول إليه مانع، (فالقيمة) لأنه لما تعذر المثل أشبه ما لا مثل له بالكلية. ولو وجد المثل بعد أخذ القيمة فليس لأحدهما ردها وطلبه في الأصح كما اقتضاه كلام الشرح والروضة وإن مال السبكي إلى مقابله، وللمغصوب منه أن يصير حتى يوجد المثل ولا يكلف أخذ القيمة لأنها لم تتعين بخلاف غيرها من الديون إذا دفعها وهي في ذمته وامتنع صاحب الحق من قبضها حيث يجبر. (والأصح أن المعتبر أقصى قيمه) بفتح الياء وكسر الميم جمع قيمة بسكون الياء. (من وقت الغصب إلى تعذر المثل) أي إذا كان المثل موجودا عند التلف فلم يسلمه حتى فقده كما صرح به في المحرر، والمراد أقصى قيم المثل. كما صححه السبكي كما هو ظاهر كلام الأصحاب، خلافا لبعض المتأخرين القائل بأن المراد المغصوب، لأن المغصوب بعد تلفه لا تعتبر الزيادة الحاصلة فيه بعد التلف لأن وجود المثل كبقاء عين المغصوب لأنه كان مأمورا برده كما كان مأمورا برد المغصوب، فإذا لم يفعل غرم أقصى قيمه، أما إذا كان المثل مفقودا عند التلف فالأصح وجود الأكثر من الغصب إلى التلف كما قاله الشيخان. ومقابل الأصح أحد عشر وجها: قيل: قيمة يوم المطالبة، وقيل: يوم التلف، وقيل: يوم فقد المثل. (ولو نقل المغصوب المثلي إلى بلد آخر فللمالك أن يكلفه رده) إلى بلده إذا علم مكانه ليرده كما أخذه. (و) له (أن يطالبه) مع ذلك كما نبه عليه الأسنوي (بالقيمة في الحال) أي قبل الرد للحيلولة بينه وبين ملكه إن كان بمسافة بعيدة وإلا فلا يطالب إلا بالرد، قاله الماوردي. وهذا كما قال الأذرعي فيما إذا لم يخف هرب الغاصب أو تواريه، وإلا فالوجه عدم الفرق بين المسافتين. فإن قيل: في عبارة المصنف تكرار فإن هذا داخل في قوله:
وعلى الغاصب الرد، فإن هذه بعض تلك، فإن تلك أعم من المثلي ومن المتقوم المستقر في بلد الغاصب والمنقول عنه بنقل الغاصب أو بغيره. أجيب بأنه إنما ذكره هنا لأنه لو اقتصر على أن له المطالبة بالقيمة في الحال لتوهم أن ليس له سوى ذلك مع أن له الجمع بينهما كما تقرر، وإنما لم يغرم المثل في المثلي كما قال الأسنوي إنه القياس لأنه لا بد من التراد، فقد يرتفع السعر وينخفض فيلزم الضرر والقيمة شئ واحد، وهذه القيمة يملكها الآخذ على الأصح وإلا لما سدت مسد المغصوب، وهو كملك القرض كما صرح به القاضي حسين والإمام لأنه ينتفع به على حكم رده أو بدله عند رد العين، وليس لنا موضع يجتمع فيه ملك البدل والمبدل على المذهب إلا هذه. والقيمة الواجبة أقصى القيم من الغصب إلى الطلب، فقول المصنف: في الحال متعلق بقوله: يطالبه لا بالقيمة. وينبغي كما قال الأسنوي إذا زادت القيمة بعد هذا أن يطالب لأنه باق على ملكه.
تنبيه: قول المصنف: إلى بلد آخر يفهم أن النقل إلى دار أخرى بالبلد لا يسلط على طلب القيمة، وهو ظاهر إذا أمكنه إحضاره في الحال وإلا كان له ذلك كما قاله الأذرعي. (فإذا رده) أي المغصوب (ردها) أي القيمة إن كانت باقية وإلا فبدلها لزوال الحيلولة. ويجب على الغاصب رد المغصوب إذا عاد بعد أخذ القيمة واسترجاع القيمة جزما، بخلاف ما لو غرم القيمة لاعزاز المثل ثم وجد المثل فإنه لا يرد على الأصح. والفرق أن المغصوب عين حقه والمثل بدل حقه، ولا يلزم من تمكينه من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه، فإن اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع بشروطه.
ويجب على الغاصب أجرة المغصوب إلى وصوله للمالك ولو أعطى القيمة للحيلولة، وكذا حكم ضمان زوائده وأرش جنايته، وليس للمغصوب منه إمساك الدراهم المبدولة إذا كانت باقية وغرامة مثلها كما في زوائد الروضة لما مر أنها كالقراض فيردها بزوائدها المتصلة دون المنفصلة، ويتصور زيادتها بأن يدفع عنها حيوانا فينتج أو شجرة فتثمر كما قاله العمراني، أو بأن يكون ببلد يتعامل أهله بالحيوان كما قاله بعضهم.