مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
فيه أو في توكيل آخر، ومجانب الوكيل لأنه قد لا يتفرع فيكون اللزوم مضرا بهما. هذا إذا لم يكن عقد الوكالة باستئجار، فإن كان بأن عقد بلفظ الإجارة فهو لازم، وهذا لا يحتاج إلى استثنائه. وإن عقدت بلفظ الوكالة وشرط فيها جعل معلوم، قال الرافعي: فيمكن بناؤه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها. وهذان الاحتمالان نقلهما الروياني وجهين وصحح منهما الأول على القاعدة الغالبة في ذلك، وهو المعتمد كما جزم به الجويني في مختصره، لأن الإجارة لا تنعقد بلفظ الوكالة، وعلى هذا أيضا لا يحتاج إلى استثنائه. (فإذا عزله الموكل في حضوره) أي أتى بلفظ العزل خاصة، (أو قال) في حضوره (رفعت الوكالة أو أبطلتها) أو أزالتها أو فسختها أو نقضتها أو صرفتها (أو أخرجتك منها انعزل) منها لدلالة كل من الألفاظ المذكورة عليه. (فإن عزله وهو غائب انعزل في الحال) لأنه رفع عقد لا يعتبر فيه الرضا فلا يحتاج إلى العلم كالطلاق، وقياسا على ما لو وكل أحدهما والآخر غائب. (وفي قول لا) ينعزل (حتى يبلغه الخبر) ممن تقبل روايته كالقاضي. وفرق الأول بتعلق المصالح الكلية بالقاضي فيعظم الضرر بنقض الأحكام وفساد الأنكحة وغير ذلك بخلاف الوكيل. قال الأسنوي: ومقتضاه أن الحاكم في واقعة خاصة حكمه حكم الوكيل اه‍. قال ابن شهبة: ومقتضاه أيضا أن الوكيل العام كوكيل السلطان لا ينعزل قبل بلوغ الخبر لعموم نظره كالقاضي، ولم يذكروه اه‍. وربما يلتزم ذلك، ولا يصدق موكله بعد التصرف في قوله: كنت عزلته إلا ببينة، فينبغي له أن يشهد على عزله. ولو تلف المال في يده بعد عزله لم يضمنه، ولو باعه جاهلا بعزله فالبيع باطل، فإن أسلمه للمشتري ضمنه كالوكيل إذا قتل بعد العفو تلزمه الدية والكفارة خلافا لما بحثه الروياني من عدم الضمان.
ولو عزل المودع الوديع وهو غائب لم ينعزل حتى يبلغه الخبر، وفرق بينه وبين الوكيل بأن الوديع أمين والوكيل بتصرف، والعزل يمنع صحة التصرف، ولذلك قلنا الوكيل باق على أمانته بعد عزله كما مر. وذكر الرافعي في العارية أنه لو عزل المعير المستعير لم ينعزل حتى يبلغه الخبر. ولو عزل أحد وكيليه مبهما لم يتصرف واحد منهما حتى يميز للشك في أهليته. (ولو قال) الوكيل: (عزلت نفسي أو رددت الوكالة) أو فسختها أو خرجت منها أو نحو ذلك كأبطلتها، (انعزل) لدلالة ذلك عليه، وإن كانت صيغة الموكل صيغة أمر، وقيل: إن كانت صيغته صيغة أمر كأعتق وبع لم ينعزل، لأن ذلك إذن وإباحة فأشبه ما لو أباح الطعام لغيره فإنه لا يرتد برد المباح له. وعلى الأول، فإن قيل: كيف ينعزل بذلك مع قولهم لا يلزم من فساد الوكالة فساد التصرف لبقاء الاذن؟ أجيب بأن العزل أبطل ما صدر من الموكل من الاذن في التصرف، فلو قلنا له التصرف لم يفد العزل شيئا بخلاف المسألة المستشهد بها فإنه إذا فسد خصوص الوكالة لم يوجد ما ينافي عموم الاذن، ولا فرق بين أن يكون الموكل غائبا أو حاضرا، لأنه قطع للعقد فلا يفتقر إلى حضور من لا يعتبر رضاه كالطلاق. قال الأذرعي: وله علم الوكيل أنه لو عزل نفسه في غيبة موكله لاستملك المال قاض جائز أو غيره فينبغي أن يلزمه البقاء على الوكالة إلى حضور موكله أو أمينه على المال كما سيأتي في الوصي اه‍.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف ما لو وكل السيد عبده في تصرف مالي فإنه لا ينعزل بعزل نفسه، لأنه من الاستخدام الواجب. (وينعزل) أيضا (بخروج أحدهما) أي الموكل والوكيل، (عن أهلية التصرف بموت أو جنون) وإن زال عن قرب، لأنه لو قارن منع الانعقاد فإذا طرأ قطعه. قال في المطلب: والصواب أن الموت ليس بعزل بل تنتهي الوكالة به كالنكاح. قال الزركشي: وفائدة عزل الوكيل بموته انعزال من وكله عن نفسه إن جعلناه وكيلا عنه اه‍. وقيل: لا فائدة لذلك في غير التعاليق. (وكذا إغماء) ينعزل به (في الأصح) إلحاقا له بالجنون. والثاني:
لا ينعزل لأنه لم يلتحق بمن يولي عليه، واختاره السبكي تبعا للإمام وغيره. وعلى الأول يستثنى الوكيل في رمي الجمار
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429