الذرائع المؤدية إلى توسيعها. وقطع بعضهم بالأول وبعضهم بالثاني. (و) المذهب (منعها في حدود الله تعالى) كحد الخمر والزنا والسرقة لأنها يسعى في دفعها ما أمكن. والطريق الثاني قولان، ثانيهما الصحة كحدود الآدميين. وقول الأذرعي محل المنع في حدود الله تعالى ما لم يتحتم استيفاء العقوبة، فإن تحتم فيشبه أن يحكم بالصحة ضعيف كما نبه عليه بعض المتأخرين.
تنبيه: الضابط لصحة الكفالة وقوعها بإذن من المكفول مع معرفة الكفيل له ببدن من لزمه إجابة إلى مجلس الحكم أو استحق إحضاره إليه عند الاستعداء للحق، كالكفالة ببدن امرأة يدعي رجل زوجيتها، لأن الحضور مستحق عليها، أو ببدن رجل تدعي امرأة زوجيته، أو ببدن امرأة لمن ثبتت زوجيته، وكذا عكسه كما بحثه شيخنا، وكأن يكون الزوج موليا. (وتصح) الكفالة (ببدن صبي ومجنون) بإذن الولي، لأنه قد يستحق إحضارهما لمجلس الحكم لإقامة الشهادة ليشهد على صورتهما في الاتلافات وغيرها إذا تحملوا الشهادة كذلك ولم يعرفوا اسمهما ونسبهما.
ويطالب الكفيل وليهما بإحضارهما عند الحاجة إليه، فإن صدرت بغير إذن الولي فكالكفالة ببدن البالغ العاقل بغير إذنه. قال الأذرعي: والظاهر أنه يعتبر في كفالة بدن السفيه إذن وليه، ويحتمل خلافه اه. والأول أظهر. (و) ببدن (محبوس وغائب) بإذنه كما سيأتي في عموم اللفظ، لأن حصول المقصود متوقع وإن تعذر تحصيل الغرض في الحال كما يصح ضمان المعسر المال. ولا فرق فيه بين أن يكون في موضع يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم أم لا، حتى لو أذن ثم انتقل إلى بلد بها حاكم أو إلى فوق مسافة العدوي فوقعت بعد ذلك صحت ووجب عليه الحضور معه لأجل إذنه في ذلك، بل لو كان فوق مسافة القصر كما يؤخذ مما سيأتي. (و) ببدن (ميت ليحضره فيشهد) بفتح الهاء، (على صورته) إذا تحمل كذلك ولم يعرف اسمه ونسبه. ومن المعلوم أن محل ذلك قبل دفنه وقبل تغيره، ولا نقل من بلد إلى آخر، فإن حصل شئ من ذلك لم تصح الكفالة. قال في المطلب: ويظهر اشتراط إذن الوارث إذا اشترطنا إذن المكفول اه. وهو كما قال، لكن محله كما قال شيخنا فيمن يعتبر إذنه وإلا فالمعتبر إذن وليه. ودخل في الوارث بيت المال، وبقي ما لو مات ذمي عن غير وارث وانتقل ماله فيئا لبيت المال، وظاهر كلامهم عدم الاكتفاء بإذن الإمام، وهذا هو الظاهر. (ثم إن عين) الكفيل في الكفالة (مكان التسليم تعين) تبعا لشرطه، (وإلا) بأن لم يعين مكانا (فمكانها) أي الكفالة يتعين كما في السلم فيهما. وكلامهم يفهم أنه لا يشترط بيان موضع التسليم وإن لم يصلح له موضع التكفل كاللجة، أو كان له مؤنة، وهو مخالف لنظيره في السلم المؤجل فيحتمل أن يلحق به ويحتمل خلافه أخذا بمفهوم كلامهم.
ويفرق بأن السلم عقد معاوضة والتكفل محض التزام، وهذا هو الظاهر، ويحمل على أقرب موضع صالح للتسليم. (ويبرأ الكفيل بتسليمه) أو بتسليم وكيله (في مكان التسليم) المذكور (بلا حائل، كمتغلب) يمنع المكفول له عنه لقيامه بما وجب عليه، فإن أحضره مع وجود الحائل لم يبرأ الكفيل لعدم الانتفاع بتسليمه.
تنبيه: قضية كلامه عدم البراءة بتسليمه في غير مكان التسليم، وهو كذلك إن كان للمكفول له غرض في الامتناع كفوت حاكم أو معين، وإن امتنع لا لغرض تسلمه الحاكم عنه، لأن التسلم حينئذ لازم له، فإذا امتنع منه ناب عنه الحاكم فيه، فإن لم يكن حاكم سلمه إليه وأشهد به شاهدين ويبرأ بتسليمه للمكفول له محبوسا بحق لامكان إحضاره ومطالبته بالحق، بخلاف ما إذا كان محبوسا بغير حق لتعذر تسليمه. (وبأن يحضر المكفول) في مكان التسليم (ويقول) للمكفول له: (سلمت نفسي عن جهة الكفيل) كما يبرأ الضامن بأداء الأصيل الدين. ولو سلم نفسه عن الكفيل فأبى أن يقبله، قال الماوردي: أشهد المكفول أنه قد سلم نفسه عن كفالة فلان وبرئ الكفيل منها. وقياس