مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٢
وشمل التعريف الردئ نوعا، أما الردئ عيبا فليس بمثلي لأنه لا يجوز السلم فيه. فإن قيل: يرد على هذا الحد القمح المختلط بالشعير فإنه لا يجوز السلم فيه مع أن الواجب فيه المثل فيخرج القدر المحقق منهما. أجيب بأن إيجاب رد مثله لا يستلزم كونه مثليا كما في إيجاب رد مثل المتقوم في القرض، وبأن امتناع السلم في جملته لا يوجب امتناعه في جزأيه الباقيين بحالهما، ورد المثل إنما هو بالنظر إليهما والسلم فيهما جائز. قال الزركشي: وقد يمنع رد مثله لأنه بالاختلاط انتقل من المثلي إلى المتقوم لجهل بالقدر، لكن أورد عليه خل التمر فإنه متقوم ويحصره الكيل أو الوزن ويجوز السلم فيه.
ثم شرع في أمثلة يتضح بها الضابط، فقال: (كماء) قال في المطلب: بارد، إذ الحار متقوم لدخول النار فيه. قال الأذرعي:
وهذا يطرق غيره من المائعات، وعلى هذا فهو خارج بقولهم وجاز السلم فيه لكن في الكفاية في باب الربا عن الإمام أنه يجوز بيع الماء المسخن بعضه ببعض اه‍. وهذا هو المعتمد. (وتراب) ورمل (ونحاس) بضم النون بخطه، وحكي كسرها، وحديد (وتبر) وهو الذهب الخارج من المعدن الخالص عن ترابه قبل أن يصاغ، وبعضهم أطلقه على الفضة أيضا، وأطلقه الكسائي على الحديد والنحاس. (ومسك) وعنبر (وكافور) وثلج وجمد (وقطن) ولو بحبه كما صرح به الرافعي في السلم. قال الأسنوي: ولم يستحضر في المطلب ما قاله الرافعي هناك، فقال: أما قبل نزع حبه فالذي يظهر القطع بأنه متقوم، وأما الصوف فقال الشافعي: يضمن بالمثل إن كان له مثل. قيل: وهذا توقف منه في أنه مثلي أم لا، ومع هذا فهو كالقطن. (وعنب) ورطب وسائر الفواكه الرطبة على الأصح في الشرح والروضة، وهذا هو المعتمد، وإن صححا فيهما في باب زكاة المعشرات عن الأكثرين: أن الرطب والعنب غير مثليين، وتقدم الكلام عليهما هناك.
(ودقيق) ونخالة كما في فتاوى ابن الصلاح، وكذا الحبوب الجافة والادهان والألبان والخلول التي ليس فيها ماء والسمن والمخيض والدراهم والدنانير الخالصة والمغشوشة والمكسرة والسبيكة، (لا غالية ومعجون) لأنهما مختلطان من أجزاء مختلفة، فهما مما خرج بقيد جواز السلم. (فيضمن المثلي بمثله) لأنه أقرب إلى حقه، ولان المثل كالنص لأنه محسوس والقيمة كالاجتهاد. (تلف أو أتلف) زاد في المحرر: تحت اليد العادية، لقوله لها في أول الفصل، فحذفها المصنف فورد عليه المستعير والمستام فإنهما يضمنان المثلي بالقيمة كما تقدم التنبيه عليه في المستعير، فكان الأحسن ذكره هنا وحذفه هناك، لكن لما كان كلامه في الغصب استغنى عن ذلك.
تنبيه: استثني من ذلك مسائل: إحداها إذا خرج المثلي عن أن يكون له قيمة كمن غصب جمدا في الصيف أو ماء في مفازة وتلف أو أتلفه هناك بلا غصب ثم اجتمع المالك والغاصب أو المتلف في الشتاء في الأولى أو على ماء نهر في الثانية لزمه قيمة المثل في الصيف في الأولى وفي مثل تلك المفازة في الثانية، ثم إذا اجتمعا في الصيف أو في مثل تلك المفازة فلا تراد.
ثانيها: لو غصب مثليا له مؤنة كأن نقل المالك برا من مصر إلى مكة ثم غصبه شخص هناك ثم طالبه مالكه به في مصر، فإنه يلزمه قيمته بمكة كما أفتى به شيخي لأجل المؤنة. ثالثها: لو صار المثلي متقوما كجعله الدقيق خبزا أو صار المتقوم مثليا كجعله الشاة لحما أو صار المثلي مثليا آخر كجعله السمسم شيرجا ثم تلف عنده أخذ المالك المثل في الثلاثة مخيرا في الثالث منها بين المثلين، إلا أن يكون الآخر أكثر قيمة فيؤخذ هو في الثالث وقيمته في الأولين، وهذا محل الاستثناء، أما لو صار المتقوم متقوما آخر كحلي صبغ من إناء غير ذهب ولا فضة فيجب فيه أقصى القيم كما يعلم مما يأتي في غير المثلي. رابعها: لو تراضيا على أخذ القيمة مع وجود المثل جاز في أحد وجهين، قطع به المتولي وهو المعتمد كما رجحه ابن المقري، فعلى هذا لا يتعين ضمان المثلي بالمثل إلا إذا لم يرض مالكه بأخذ القيمة. خامسها: لو غصب مثليا وتلف ثم ظفر بالغاصب في غير بلد التلف على ما سيأتي. سادسها: إذا وجده بأكثر من ثمن مثله لأن وجوده بأكثر من ثمن مثله كالمعدوم، ولو غصب حليا من ذهب وزنه عشرة دنانير مثلا وقيمته عشرون دينارا أو تلف ضمن التبر بمثله لأنه مثلي كما مر، والصنعة بقيمتها لأنها متقومة من نقد البلد، وإن كان من جنس الحلي ولا ربا لاختصاصه بالعقود، وهذا ما نقله في أصل الروضة عن البغوي
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429