مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٦
من النقل، وبه صرح صاحب التعجيز فقال: المعتبر في المنقول النقل إلا في الدابة والفراش فإن الاستيلاء عليهما يتم بالركوب والجلوس، بدليل أنهما لو تنازعا فيه جعلت اليد له. والمعتمد أنه لا فرق بينهما وبين غيرهما، فاستخدام العبد كركوب الدابة كما ذكره ابن كج. (ولو دخل داره) أي دار غيره بعياله أو بدونهم على هيئة من يقصد بالسكنى وإن لم يقصد الاستيلاء، (وأزعجه عنها) أي أخرجه منها كما فسره ابن سيده، (أو أزعجه وقهر على الدار) بما يصير به قابضا في بيعها وهو التسلط على التصرف، (ولم يدخل) - ها، (فغاصب) أما في الأولى فلان وجود الاستيلاء يغني عن قصده، وأما في الثانية فلانه لا يعتبر في قبضها دخولها والتصرف فيها. ولكن لا بد من قصد الاستيلاء كما قاله الماوردي والإمام وإليه أشار المصنف بقوله: وقهره على الدار، فإن وجد الازعاج فقط في الثانية، أو لم يقصد السكنى في الأولى كمن يهجم الدار لاخراج صاحبها كظالم ولا يقيم، فلا يكون غاصبا لشئ منها ولا يضمنها. (وفي الثانية) أي فيما إذا أزعجه وقهره ولم يدخل، (وجه واه) أي ضعيف جدا مجاز عن الاسقاط أنه لا يكون غاصبا، لأن أهل العرف لا يطلقون على ذلك أنه غاصب. وأما أمتعة الدار فإن منع الغاصب المالك منها كان غاصبا لها وإلا فلا، قاله القاضي والمتولي. (ولو سكن بيتا) من الدار (ومنع المالك منه دون باقي الدار فغاصب للبيت فقط) لقصده الاستيلاء عليه دون باقي الدار. (ولو د خل بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها) ولا من يخلفه من أهل ومستأجر ومستعير ونحو ذلك (فغاصب) لها، وإن ضعف الداخل وقوي المالك لحصول الاستيلاء في الحال وأثر قوة المالك وسهولة إزالته لا تمنع في الحال. أما إذا دخل لا على قصد الاستيلاء، بل ينظر هل تصلح له أو ليأخذ مثلها أو نحو ذلك، فإنه لا يكون غاصبا حتى لو انهدمت حينئذ لم يضمنها. (وإن كان) المالك فيها (ولم يزعجه فغاصب لنصف الدار) لاستيلائه مع المالك عليها، (إلا أن يكون) الداخل (ضعيفا لا يعد مستوليا على صاحب الدار) فلا يكون غاصب الشئ منها وإن قصد الاستيلاء إذ لا عبرة بقصد ما لا يتمكن منه، وإنما هذا وسوسة وحديث نفس، ولا يكون في صورة المشاركة السابقة غاصبا للنصف. قال السبكي وقياس ما ذكر هنا يقتضي أنه لو انعكس الحال فكان المالك ضعيفا والداخل بقصد الاستيلاء قويا كان غاصبا للجميع.
قال الأذرعي: وفيه نظر، لأن يد المالك الضعيف موجودة فلا معنى لالغائها بمجرد قوة الداخل اه‍. وهذا كما قال شيخي أوجه.
تنبيه: حيث لا يجعل غاصبا لا يلزمه أجرة كما دل عليه كلام القاضي في فتاويه، فإنه قال: لو دخل سارق ولم يمكنه الخروج وتخبأ في الدار ليلة فلا أجرة عليه لأن اليد للمالك. وقال الأذرعي: ما ذكره القاضي مشكل لا يوافق عليه اه‍.
وهذا أوجه لأنه صدق عليه أنه استمر في داره ليلة بغير إذنه. ولو دفع إلى عبد غيره شيئا ليوصله إلى بيته بغير إذن مالكه كان غاصبا له، قاله القاضي، وطرد ذلك فيما إذا استعمله في شغل، وفي فتاوى البغوي أنه لا يضمن إلا إذا اعتقد طاعة الامر، وهذا أيضا أوجه. قال البغوي: ولو أن الزوج بعث عبد زوجته في شغل دون إذنها ضمنه بكل حال، لأن عبد المرأة قد يرى طاعة زوجها، فهو كالأعجمي في حق الأجنبي. وسئل ابن الصلاح عن رجل أخاف مملوكا لغيره بسبب تهمة فهرب لوقته، فأجاب بأنه لا يضمنه إن لم يكن نقله من مكان إلى مكان لقصد الاستيلاء اه‍. وقوله: نقله إلخ ليس بقيد بل مسكه بيده كاف. ولو استولى على حيوان فتبعه ولده الذي من شأنه أن يتبعه، أو هادي الغنم فتبعه الغنم لم يضمن التابع في الأصح إذ لم يستول عليه، وكذا لو غصب أم النحل لا يضمنه إلا إن استولى عليه خلافا لصاحب المطلب. (وعلى الغاصب الرد) للمغصوب على الفور عند التمكن وإن عظمت المؤنة في رده، ولو كان
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429