مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٥
ولو أذن له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل، وكذا لو قدر له الثمن ونهاه عن الزيادة، لأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة، ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل، ولو وكله في هبة أو تزويج أو استيفاء حد أو قصاص أو دين من نفسه لم يصح لذلك. ومقتضى ذلك منع توكيل السارق في القطع، وهو ما صرح به في أصل الروضة هنا، لكن صرحوا في باب استيفاء القصاص بخلافه وهو الأوجه. ولو وكله في طرفي عقد ونحوه كمخاصمة لم يأت بهما لما مر، وله اختيار طرف منهما. ويصح توكيله في إبرا نفسه بناء على أنه لا يشترط القبول في الابراء، وفي إعتاقها والعفو عنها من قصاص أو حد قذف. (والأصح أنه) أي الوكيل بالبيع مطلقا، (يبيع لأبيه) وسائر أصوله (وابنه البالغ) وسائر فروعه المستقلين، لأنه باع بالثمن الذي لو باع به لأجنبي لصح، فلا تهمة حينئذ فهو كما لو باع من صديقه. والثاني: لا، لأنه متهم بالميل إليهم، كما لو فوض إليه الإمام أن يولي القضاء من شاء لا يجوز له تفويضه إلى أصوله ولا فروعه. وفرق الأول بأن لنا هنا مرادا ظاهرا وهو ثمن المثل، ولان فيه تزكية لأصوله وفروعه بخلاف الوكالة. (و) الأصح (أن الوكيل بالبيع له قبض الثمن) الحال إن لم يمنعه الموكل من قبضه، (و) له (تسليم المبيع) إن كان مسلما إليه إن لم ينه عن تسليمه لأنهما من مقتضيات البيع. والثاني: لا، لعدم الإذن فيهما، وقد يرضاه للبيع دون القبض. ومحل الخلاف إذا لم يكن القبض شرطا، فإن كان كالصرف ونحوه فله القبض والاقباض قطعا، أما إذا كان الثمن مؤجلا ولوحل أو حالا ونهاه عن قبضه لم يملك قبضه قطعا، ولو قال له: امنع المشتري من المبيع فسدت الوكالة لأن منع الحق عمن يستحق إثبات يده عليه حرام، ويصح البيع بالاذن، وإن قال: لا تسلم المبيع له لم يفسد لأنه لم يمنعه من أصل التسليم المستحق بل من تسليمه بنفسه، وبهذا فرق بين هذه وما قبلها فيسلم الموكل المبيع للمشتري عن الوكيل في الصورتين. وخرج بالبيع الهبة فليس للوكيل فيها التسليم قطعا، لأن الملك فيها لا يقع بالعقد بخلاف البيع.
تنبيه: سكت المصنف عن حكم الوكيل بالشراء، وهو كالوكيل بالبيع، فله قبض المبيع وله تسليم الثمن إن كان مسلما إليه ولم ينهه عن تسليمه. (ولا يسلمه) أي وكيل البائع المبيع (حتى يقبض الثمن) لما في التسليم قبله من الخطر. (فإن خالف ضمن) لتعديه قيمته كما قاله الرافعي وقت التسليم. وقضيته أنه لا فرق في غرم القيمة بين المثلي والمتقوم، وهو كذلك لأنه للحيلولة، فإذا غرمها ثم قبض الثمن دفعه إلى الموكل واسترد المغروم. هذا إذا سلمه مختارا، فإن ألزمه الحاكم بتسليم المبيع قبل القبض، ففي البحر: الأشبه أنه لا يضمن، وهو حسن. (وإذا وكله في شراء) شئ موصوف أو معين كما يقتضيه كلام الشيخين، (لا يشتري معيبا) أي يمتنع عليه ذلك، لأن الاطلاق يقتضي السلامة بخلاف عامل القراض لأن المقصود الربح وقد يكون في المعيب. (فإن اشتراه) أي المعيب في الذمة وهو يساوي مع المعيب ما اشتراه به، (وقع) الشراء (عن الموكل إن جهل) المشتري (المعيب) إذ لا ضرر على المالك لتخييره ولا تقصيره من جهة الوكيل لجهله، ولا خلل من جهة اللفظ لاطلاقه. نعم لو نص له على السليم، فالوجه كما قال الأسنوي أنه لا يقع للموكل لأنه غير المأذون فيه.
تنبيه: قوله: في الذمة يوهم أنه إذا اشتراه بعين مال الموكل لا يقع له، وليس مرادا بل يقع له، لكن ليس للوكيل الرد لأنه لا يمكن انقلاب العقد له بحال فلا يتضرر بخلاف الشراء في الذمة، ففائدة التقييد أولا بالذمة إخراج المذكور آخرا وهو رد الوكيل، فلو قيد الأخير فقط فقال للموكل الرد، وكذا للوكيل إن اشترى في الذمة لكان أولى.
(وإن علمه فلا) يقع عن الموكل (في الأصح) لأنه غير مأذون فيه، سواء أساوى ما اشتراه أم زاد. والثاني: يقع له، لأن الصيغة مطلقة ولا نقص في المالية. (وإن لم يساوه لم يقع عنه) أي الموكل (إن علمه) أي الوكيل لتقصيره، وقد يهرب
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429