مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
، وجرى عليه ابن المقري، ويوافقه ما سيأتي في الدعوى. ونقل في أصل الروضة أيضا عن الجمهور أنه يضمن الجميع بنقد البلد، والأول أوجه. فإن كانت الصنعة محرمة كالإناء من أحد النقدين ضمنه بمثله وزنا كالسبيكة وغيرها مما لا صنعة فيه كالتبر. سابعها: إذا تعذر المثل كما قال: (فإن تعذر) المثل بأن لم يوجد بمحل الغصب ولا حوله فيما دون مسافة القصر كما في السلم، أو منعه من الوصول إليه مانع، (فالقيمة) لأنه لما تعذر المثل أشبه ما لا مثل له بالكلية. ولو وجد المثل بعد أخذ القيمة فليس لأحدهما ردها وطلبه في الأصح كما اقتضاه كلام الشرح والروضة وإن مال السبكي إلى مقابله، وللمغصوب منه أن يصير حتى يوجد المثل ولا يكلف أخذ القيمة لأنها لم تتعين بخلاف غيرها من الديون إذا دفعها وهي في ذمته وامتنع صاحب الحق من قبضها حيث يجبر. (والأصح أن المعتبر أقصى قيمه) بفتح الياء وكسر الميم جمع قيمة بسكون الياء. (من وقت الغصب إلى تعذر المثل) أي إذا كان المثل موجودا عند التلف فلم يسلمه حتى فقده كما صرح به في المحرر، والمراد أقصى قيم المثل. كما صححه السبكي كما هو ظاهر كلام الأصحاب، خلافا لبعض المتأخرين القائل بأن المراد المغصوب، لأن المغصوب بعد تلفه لا تعتبر الزيادة الحاصلة فيه بعد التلف لأن وجود المثل كبقاء عين المغصوب لأنه كان مأمورا برده كما كان مأمورا برد المغصوب، فإذا لم يفعل غرم أقصى قيمه، أما إذا كان المثل مفقودا عند التلف فالأصح وجود الأكثر من الغصب إلى التلف كما قاله الشيخان. ومقابل الأصح أحد عشر وجها: قيل: قيمة يوم المطالبة، وقيل: يوم التلف، وقيل: يوم فقد المثل. (ولو نقل المغصوب المثلي إلى بلد آخر فللمالك أن يكلفه رده) إلى بلده إذا علم مكانه ليرده كما أخذه. (و) له (أن يطالبه) مع ذلك كما نبه عليه الأسنوي (بالقيمة في الحال) أي قبل الرد للحيلولة بينه وبين ملكه إن كان بمسافة بعيدة وإلا فلا يطالب إلا بالرد، قاله الماوردي. وهذا كما قال الأذرعي فيما إذا لم يخف هرب الغاصب أو تواريه، وإلا فالوجه عدم الفرق بين المسافتين. فإن قيل: في عبارة المصنف تكرار فإن هذا داخل في قوله:
وعلى الغاصب الرد، فإن هذه بعض تلك، فإن تلك أعم من المثلي ومن المتقوم المستقر في بلد الغاصب والمنقول عنه بنقل الغاصب أو بغيره. أجيب بأنه إنما ذكره هنا لأنه لو اقتصر على أن له المطالبة بالقيمة في الحال لتوهم أن ليس له سوى ذلك مع أن له الجمع بينهما كما تقرر، وإنما لم يغرم المثل في المثلي كما قال الأسنوي إنه القياس لأنه لا بد من التراد، فقد يرتفع السعر وينخفض فيلزم الضرر والقيمة شئ واحد، وهذه القيمة يملكها الآخذ على الأصح وإلا لما سدت مسد المغصوب، وهو كملك القرض كما صرح به القاضي حسين والإمام لأنه ينتفع به على حكم رده أو بدله عند رد العين، وليس لنا موضع يجتمع فيه ملك البدل والمبدل على المذهب إلا هذه. والقيمة الواجبة أقصى القيم من الغصب إلى الطلب، فقول المصنف: في الحال متعلق بقوله: يطالبه لا بالقيمة. وينبغي كما قال الأسنوي إذا زادت القيمة بعد هذا أن يطالب لأنه باق على ملكه.
تنبيه: قول المصنف: إلى بلد آخر يفهم أن النقل إلى دار أخرى بالبلد لا يسلط على طلب القيمة، وهو ظاهر إذا أمكنه إحضاره في الحال وإلا كان له ذلك كما قاله الأذرعي. (فإذا رده) أي المغصوب (ردها) أي القيمة إن كانت باقية وإلا فبدلها لزوال الحيلولة. ويجب على الغاصب رد المغصوب إذا عاد بعد أخذ القيمة واسترجاع القيمة جزما، بخلاف ما لو غرم القيمة لاعزاز المثل ثم وجد المثل فإنه لا يرد على الأصح. والفرق أن المغصوب عين حقه والمثل بدل حقه، ولا يلزم من تمكينه من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه، فإن اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع بشروطه.
ويجب على الغاصب أجرة المغصوب إلى وصوله للمالك ولو أعطى القيمة للحيلولة، وكذا حكم ضمان زوائده وأرش جنايته، وليس للمغصوب منه إمساك الدراهم المبدولة إذا كانت باقية وغرامة مثلها كما في زوائد الروضة لما مر أنها كالقراض فيردها بزوائدها المتصلة دون المنفصلة، ويتصور زيادتها بأن يدفع عنها حيوانا فينتج أو شجرة فتثمر كما قاله العمراني، أو بأن يكون ببلد يتعامل أهله بالحيوان كما قاله بعضهم.
(٢٨٣)
مفاتيح البحث: الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429