مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٢
وحمل على الجهة الممكنة في حقه وإن ندر حملا لكلام المكلف على الصحة ما أمكن. والثاني: لا يصح، لأن الغالب أن المال لا يجب إلا بمعاملة أو جناية ولامتناع المعاملة مع الحمل ولا جناية عليه، فيحمل إطلاقه على الوعد وعلى الصحة في هاتين الحالتين إن انفصل الحمل ميتا، فلا شئ له للشك في حياته، فيسأل القاضي المقر حسبة عن جهة إقراره من إرث أو وصية ليصل الحق إلى مستحقه. وإن مات المقر قبل البيان بطل كما صرح به البغوي وغيره، فإن انفصل حيا للمدة المعتبرة فالكل له ذكرا كان أو أنثى، وإن انفصل ذكر وأنثى فهو لهما بالسوية. وإن ألقت حيا وميتا جعل المال للحي لأن الميت كالمعدوم. ولو قال: لهذا الميت علي كذا ففي البحر عن والده أن ظاهر لفظ المختصر يقتضي صحة الاقرار وأنه يمكن القطع بالبطلان لأن المقر له لا يتصور ثبوت الملك له حين الاقرار، والظاهر الأول. والاقرار للمسجد والرباط والقنطرة كالاقرار للحمل. ولو أقر لطفل وأطلق صح قطعا لأنه من أهل المعاملة بواسطة وليه. ويشترط لصحة الاقرار عدم تكذيب المقر له المقر كما يؤخذ من قوله: (وإذا كذب المقر له المقر) بمال (ترك المال) المقر به (في يده) دينا كان أو عينا، (في الأصح) لأن يده تشعر بالملك ظاهرا، والاقرار الطارئ عارضه التكذيب فسقط. والثاني: ينزعه الحاكم ويحفظه إلى ظهور مالكه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف يقتضي تخصيص الخلاف بالمعين لقوله: ترك المال في يده، وبه جزم القاضيان أبو الطيب والحسين، والمعتمد أنه لا فرق كما تقرر. وإذا بقي المال في يده قال الزركشي: فينبغي أن يجوز له جميع التصرفات فيه ما خلا الوطئ لاعترافه بتحريم ذلك عليه، بل ينبغي أن يمتنع عليه جميع التصرفات حتى يرجع اه‍. والظاهر كما قال شيخنا أنه إن كان ظانا أن المال للمقر له امتنع عليه التصرف، وإلا فلا. (فإن رجع المقر في حال تكذيبه) أي المقر له، (وقال: غلطت) في الاقرار أو تعمدت الكذب، (قبل قوله في الأصح) بناء على أن المال يترك في يده. والثاني: لا، بناء على أن الحاكم ينزعه منه إلى ظهور مالكه.
تنبيه: تقييده بحال تكذيب المقر له يوهم أنه لو رجع المقر له وصدقه أنه لا يكون كذلك، وليس مرادا، فإن الأصح أن رجوع المقر له غير مقبول ولا يصرف إليه إلا بإقرار جديد، لأن نفيه عن نفسه بطريق المطالبة، بخلاف المقر فإن نفيه عن نفسه بطريق الالتزام فكان أضعف. فلو قال المصنف: بعد تكذيبه لشمل حالتي التكذيب وبعده. والظاهر كما قال شيخنا أن تكذيب وإرث المقر له كتكذيبه، حتى لو أقر لميت أو لمن مات بعد الاقرار فكذبه الوارث لم يصح. أما في حق غيره فيصح، كما لو أقر بجناية على المرهون وكذبه المالك فإنه وإن لم يصح في حق المالك صح في حق المرتهن حتى يستوثق بأرشها. ولو قال: بيدي مال لا أعرف مالكه نزعه القاضي منه، لأنه إقرار بمال ضائع فهو إقرار صحيح. فإن قيل:
إنه لو قال: علي مال لرجل أو لواحد من بني آدم لا يكون إقرارا لفساد الصيغة، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن ما هنا في العين وما هناك في الدين كما أجاب به السبكي ويشير إليه كلام أصل الروضة. ولو قام رجل في المسألة الثانية وقال: أنا المراد بالاقرار لم يصدق بل المصدق المقر بيمينه، فعلم أنه يشترط أن يكون المقر له معينا نوع تعيين بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب كقوله لاحد هؤلاء الثلاثة علي كذا.
فروع: لو أقرت له امرأة بالنكاح وأنكر سقط حقه، قال المتولي: حتى لو رجع بعد وادعى نكاحها لم يسمع إلا أن يدعي نكاحا مجددا. وإنما احتيج لهذا الاستثناء لأنه يعتبر في صحة إقرار المرأة بالنكاح تصديق الزوج لها فاحتيط له، بخلاف غيره. ولو أقر لآخر بقصاص أو حد قذف وكذبه سقط وكذا حد سرقة، وفي المال ما مر من كونه يترك في يده.
ولو أقر له بعبد فأنكره لم يحكم بعتقه لأنه محكوم برقه فلا يرفع إلا بيقين، بخلاف اللقيط فإنه محكوم بحريته بالدار، فإذا أقر ونفاه المقر له بقي على أصل الحرية. ولو أقر له بأحد عبدين وعينه فرده وعين الآخر لم يقبل فيما عينه إلا ببينة وصار مكذبا للمقر فيما عينه. ثم شرع في الركن الثالث مترجما له بفصل فقال:
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429