أفتى ابن الصلاح في نظيره من الإجارة.
فرع: لو قطع شخص غصنا له ووصله بشجرة غيره فثمرة الغصن لمالكه لا لمالك الشجرة كما لو غرسه في أرض غيره، ثم إن كان الوصل بإذن المالك فليس له قطعة مجانا بل يتخير المالك بين أن يبقيه بالأجرة أو يقلعه مع غرامه أرش النقص ولا يتملكه بالقيمة وإن قلنا فيما مر أنه يتملك بالقيمة البناء والغراس للفرق الواضح. (فإن لم يختر) أي المعير واحدة من الخصال التي خير فيها، (لم يقلع مجانا) أي ليس له ذلك (إن بذل) بالذال المعجمة: أي أعطى (المستعير الأجرة) لانتفاء الضرر، (وكذا إن لم يبذلها في الأصح) لأن المعير مقصر بترك الاختيار راض بإتلاف منافعه. والثاني: يقلع لأنه بعد الرجوع لا يجوز الانتفاع بماله مجانا. (ثم) على الأصح (قيل يبيع الحاكم الأرض وما فيها) من بناء وغراس، (ويقسم بينهما) على ما يذكره بعد فصلا للخصومة. (والأصح أنه) أي الحاكم (يعرض عنهما حتى يختارا شيئا) أي يختار المعير ماله اختياره ويوافقه المستعير عليه لينقطع النزاع بينهما.
تنبيه: في نسخة المصنف إثبات الألف في يختارا كما رأيتها بخطه وهو ما في المحرر، ولكن الذي في أكثر نسخ الشرحين وفي الروضة بخط المصنف يختار بغير ألف، وصحح بخطه على موضع سقوط الألف، قال السبكي: وهو أحسن، وقال الأسنوي: إنه الصواب لأن اختيار المعير كاف في فصل الخصومة اه. وقال الأذرعي: إن الوجه إثباتها. ثم حكى عن جماعة أنهم عبروا عن الوجه الأصح بأن يقال لهما انصرفا حتى تصطلحا على شئ، قال: فأفهم ذلك أن قوله: يختارا أثبت في النقل وأعم، ولم أر في شئ من نسخ الشرحين إسقاط الألف اه. وهذا أوجه، وهو الذي حليت عليه عبارة المصنف تبعا للشارح فإن المعير قد يختار ما لا يجبر عليه المستعير ولا يوافقه عليه. ثم فرع المصنف على الاعراض عنهما حتى يختارا فقال: (وللمعير دخولها والانتفاع بها) في مدة المنازعة لأنها ملكه، وله الاستظلال بالبناء والغراس، قال الإمام: والظاهر لزوم الأجرة مدة التوقف. وجزم في البحر بأن لا أجرة له، وهو أوجه لأن الخبرة في ذلك إليه. (ولا يدخلها المستعير بغير إذن) من المعين (للتفرج) لأنه لا ضرورة به إليه فكان كالأجنبي.
تنبيه: التفرج لفظة مولدة لعلها من انفراج الهم وهو انكشافه كما قاله المصنف في تحريره، ولو قال بدلها: بلا حاجة لكان أولى. (ويجوز) الدخول (للسقي) للغراس (والاصلاح) له أو للبناء صيانة لملكه عن الضياع، ويجوز أيضا لاخذ ثمر أو جريد أو نحو ذلك من غراسه. نعم لو تعطل نفع الأرض على مالكها بدخوله لم يلزمه أن يمكنه من دخولها إلا بأجرة كما نقله الرافعي عن التتمة وأقره.
تنبيه: فهم مما تقرر في المعير عدم جواز الاستناد إلى البناء والغراس، وبه قطع القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما، وحكاه القاضي حسين ثم استشكله بما مر في الصلح من جواز هذا في جدار الأجنبي. وأجيب بحمل ما هنا على ما فيه ضرر، فإذا لا فرق، وإن فرق بأن المعير حجر على نفسه لعدم اختياره، فلهذا منع بخلاف الأجنبي. (ولكل) من المعير والمستعير (بيع ملكه) من صاحبه ومن غيره كسائر الاملاك، فإن باع المعير لثالث يتخير المشتري كما كان يتخير البائع، وإن باع المستعير كان المعير على خيرته، وللمشتري الفسخ إن جهل الحال، ولو باعا معا بثمن واحد جاز للضرورة ويوزع الثمن عليهما، قال المتولي: كما في رهن الام دون الولد، وقال البغوي: يوزع الثمن على قيمة الأرض مشغولة بالغراس أو البناء وعلى حصة ما فيها وحده، فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير، وبهذا جزم ابن المقري في روضه. (وقيل: ليس للمستعير بيعه لثالث) لأن ملكه غير مستقر فإن للمعير تملكه بالقيمة. وأجاب الأول بأن هذا لا يمنع البيع كما في بيع الشقص المشفوع.