مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
الذرائع المؤدية إلى توسيعها. وقطع بعضهم بالأول وبعضهم بالثاني. (و) المذهب (منعها في حدود الله تعالى) كحد الخمر والزنا والسرقة لأنها يسعى في دفعها ما أمكن. والطريق الثاني قولان، ثانيهما الصحة كحدود الآدميين. وقول الأذرعي محل المنع في حدود الله تعالى ما لم يتحتم استيفاء العقوبة، فإن تحتم فيشبه أن يحكم بالصحة ضعيف كما نبه عليه بعض المتأخرين.
تنبيه: الضابط لصحة الكفالة وقوعها بإذن من المكفول مع معرفة الكفيل له ببدن من لزمه إجابة إلى مجلس الحكم أو استحق إحضاره إليه عند الاستعداء للحق، كالكفالة ببدن امرأة يدعي رجل زوجيتها، لأن الحضور مستحق عليها، أو ببدن رجل تدعي امرأة زوجيته، أو ببدن امرأة لمن ثبتت زوجيته، وكذا عكسه كما بحثه شيخنا، وكأن يكون الزوج موليا. (وتصح) الكفالة (ببدن صبي ومجنون) بإذن الولي، لأنه قد يستحق إحضارهما لمجلس الحكم لإقامة الشهادة ليشهد على صورتهما في الاتلافات وغيرها إذا تحملوا الشهادة كذلك ولم يعرفوا اسمهما ونسبهما.
ويطالب الكفيل وليهما بإحضارهما عند الحاجة إليه، فإن صدرت بغير إذن الولي فكالكفالة ببدن البالغ العاقل بغير إذنه. قال الأذرعي: والظاهر أنه يعتبر في كفالة بدن السفيه إذن وليه، ويحتمل خلافه اه‍. والأول أظهر. (و) ببدن (محبوس وغائب) بإذنه كما سيأتي في عموم اللفظ، لأن حصول المقصود متوقع وإن تعذر تحصيل الغرض في الحال كما يصح ضمان المعسر المال. ولا فرق فيه بين أن يكون في موضع يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم أم لا، حتى لو أذن ثم انتقل إلى بلد بها حاكم أو إلى فوق مسافة العدوي فوقعت بعد ذلك صحت ووجب عليه الحضور معه لأجل إذنه في ذلك، بل لو كان فوق مسافة القصر كما يؤخذ مما سيأتي. (و) ببدن (ميت ليحضره فيشهد) بفتح الهاء، (على صورته) إذا تحمل كذلك ولم يعرف اسمه ونسبه. ومن المعلوم أن محل ذلك قبل دفنه وقبل تغيره، ولا نقل من بلد إلى آخر، فإن حصل شئ من ذلك لم تصح الكفالة. قال في المطلب: ويظهر اشتراط إذن الوارث إذا اشترطنا إذن المكفول اه‍. وهو كما قال، لكن محله كما قال شيخنا فيمن يعتبر إذنه وإلا فالمعتبر إذن وليه. ودخل في الوارث بيت المال، وبقي ما لو مات ذمي عن غير وارث وانتقل ماله فيئا لبيت المال، وظاهر كلامهم عدم الاكتفاء بإذن الإمام، وهذا هو الظاهر. (ثم إن عين) الكفيل في الكفالة (مكان التسليم تعين) تبعا لشرطه، (وإلا) بأن لم يعين مكانا (فمكانها) أي الكفالة يتعين كما في السلم فيهما. وكلامهم يفهم أنه لا يشترط بيان موضع التسليم وإن لم يصلح له موضع التكفل كاللجة، أو كان له مؤنة، وهو مخالف لنظيره في السلم المؤجل فيحتمل أن يلحق به ويحتمل خلافه أخذا بمفهوم كلامهم.
ويفرق بأن السلم عقد معاوضة والتكفل محض التزام، وهذا هو الظاهر، ويحمل على أقرب موضع صالح للتسليم. (ويبرأ الكفيل بتسليمه) أو بتسليم وكيله (في مكان التسليم) المذكور (بلا حائل، كمتغلب) يمنع المكفول له عنه لقيامه بما وجب عليه، فإن أحضره مع وجود الحائل لم يبرأ الكفيل لعدم الانتفاع بتسليمه.
تنبيه: قضية كلامه عدم البراءة بتسليمه في غير مكان التسليم، وهو كذلك إن كان للمكفول له غرض في الامتناع كفوت حاكم أو معين، وإن امتنع لا لغرض تسلمه الحاكم عنه، لأن التسلم حينئذ لازم له، فإذا امتنع منه ناب عنه الحاكم فيه، فإن لم يكن حاكم سلمه إليه وأشهد به شاهدين ويبرأ بتسليمه للمكفول له محبوسا بحق لامكان إحضاره ومطالبته بالحق، بخلاف ما إذا كان محبوسا بغير حق لتعذر تسليمه. (وبأن يحضر المكفول) في مكان التسليم (ويقول) للمكفول له: (سلمت نفسي عن جهة الكفيل) كما يبرأ الضامن بأداء الأصيل الدين. ولو سلم نفسه عن الكفيل فأبى أن يقبله، قال الماوردي: أشهد المكفول أنه قد سلم نفسه عن كفالة فلان وبرئ الكفيل منها. وقياس
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429