تنبيه: استثنى المتولي ما إذا كانت الجناية فيما يتقدر كاليد وكان الناقص أكثر من مقدره أو مثله فلا توجب جميعه، لأنه يؤدي إلى أن يزيد على موجب الجناية أو يساويه بإدخال خلل في العضو على نفس العضو. لكن الحاكم يوجب فيه حكومة باجتهاده، قال البلقيني: وهذا تفصيل لا بد منه، وإطلاق من أطلق محمول عليه اه. وهذا كما قال شيخنا إنما يأتي في غير الغاصب، أما فيه فيضمن بالنقص مطلقا، والكلام إنما هو فيه. (وكذا) تضمن الابعاض (المقدرة) كاليد والرجل بما نقص من قيمته (إن تلفت) بآفة سماوية، لأن الساقط من غير جناية لا يتعلق به قصاص ولا كفارة ولا يضرب على العاقلة فأشبه الأموال.
تنبيه: أفهم قوله: بما نقص من قيمته أنه لو لم تنقص القيمة كما لو سقط ذكره وأنثياه كما هو الغالب من عدم تنقيص القيمة لم يلزمه شئ قطعا، وهو كذلك. (وإن أتلفت) بجناية فكذا) تضمن بما نقص من قيمته (في القديم) قياسا على البهيمة، لأنه حيوان مملوك. (وعلى الجديد تتقدر من الرقيق) لأنه يشبه الحر في كثير من الأحكام، (والقيمة فيه كالدية في الحر، ففي يده) ولو مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد، (نصف قيمته) هذا إذا كان الجاني غير الغاصب وإن كان في يد الغاصب كما قاله شيخنا في شرح الروض كما يضمن يد الحر بنصف دية، وسيأتي بسط ذلك في آخر الديات إن شاء الله تعالى، فإن المصنف أعادها هناك. أما الغاصب ذو اليد العادية فيلزمه أكثر الامرين من أرشه ونصف قيمته لاجتماع الشبهين، فلو كان الناقص بقطعها ثلثي قيمته لزماه النصف بالقطع والسدس باليد العادية، نعم إن قطعها المالك ضمن الغاصب الزائد على النصف فقط، نقله الأذرعي عن الروياني. وقياسه أنه لو قطعها أجنبي أنه يستقر عليه الزائد على النصف، ولو قطع الغاصب منه أصبعا زائدة وبرئ ولم تنقص قيمته، قال ابن سريج: لا شئ عليه، وقال أبو إسحاق: يلزمه ما نقص ويقوم قبل البرء والدم سائل للضرورة اه. وهذا أوجه. ولو قطعت يده قصاصا أو حدا فكالآفة كما صححه البلقيني، والمبعض يعتبر بما فيه من الرق كما ذكره الماوردي، ففي قطع يده مع ربع الدية أكثر الامرين من ربع القيمة ونصف الأرش.
تنبيه: قد علم من كلام المصنف أن في يدي الرقيق قيمته، واستثنى منها مسألة، وهي ما إذا اشترى عبدا ثم قطع يديه في يد البائع فلا يجعل قابضا للعبد ويجب ما نقص من قيمته، فإنا لو أوجبنا القيمة لزم أن يكون المشتري قابضا للعبد والعبد المقطوع في يد البائع، حكاه الإمام عن ابن سريج وقال: إنه من محاسن تفريعاته اه. وفي هذا نظر، بل يأخذه المشتري بالثمن ولا أرش له لحصول ذلك بفعله. (و) يضمن (سائر) أي باقي (الحيوان) غير الآدمي (بالقيمة) تلف أو أتلف، وتضمن أجزاؤه تلفت أو أتلفت بما نقص من قيمته، لأنه مملوك لا يشبه الحر في أكثر أحكامه فأوجبنا فيه ما نقص قياسا على الجهاد. ولو جنى على بهيمة حامل فألقت جنينا حيا ثم مات من ألم الجناية فهل تجب قيمته حيا أو أكثر الامرين من قيمته ونقص الام بالولادة؟ قولان في النهاية: أوجههما كما قال شيخي الثاني.
تنبيه: ما قررت به كلام المصنف من أن ذلك شامل للحيوان ولأجزائه تبعا لابن النقيب أولى من اقتصار الأسنوي على أجزائه. هذا كله في غير الغاصب، أم هو فيضمن ما ذكر بأقصى قيمه من حين الغصب إلى حين التلف.
ويستثنى من إطلاق المصنف قتل الصيد في الحرم فيضمن بمثله من النعم لأجل النص فيه. (وغيره) أي الحيوان من الأموال قسمان: (مثلي ومتقوم) بكسر الواو، وقيل بفتحها، لأن المال إن كان له مثل فهو المثلي وإلا فالمتقوم. (والأصح أن المثلي ما حصره كيل أو وزن وجاز السلم فيه) فخرج بقيد الكيل والوزن ما يعد كالحيوان أو يذرع كالثياب، وبجواز السلم فيه الغالية والمعجون ونحوهما، لأن المانع من ثبوت ذلك في الذمة بعقد السلم مانع من ثبوته بالتلف والاتلاف.