من النقل، وبه صرح صاحب التعجيز فقال: المعتبر في المنقول النقل إلا في الدابة والفراش فإن الاستيلاء عليهما يتم بالركوب والجلوس، بدليل أنهما لو تنازعا فيه جعلت اليد له. والمعتمد أنه لا فرق بينهما وبين غيرهما، فاستخدام العبد كركوب الدابة كما ذكره ابن كج. (ولو دخل داره) أي دار غيره بعياله أو بدونهم على هيئة من يقصد بالسكنى وإن لم يقصد الاستيلاء، (وأزعجه عنها) أي أخرجه منها كما فسره ابن سيده، (أو أزعجه وقهر على الدار) بما يصير به قابضا في بيعها وهو التسلط على التصرف، (ولم يدخل) - ها، (فغاصب) أما في الأولى فلان وجود الاستيلاء يغني عن قصده، وأما في الثانية فلانه لا يعتبر في قبضها دخولها والتصرف فيها. ولكن لا بد من قصد الاستيلاء كما قاله الماوردي والإمام وإليه أشار المصنف بقوله: وقهره على الدار، فإن وجد الازعاج فقط في الثانية، أو لم يقصد السكنى في الأولى كمن يهجم الدار لاخراج صاحبها كظالم ولا يقيم، فلا يكون غاصبا لشئ منها ولا يضمنها. (وفي الثانية) أي فيما إذا أزعجه وقهره ولم يدخل، (وجه واه) أي ضعيف جدا مجاز عن الاسقاط أنه لا يكون غاصبا، لأن أهل العرف لا يطلقون على ذلك أنه غاصب. وأما أمتعة الدار فإن منع الغاصب المالك منها كان غاصبا لها وإلا فلا، قاله القاضي والمتولي. (ولو سكن بيتا) من الدار (ومنع المالك منه دون باقي الدار فغاصب للبيت فقط) لقصده الاستيلاء عليه دون باقي الدار. (ولو د خل بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها) ولا من يخلفه من أهل ومستأجر ومستعير ونحو ذلك (فغاصب) لها، وإن ضعف الداخل وقوي المالك لحصول الاستيلاء في الحال وأثر قوة المالك وسهولة إزالته لا تمنع في الحال. أما إذا دخل لا على قصد الاستيلاء، بل ينظر هل تصلح له أو ليأخذ مثلها أو نحو ذلك، فإنه لا يكون غاصبا حتى لو انهدمت حينئذ لم يضمنها. (وإن كان) المالك فيها (ولم يزعجه فغاصب لنصف الدار) لاستيلائه مع المالك عليها، (إلا أن يكون) الداخل (ضعيفا لا يعد مستوليا على صاحب الدار) فلا يكون غاصب الشئ منها وإن قصد الاستيلاء إذ لا عبرة بقصد ما لا يتمكن منه، وإنما هذا وسوسة وحديث نفس، ولا يكون في صورة المشاركة السابقة غاصبا للنصف. قال السبكي وقياس ما ذكر هنا يقتضي أنه لو انعكس الحال فكان المالك ضعيفا والداخل بقصد الاستيلاء قويا كان غاصبا للجميع.
قال الأذرعي: وفيه نظر، لأن يد المالك الضعيف موجودة فلا معنى لالغائها بمجرد قوة الداخل اه. وهذا كما قال شيخي أوجه.
تنبيه: حيث لا يجعل غاصبا لا يلزمه أجرة كما دل عليه كلام القاضي في فتاويه، فإنه قال: لو دخل سارق ولم يمكنه الخروج وتخبأ في الدار ليلة فلا أجرة عليه لأن اليد للمالك. وقال الأذرعي: ما ذكره القاضي مشكل لا يوافق عليه اه.
وهذا أوجه لأنه صدق عليه أنه استمر في داره ليلة بغير إذنه. ولو دفع إلى عبد غيره شيئا ليوصله إلى بيته بغير إذن مالكه كان غاصبا له، قاله القاضي، وطرد ذلك فيما إذا استعمله في شغل، وفي فتاوى البغوي أنه لا يضمن إلا إذا اعتقد طاعة الامر، وهذا أيضا أوجه. قال البغوي: ولو أن الزوج بعث عبد زوجته في شغل دون إذنها ضمنه بكل حال، لأن عبد المرأة قد يرى طاعة زوجها، فهو كالأعجمي في حق الأجنبي. وسئل ابن الصلاح عن رجل أخاف مملوكا لغيره بسبب تهمة فهرب لوقته، فأجاب بأنه لا يضمنه إن لم يكن نقله من مكان إلى مكان لقصد الاستيلاء اه. وقوله: نقله إلخ ليس بقيد بل مسكه بيده كاف. ولو استولى على حيوان فتبعه ولده الذي من شأنه أن يتبعه، أو هادي الغنم فتبعه الغنم لم يضمن التابع في الأصح إذ لم يستول عليه، وكذا لو غصب أم النحل لا يضمنه إلا إن استولى عليه خلافا لصاحب المطلب. (وعلى الغاصب الرد) للمغصوب على الفور عند التمكن وإن عظمت المؤنة في رده، ولو كان