في قوله تعالى: * (ألست بربكم قالوا بلى) *: لو قالوا نعم كفروا. فهذا هو مقتضى اللغة ورجحه ابن الرفعة. وأجاب الأول بأن النظر في الاقرار إلى العرف وأهله يفهمون الاقرار بنعم فيما ذكر. واختار الغزالي في المنخول التفصيل بين النحوي وغيره كما في نظيره من الطلاق، وبه أجاب ابن يونس في المحيط. ولو قال: ليس لي عليك ألف فقال: بلى أو نعم فالمتجه كما قال الأسنوي أن يجعل بلى إقرارا دون نعم.
فروع: لو قال في جواب من ادعى عليه بألف: ما لك علي أكثر من ألف لم يكن إقرارا لأن نفي الزائد عليه لا يوجب إثباته ولا إثبات ما دونه، ونعم إقرار بالعبد مثلا لمن قال: اشتر عبدي كما أنه إقرار به لمن قال:
أعتق عبدي، لا لمن قال: اشتر هذا العبد لأنه لم يعترف له إلا بكونه يملك بيعه لا نفسه. ولو قال في جواب دعواه: لا تدم المطالبة وما أكثر ما تتقاضى لم يكن إقرارا لعدم صراحته، قاله ابن العماد. ولو قال في جواب دعوى عين بيده: اشتريتها أو ملكتها منك أو من وكيلك كان إقرارا لتضمن ذلك الملك للمخاطب عرفا. ولم ينظروا إلى احتمال كون المخاطب وكيلا في البيع، ولا إلى احتمال كون الوكيل باع ملك غير المخاطب لعبده عن المقام، بخلاف قوله ملكتها على يدك لا يكون إقرارا، لأن معناه:
كنت وكيلا في تمليكها. (ولو قال اقض الألف الذي لي عليك فقال نعم أو أقضي غدا، أو أمهلني يوما، أو حتى أقعد أو أفتح الكيس، أو أجد) أي المفتاح مثلا، أو أبعث من يأخذه، أو أمهلني حتى أصرف الدراهم، أو أقعد حتى تأخذ، أو لا أجد اليوم، (فإقرار في الأصح) لأنه المفهوم من هذه الألفاظ عرفا. والثاني: لا، لأنها ليست صريحة في الالتزام. قال الأسنوي: وما ما ذكره من اللزوم في أقضي غدا ونحوه مما عري عن الضمير العائد على المال المدعى به مردود، بل يتعين أن يكون التصوير عند انضمام الضمير كقوله أعطه ونحوه فإن اللفظ بدونه محتلم أن يراد به المذكور وغيره على السواء، ولهذا كا مقرا في قوله أنا مقر به دون أنا مقر، ولو قال: كان لك علي ألف، أو كانت لك عندي دار فليس بإقرار لأنه لم يعترف في الحال بشئ والأصل براءة الذمة، ولا ينافي ذلك ما في الدعاوى من أنه لو قال: كان ملكك أمس كان مؤاخذا به لأنه ثم وقع جوابا للدعوى وهنا بخلافه فطلب فيه اليقين. ولو قال: أسكنتك هذه الدار حينا ثم أخرجتك منها كان إقرارا له باليد لأنه اعترف بثبوتها من قبل وادعى زوالها، ولا ينافي ذلك ما في الاقرار من أنه لو قال: كان في يدك أمس لم يؤاخذ به لأنه هنا أقر له بيد صحيحة بقوله أسكنتكها بخلافه ثم، لاحتمال كلامه أن يده كانت عن غصب أو سوم أو نحوه. وقوله لمن شهد عليه ولو واحدا بشئ هو صادق أو عدل ليس بإقرار حتى يقول فيما شهد به، ولو قال: إذا شهد علي شاهدان بألف مثلا فهما صادقان لزمه في الحال وأن لم يشهدا عليه لأنهما لا يكونا صادقين إلا أن كان على الألف الآن، بخلاف ما لو قال: إذا شهدا علي بألف صدقتهما، لأن غير الصادق قد يصدق، ولان ذلك وعد. وخرج بالألف ما لو قال: ما يشهد به شاهدان علي فهما صادقان عدلان فليس بإقرار بل تزكية وتعديل كما نقله الرافعي في التزكية عن الهروي وأقره كما قاله في المهمات. ولو لم يأت بصيغة الشهادة بل قال: إذا قال زيد إن لعمرو علي كذا فهو صادق كان الحكم كذلك كما ذكره ابن العماد. ولو قال: أقرضتك كذا فقال:
كمن تمن به علي، أو لاقترضت منك غيره كان إقرارا، بخلاف ما لو قال لمن قال له لي عليك كذا: لزيد علي أكثر مما لك بفتح اللام، فإنه لا شئ عليه لواحد منهما لاحتمال أنه قاله استهزاءا، أو أنه أراد: له علي من الحرمة والكرامة أكثر مما لك.
أما لو قال: من مالك بكسر اللام، أو له علي مال أكثر من مالك، أو له علي أكثر مما ادعيت، فهو إقرار لزيد.
ولو كتب لزيد علي ألف أو كتبه غيره فقال: اشهدوا علي بما فيه لغا، لأن الكتابة بلا لفظ ليست إقرارا، ويؤخذ من ذلك أنها من الأخرس عند القرينة المشعرة ليست لغوا، ولو لقن إقرارا أو غيره بغير لغته وقال: لم أفهمه وأمكن عدم فهمه له بأن لم يكن له مع أهل تلك اللغة اختلاط صدق بيمينه، ولو قال: أقررت وأنا صبي أو مجنون أو مكره وأمكن الصبا وعهد الجنون، أو كانت أمارة على الاكراه من جنس أو ترسيم أو نحو ذلك صدق بيمينه لظهور ما قاله، ولان الأصل