ولو أذن له فيه لتضاد غرضي الاسترخاص لهم والاستقصاء للموكل، وكذا لو قدر له الثمن ونهاه عن الزيادة، لأن الأصل عدم جواز اتحاد الموجب والقابل وإن انتفت التهمة، ولأنه لو وكله ليهب من نفسه لم يصح وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل، ولو وكله في هبة أو تزويج أو استيفاء حد أو قصاص أو دين من نفسه لم يصح لذلك. ومقتضى ذلك منع توكيل السارق في القطع، وهو ما صرح به في أصل الروضة هنا، لكن صرحوا في باب استيفاء القصاص بخلافه وهو الأوجه. ولو وكله في طرفي عقد ونحوه كمخاصمة لم يأت بهما لما مر، وله اختيار طرف منهما. ويصح توكيله في إبرا نفسه بناء على أنه لا يشترط القبول في الابراء، وفي إعتاقها والعفو عنها من قصاص أو حد قذف. (والأصح أنه) أي الوكيل بالبيع مطلقا، (يبيع لأبيه) وسائر أصوله (وابنه البالغ) وسائر فروعه المستقلين، لأنه باع بالثمن الذي لو باع به لأجنبي لصح، فلا تهمة حينئذ فهو كما لو باع من صديقه. والثاني: لا، لأنه متهم بالميل إليهم، كما لو فوض إليه الإمام أن يولي القضاء من شاء لا يجوز له تفويضه إلى أصوله ولا فروعه. وفرق الأول بأن لنا هنا مرادا ظاهرا وهو ثمن المثل، ولان فيه تزكية لأصوله وفروعه بخلاف الوكالة. (و) الأصح (أن الوكيل بالبيع له قبض الثمن) الحال إن لم يمنعه الموكل من قبضه، (و) له (تسليم المبيع) إن كان مسلما إليه إن لم ينه عن تسليمه لأنهما من مقتضيات البيع. والثاني: لا، لعدم الإذن فيهما، وقد يرضاه للبيع دون القبض. ومحل الخلاف إذا لم يكن القبض شرطا، فإن كان كالصرف ونحوه فله القبض والاقباض قطعا، أما إذا كان الثمن مؤجلا ولوحل أو حالا ونهاه عن قبضه لم يملك قبضه قطعا، ولو قال له: امنع المشتري من المبيع فسدت الوكالة لأن منع الحق عمن يستحق إثبات يده عليه حرام، ويصح البيع بالاذن، وإن قال: لا تسلم المبيع له لم يفسد لأنه لم يمنعه من أصل التسليم المستحق بل من تسليمه بنفسه، وبهذا فرق بين هذه وما قبلها فيسلم الموكل المبيع للمشتري عن الوكيل في الصورتين. وخرج بالبيع الهبة فليس للوكيل فيها التسليم قطعا، لأن الملك فيها لا يقع بالعقد بخلاف البيع.
تنبيه: سكت المصنف عن حكم الوكيل بالشراء، وهو كالوكيل بالبيع، فله قبض المبيع وله تسليم الثمن إن كان مسلما إليه ولم ينهه عن تسليمه. (ولا يسلمه) أي وكيل البائع المبيع (حتى يقبض الثمن) لما في التسليم قبله من الخطر. (فإن خالف ضمن) لتعديه قيمته كما قاله الرافعي وقت التسليم. وقضيته أنه لا فرق في غرم القيمة بين المثلي والمتقوم، وهو كذلك لأنه للحيلولة، فإذا غرمها ثم قبض الثمن دفعه إلى الموكل واسترد المغروم. هذا إذا سلمه مختارا، فإن ألزمه الحاكم بتسليم المبيع قبل القبض، ففي البحر: الأشبه أنه لا يضمن، وهو حسن. (وإذا وكله في شراء) شئ موصوف أو معين كما يقتضيه كلام الشيخين، (لا يشتري معيبا) أي يمتنع عليه ذلك، لأن الاطلاق يقتضي السلامة بخلاف عامل القراض لأن المقصود الربح وقد يكون في المعيب. (فإن اشتراه) أي المعيب في الذمة وهو يساوي مع المعيب ما اشتراه به، (وقع) الشراء (عن الموكل إن جهل) المشتري (المعيب) إذ لا ضرر على المالك لتخييره ولا تقصيره من جهة الوكيل لجهله، ولا خلل من جهة اللفظ لاطلاقه. نعم لو نص له على السليم، فالوجه كما قال الأسنوي أنه لا يقع للموكل لأنه غير المأذون فيه.
تنبيه: قوله: في الذمة يوهم أنه إذا اشتراه بعين مال الموكل لا يقع له، وليس مرادا بل يقع له، لكن ليس للوكيل الرد لأنه لا يمكن انقلاب العقد له بحال فلا يتضرر بخلاف الشراء في الذمة، ففائدة التقييد أولا بالذمة إخراج المذكور آخرا وهو رد الوكيل، فلو قيد الأخير فقط فقال للموكل الرد، وكذا للوكيل إن اشترى في الذمة لكان أولى.
(وإن علمه فلا) يقع عن الموكل (في الأصح) لأنه غير مأذون فيه، سواء أساوى ما اشتراه أم زاد. والثاني: يقع له، لأن الصيغة مطلقة ولا نقص في المالية. (وإن لم يساوه لم يقع عنه) أي الموكل (إن علمه) أي الوكيل لتقصيره، وقد يهرب