فتح الزق. ولو كان الطائر في أقصى القفص فأخذ يمشي قليلا قليلا ثم طار فكطيرانه في الحال كما قاله القاضي، قال:
ولو كان القفص مفتوحا فمشى إنسان على بابه ففزع الطائر وخرج ضمنه، ولو أمر طفلا أو مجنونا بإرسال طائر في يده فأرسله فهو كفتح القفص عنه كما قاله الماوردي والروياني.
فروع: لو حل رباط عن علف في وعاء فأكلته في الحال بهيمة ضمن. فإن قيل: قد صرح الماوردي بأنه لو حل رباط بهيمة فأكلت علفا أو كسرت إناء لم يضمن سواء اتصل ذلك بالحل أم لا، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنه إنما لم يضمن في تلك لأنه لم يتصرف في التالف بل في المتلف عكس ما هنا. ولو خرجت البهيمة عقب فتح الباب ليلا فأتلفت زرعا أو غيره لم يضمنه الفاتح كما جزم به ابن المقري خلافا لما في الأنوار، إذ ليس عليه حفظ بهيمة الغير عن ذلك. ولو وقف طائر على جداره فنفره لم يضمنه لأن له منعه من جداره، وإن رماه في الهواء ولو في هواء بارد فقتله ضمنه، إذ ليس له منعه من هواء داره. ولو فتح الحرز فأخذ غيره ما فيه أو دل عليه اللصوص فلا ضمان عليه إذ لم تثبت يده على المال وتسببه بالفتح في الأولى قد انقطع بالمباشرة، نعم لو أخذ غيره بأمره وهو أعجمي أو ممن يرى طاعة أمره فعليه الضمان لا على الاخذ. ولو بنى دارا فألقت الريح فيها ثوبا وضاع لم يضمنه، لأنه لم يستول عليه.
تنبيه: كان الأولى أن يقول المصنف عن طير بلا ألف، إذ هو غير طائر في القفص، وقد اعترض المصنف في نكته على التنبيه بذلك. وأجيب بأن الذي قاله جمهور أهل اللغة: أن الطائر مفرد، والجمع طير. (والأيدي المترتبة على يد الغاصب أيدي ضمان وإن جهل صاحبها) أي الأيدي (الغصب) وكانت أيدي أمانة، لأنه وضع يده على ملك غيره بغير إذنه، والجهل ليس مسقطا للضمان بل للإثم فيطالب المالك من شاء منهما، نعم يستثنى الحاكم وأمينه فإنهما لا يضمنان بوضع اليد على وجه الحفظ والمصلحة للمغصوب منه. ومن انتزع المغصوب ليرده لمالكه إن كان الغاصب حربيا ورقيقا للمالك لا غيرهما وإن كان معرضا للضياع كما في الروضة وأصلها في باب اللقطة خلافا للسبكي فيما إذا كان معرضا للضياع.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أنه لو زوج الغاصب المغصوبة وهلكت عند الزوج أن الزوج يطالب بقيمتها. والمذهب أنه لا يطالب بها بخلاف المودع، لأن كونها في حيال الزوج ليس كحلول المال في اليد، وينبغي كما قاله الزركشي تخصيصه بما إذا تلف بغير الولادة وإلا فيضمنها كما أولد أمة غيره بشبهة وماتت بالولادة فإنه يضمنها على الأصح كما قاله الرافعي في الرهن. (ثم إن علم) من ترتبت يده على يد الغاصب الغصب، (فكغاصب من غاصب) حكمه (فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده) لأن حد الغصب صادق عليه، ويطالب بكل ما يطالب به الغاصب ولا يرجع على الأول إن غرم، ويرجع عليه الأول إن غرم. نعم إن كانت القيمة في يد الأول أكثر فالمطالب بالزيادة هو الأول خاصة، وإليه أشار المصنف بقوله: فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده.
تنبيه: لو أبرأ المالك الغاصب الأول لا يبرأ الثاني، وإن أبرأ الثاني برئ الأول لأن الثاني هو الذي يتقرر عليه الضمان والأول كالضامن عنه، قاله القفال في فتاويه. (وكذا) يستقر على من ترتبت يده على يد الغاصب، (إن جهل) الغصب (وكانت يده في أصلها يد ضمان كالعارية) والبيع والقرض والسوم لأنه دخل على الضمان فلم يغره الغاصب.
(وإن) جهل و (كانت) يده (يد أمانة) بلا اتهاب (كوديعة) وقراض، (فالقرار على الغاصب) دونه لأنه دخل على أن يده نائبة عن يد الغاصب لكنه طريق في الضمان، فإن غرم الغاصب لم يرجع على الأمين وإن غرم هو رجع على الغاصب، ومثله ما لو صال المغصوب على شخص فأتلفه، فلو كان هو المالك لم يبرأ الغاصب. أما لو وهب الغاصب المغصوب من شخص فقرار الضمان على الموهوب له على الأظهر، لأنه وإن كانت يده ليست يد ضمان إلا أنه أخذه