فإنه لا ينعزل بإغماء الموكل كما مر في الحج، ومن الواضح أنه لا ينعزل بالنوم وإن خرج به عن أهلية التصرف.
تنبيه: لو اقتصر المصنف على قوله: بخروج أحدهما عن أهلية التصرف لكان أخصر وأشمل ليشمل ما لو حجر عليه بسفه أو فلس أو رق فيما لا ينفذ منه أو فسق فيما العدالة شرط فيه. (و) ينعزل أيضا (بخروج محل التصرف عن ملك الموكل) بالبيع ونحوه كإعتاق ما وكل فيه، لاستحالة بقاء الولاية والحالة هذه، ولو عاد إلى ملكه لم تعد الوكالة. ومثل خروجه عن ملكه ما لو أجره أو كاتبه لاشعاره بالندم على البيع، وكذا الايصاء والتدبير وتعليق العتق كما بحثه البلقيني وغيره، وبالرهن مع القبض كما قال ابن كج، قال الشيخان: وكذا بتزويج الجارية. فمن المتأخرين من أخذ بمفهوم ذلك وقال بخلاف العبد كما أفهمه كلام الشيخين، ومنهم من جعله مثالا وقال العبد كالأمة، واعتمده شيخي، وهو الظاهر، إذ لا فرق بين الجارية والعبد في ذلك. وهذه الصور قد ترد على المصنف لأن محل التصرف لم يخرج عن ملك الموكل.
ولا ينعزل بتوكيل وكيل آخر ولا بالعرض على البيع. وفي عزل الوكيل بطحن الموكل الحنطة الموكل بيعها وجهان، وقضية ما في التتمة كما قال الأذرعي وغيره الانعزال هذا إذا ذكر اسم الحنطة، وإلا فالأوجه أنه لا ينعزل كما هو قضية كلام الروضة. ولو وكل عبده في تصرف ثم أعتقه أو باعه أو كاتبه انعزل، لأن إذن السيد له استخدام كما مر لا توكيل، وقد زال ملكه عنه، بخلاف ما لو وكل عبد غيره فباعه سيده أو أعتقه أو كاتبه فإنه لا ينعزل بذلك لكن يعصي العبد بالتصرف إن لم يأذن له مشتريه فيه، لأن منافعه صارت مستحقة له. (وإنكار الوكيل الوكالة لنسيان) لها (أو لغرض) له (في الاخفاء) كخوف أخذ ظالم المال الموكل فيه، (ليس بعزل) لعذره. (فإن تعمد) إنكارها (ولا غرض) له فيه، (انعزل) بذلك، لأن الجحد حينئذ رد لها، والموكل في إنكارها كالوكيل في ذلك. وما أطلقه الشيخان في التدبير من جحد الموكل أنه يكون عزلا محمولا كما قال ابن النقيب على ما هنا.
فروع: لو وكله ببيع عبد أو شرائه لم يعقد على بعضه لضرر التبعيض. نعم إن باع البعض بقيمة الجميع صح كما ذكره المصنف في تصحيحه، هذا إن لم يعين المشتري كما قاله الزركشي، وإلا لم يصح لقصده محاباته. ولو أمره أيشتري بالعبد ثوبا فاشتراه ببعضه جاز، ولو قال له: بع هؤلاء العبيد أو اشترهم جاز له أن يفرقهم في عقود وأن يجمعهم في عقد. نعم إن كان الاحظ في أحدهما تعين. ولو قال: بعهم أو اشترهم صفقة لم يفرقها لمخالفة أمره، أو قال: بعهم بألف لم يبع واحدا بأقل من ألف لجواز أن لا يشتري أحد الباقين بباقي الألف، فإن باعه بألف صح، وله بيع الباقين بثمن المثل. ولو قال له: اطلب حقي من زيد فمات زيد لم يطالب وارثه لأنه غير المعين، أو اطلب حقي الذي على زيد طالب وارثه. ولو قال له: أبرئ غرمائي لم يبرئ نفسه، لأن المخاطب لا يدخل في عموم أمر المخاطب له على الأصح، فإن قال:
وإن شئت فأبرئ نفسك فله ذلك، كما لو وكل المديون بإبراء نفسه. ولو قال: أعط ثلثي للفقراء صح، أو لنفسك لم يصح لتولي الطرفين. ولو قال له: بع هذا ثم هذا لزمه الترتيب امتثالا لأمر موكله. ولو وكله في شراء جارية ليطأها لم يشتر له من تحرم عليه كأخته، ولو بلغه أن زيدا وكله فإن صدق المخبر تصرف وإلا فلا. (وإذا اختلفا في أصلها) بأن قال: وكلتني في كذا فقال: ما وكلتك. (أو صفتها بأن قال وكلتني في البيع نسيئة أو الشراء بعشرين) مثلا، (فقال) الموكل: (بل نقدا أو بعشرة صدق الموكل بيمينه) لأن الأصل عدم الإذن فيما ذكره الوكيل، ولان الموكل أعرف بحال الاذن الصادر منه.
وصورة المسألة الأولى كما قال الفارقي إذا كان بعد التصرف، أما قبله فلا فائدة في الخصومة، لأنه إذا ادعى عليه فأنكر الموكل الوكالة انعزل فلا حاجة لقولنا القول قوله بيمينه.
تنبيه: قوله: صدق الموكل بيمينه فيه تسمح، لأنه في الأولى ليس بموكل إلا أن يراد أنه موكل بزعم الوكيل.