مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
في قوله تعالى: * (ألست بربكم قالوا بلى) *: لو قالوا نعم كفروا. فهذا هو مقتضى اللغة ورجحه ابن الرفعة. وأجاب الأول بأن النظر في الاقرار إلى العرف وأهله يفهمون الاقرار بنعم فيما ذكر. واختار الغزالي في المنخول التفصيل بين النحوي وغيره كما في نظيره من الطلاق، وبه أجاب ابن يونس في المحيط. ولو قال: ليس لي عليك ألف فقال: بلى أو نعم فالمتجه كما قال الأسنوي أن يجعل بلى إقرارا دون نعم.
فروع: لو قال في جواب من ادعى عليه بألف: ما لك علي أكثر من ألف لم يكن إقرارا لأن نفي الزائد عليه لا يوجب إثباته ولا إثبات ما دونه، ونعم إقرار بالعبد مثلا لمن قال: اشتر عبدي كما أنه إقرار به لمن قال:
أعتق عبدي، لا لمن قال: اشتر هذا العبد لأنه لم يعترف له إلا بكونه يملك بيعه لا نفسه. ولو قال في جواب دعواه: لا تدم المطالبة وما أكثر ما تتقاضى لم يكن إقرارا لعدم صراحته، قاله ابن العماد. ولو قال في جواب دعوى عين بيده: اشتريتها أو ملكتها منك أو من وكيلك كان إقرارا لتضمن ذلك الملك للمخاطب عرفا. ولم ينظروا إلى احتمال كون المخاطب وكيلا في البيع، ولا إلى احتمال كون الوكيل باع ملك غير المخاطب لعبده عن المقام، بخلاف قوله ملكتها على يدك لا يكون إقرارا، لأن معناه:
كنت وكيلا في تمليكها. (ولو قال اقض الألف الذي لي عليك فقال نعم أو أقضي غدا، أو أمهلني يوما، أو حتى أقعد أو أفتح الكيس، أو أجد) أي المفتاح مثلا، أو أبعث من يأخذه، أو أمهلني حتى أصرف الدراهم، أو أقعد حتى تأخذ، أو لا أجد اليوم، (فإقرار في الأصح) لأنه المفهوم من هذه الألفاظ عرفا. والثاني: لا، لأنها ليست صريحة في الالتزام. قال الأسنوي: وما ما ذكره من اللزوم في أقضي غدا ونحوه مما عري عن الضمير العائد على المال المدعى به مردود، بل يتعين أن يكون التصوير عند انضمام الضمير كقوله أعطه ونحوه فإن اللفظ بدونه محتلم أن يراد به المذكور وغيره على السواء، ولهذا كا مقرا في قوله أنا مقر به دون أنا مقر، ولو قال: كان لك علي ألف، أو كانت لك عندي دار فليس بإقرار لأنه لم يعترف في الحال بشئ والأصل براءة الذمة، ولا ينافي ذلك ما في الدعاوى من أنه لو قال: كان ملكك أمس كان مؤاخذا به لأنه ثم وقع جوابا للدعوى وهنا بخلافه فطلب فيه اليقين. ولو قال: أسكنتك هذه الدار حينا ثم أخرجتك منها كان إقرارا له باليد لأنه اعترف بثبوتها من قبل وادعى زوالها، ولا ينافي ذلك ما في الاقرار من أنه لو قال: كان في يدك أمس لم يؤاخذ به لأنه هنا أقر له بيد صحيحة بقوله أسكنتكها بخلافه ثم، لاحتمال كلامه أن يده كانت عن غصب أو سوم أو نحوه. وقوله لمن شهد عليه ولو واحدا بشئ هو صادق أو عدل ليس بإقرار حتى يقول فيما شهد به، ولو قال: إذا شهد علي شاهدان بألف مثلا فهما صادقان لزمه في الحال وأن لم يشهدا عليه لأنهما لا يكونا صادقين إلا أن كان على الألف الآن، بخلاف ما لو قال: إذا شهدا علي بألف صدقتهما، لأن غير الصادق قد يصدق، ولان ذلك وعد. وخرج بالألف ما لو قال: ما يشهد به شاهدان علي فهما صادقان عدلان فليس بإقرار بل تزكية وتعديل كما نقله الرافعي في التزكية عن الهروي وأقره كما قاله في المهمات. ولو لم يأت بصيغة الشهادة بل قال: إذا قال زيد إن لعمرو علي كذا فهو صادق كان الحكم كذلك كما ذكره ابن العماد. ولو قال: أقرضتك كذا فقال:
كمن تمن به علي، أو لاقترضت منك غيره كان إقرارا، بخلاف ما لو قال لمن قال له لي عليك كذا: لزيد علي أكثر مما لك بفتح اللام، فإنه لا شئ عليه لواحد منهما لاحتمال أنه قاله استهزاءا، أو أنه أراد: له علي من الحرمة والكرامة أكثر مما لك.
أما لو قال: من مالك بكسر اللام، أو له علي مال أكثر من مالك، أو له علي أكثر مما ادعيت، فهو إقرار لزيد.
ولو كتب لزيد علي ألف أو كتبه غيره فقال: اشهدوا علي بما فيه لغا، لأن الكتابة بلا لفظ ليست إقرارا، ويؤخذ من ذلك أنها من الأخرس عند القرينة المشعرة ليست لغوا، ولو لقن إقرارا أو غيره بغير لغته وقال: لم أفهمه وأمكن عدم فهمه له بأن لم يكن له مع أهل تلك اللغة اختلاط صدق بيمينه، ولو قال: أقررت وأنا صبي أو مجنون أو مكره وأمكن الصبا وعهد الجنون، أو كانت أمارة على الاكراه من جنس أو ترسيم أو نحو ذلك صدق بيمينه لظهور ما قاله، ولان الأصل
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429