مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٣
فإنه لا ينعزل بإغماء الموكل كما مر في الحج، ومن الواضح أنه لا ينعزل بالنوم وإن خرج به عن أهلية التصرف.
تنبيه: لو اقتصر المصنف على قوله: بخروج أحدهما عن أهلية التصرف لكان أخصر وأشمل ليشمل ما لو حجر عليه بسفه أو فلس أو رق فيما لا ينفذ منه أو فسق فيما العدالة شرط فيه. (و) ينعزل أيضا (بخروج محل التصرف عن ملك الموكل) بالبيع ونحوه كإعتاق ما وكل فيه، لاستحالة بقاء الولاية والحالة هذه، ولو عاد إلى ملكه لم تعد الوكالة. ومثل خروجه عن ملكه ما لو أجره أو كاتبه لاشعاره بالندم على البيع، وكذا الايصاء والتدبير وتعليق العتق كما بحثه البلقيني وغيره، وبالرهن مع القبض كما قال ابن كج، قال الشيخان: وكذا بتزويج الجارية. فمن المتأخرين من أخذ بمفهوم ذلك وقال بخلاف العبد كما أفهمه كلام الشيخين، ومنهم من جعله مثالا وقال العبد كالأمة، واعتمده شيخي، وهو الظاهر، إذ لا فرق بين الجارية والعبد في ذلك. وهذه الصور قد ترد على المصنف لأن محل التصرف لم يخرج عن ملك الموكل.
ولا ينعزل بتوكيل وكيل آخر ولا بالعرض على البيع. وفي عزل الوكيل بطحن الموكل الحنطة الموكل بيعها وجهان، وقضية ما في التتمة كما قال الأذرعي وغيره الانعزال هذا إذا ذكر اسم الحنطة، وإلا فالأوجه أنه لا ينعزل كما هو قضية كلام الروضة. ولو وكل عبده في تصرف ثم أعتقه أو باعه أو كاتبه انعزل، لأن إذن السيد له استخدام كما مر لا توكيل، وقد زال ملكه عنه، بخلاف ما لو وكل عبد غيره فباعه سيده أو أعتقه أو كاتبه فإنه لا ينعزل بذلك لكن يعصي العبد بالتصرف إن لم يأذن له مشتريه فيه، لأن منافعه صارت مستحقة له. (وإنكار الوكيل الوكالة لنسيان) لها (أو لغرض) له (في الاخفاء) كخوف أخذ ظالم المال الموكل فيه، (ليس بعزل) لعذره. (فإن تعمد) إنكارها (ولا غرض) له فيه، (انعزل) بذلك، لأن الجحد حينئذ رد لها، والموكل في إنكارها كالوكيل في ذلك. وما أطلقه الشيخان في التدبير من جحد الموكل أنه يكون عزلا محمولا كما قال ابن النقيب على ما هنا.
فروع: لو وكله ببيع عبد أو شرائه لم يعقد على بعضه لضرر التبعيض. نعم إن باع البعض بقيمة الجميع صح كما ذكره المصنف في تصحيحه، هذا إن لم يعين المشتري كما قاله الزركشي، وإلا لم يصح لقصده محاباته. ولو أمره أيشتري بالعبد ثوبا فاشتراه ببعضه جاز، ولو قال له: بع هؤلاء العبيد أو اشترهم جاز له أن يفرقهم في عقود وأن يجمعهم في عقد. نعم إن كان الاحظ في أحدهما تعين. ولو قال: بعهم أو اشترهم صفقة لم يفرقها لمخالفة أمره، أو قال: بعهم بألف لم يبع واحدا بأقل من ألف لجواز أن لا يشتري أحد الباقين بباقي الألف، فإن باعه بألف صح، وله بيع الباقين بثمن المثل. ولو قال له: اطلب حقي من زيد فمات زيد لم يطالب وارثه لأنه غير المعين، أو اطلب حقي الذي على زيد طالب وارثه. ولو قال له: أبرئ غرمائي لم يبرئ نفسه، لأن المخاطب لا يدخل في عموم أمر المخاطب له على الأصح، فإن قال:
وإن شئت فأبرئ نفسك فله ذلك، كما لو وكل المديون بإبراء نفسه. ولو قال: أعط ثلثي للفقراء صح، أو لنفسك لم يصح لتولي الطرفين. ولو قال له: بع هذا ثم هذا لزمه الترتيب امتثالا لأمر موكله. ولو وكله في شراء جارية ليطأها لم يشتر له من تحرم عليه كأخته، ولو بلغه أن زيدا وكله فإن صدق المخبر تصرف وإلا فلا. (وإذا اختلفا في أصلها) بأن قال: وكلتني في كذا فقال: ما وكلتك. (أو صفتها بأن قال وكلتني في البيع نسيئة أو الشراء بعشرين) مثلا، (فقال) الموكل: (بل نقدا أو بعشرة صدق الموكل بيمينه) لأن الأصل عدم الإذن فيما ذكره الوكيل، ولان الموكل أعرف بحال الاذن الصادر منه.
وصورة المسألة الأولى كما قال الفارقي إذا كان بعد التصرف، أما قبله فلا فائدة في الخصومة، لأنه إذا ادعى عليه فأنكر الموكل الوكالة انعزل فلا حاجة لقولنا القول قوله بيمينه.
تنبيه: قوله: صدق الموكل بيمينه فيه تسمح، لأنه في الأولى ليس بموكل إلا أن يراد أنه موكل بزعم الوكيل.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429