مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٠
بمائة وتقاصا، أو قال: بعتك الثوب بما ضمنته لك عن فلان فلا صح البيع ورجع بما ضمنه. ولو صالح الضامن المستحق من الدين على بعض أو أدى إليه البعض وأبرأه من الباقي رجع بما أدى وبرئ فيهما وبرئ الأصيل عن الباقي في صورة الصلح دون صورة البراءة، لأن الصلح يقع عن أصل الدين وبراءة الضامن إنما تقع عن الوثيقة.
فروع: لو أحال المستحق على الضامن ثم أبرأ المحتال الضامن هل يرجع الضامن على الأصيل أو لا؟ رجح الجلال البلقيني الأول، والمعتمد الثاني لقول الأصحاب: إذا غرم رجع بما غرم، وهذا لم يغرم. ومثل ذلك ما لو وهبه المستحق الدين فإنه لا يرجع، بخلاف ما لو قبضه منه ثم وهبه له فإنه يرجع، كما لو وهبت المرأة الصداق للزوج ثم طلقها قبل الدخول فإنه يرجع عليها بنصفه بخلاف ما لو أبرأته منه قبل قبضها فإنه لا يرجع عليها بشئ. ولو ضمن ذمي لذمي عن مسلم دينا فصالح صاحبه على خمر لغا الصلح فلا يبرأ المسلم كما لو دفع الخمر بنفسه. ولو ضمن شخص الضامن بإذنه وأد الدين للمستحق رجع على الضامن لا على الأصيل ثم يرجع الأول على الأصيل، فإن كان بغير إذنه لم يرجع على الأول لعدم إذنه ولا الأول على الأصيل لأنه لم يغرم شيئا. (ومن أدى دين غيره بلا ضمان ولا إذن فلا رجوع) له عليه لتبرعه، وفارق ما لو أوجر طعامه مضطرا قهرا أو وهو مغمى عليه حيث يرجع عليه لأنه ليس متبرعا بل يجب عليه خلاصه من الهلاك ولما فيه من التحريض على مثل ذلك. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو أدى الولي دين محجوره بنية الرجوع أو ضمن عنه كذلك فإنه يرجع كما قاله القفال وغيره، وما لو صار الدين إرثا للضامن فإن له الرجوع لانتقال الدين إليه ولو كان الضمان بغير إذن. (وإن أذن) له في الأداء (بشرط الرجوع رجع) عليه وفاء بالشرط، (وكذا إن أذن) له (مطلقا) عن شرط الرجوع فإنه يرجع (في الأصح) إذا أدى بقصد الرجوع للعرف. والثاني: لا، إذ ليس من ضرورة الاذن الرجوع. وفي معنى الاذن التوكيل في الشراء إذا دفع الثمن فإنه يرجع على الراجح لتضمن التوكيل إذنه بدفع الثمن، بدليل أن للبائع مطالبته بالثمن والعهدة. ولو أذن له في الأداء فضمن لم يرجع لأنه أدى عن الضمان وهو غير مأذون فيه. ولو ضمن شخص الضامن بإذن الأصيل رجع عليه كما لو قال لغيره أد ديني فأداه. (والأصح أن مصالحته) أي المأذون، (على غير جنس الدين لا تمنع الرجوع) لأن قصد الآذن حصول البراءة وقد حصلت. والثاني: تمنع، لأنه إنما أذن في الأداء دون المصالحة فهو متبرع.
تنبيه: لم يبين المصنف بم يرجع، وهو إنما يرجع بالأقل من الدين المضمون وقيمة المؤدى، فلو صالح بالاذن عن عشرة دراهم على ثوب قيمته خمسة أو عن خمسة على ثوب قيمته عشرة لم يرجع إلا بخمسة. (ثم إنما يرجع الضامن والمؤدي) بالاذن من غير ضمان (إذا أشهد بالأداء رجلين أو رجلا وامرأتين) لثبوت الحق بذلك، ويعتبر في الشاهد العدالة. نعم لو أشهد مستورين فبانا فاسقين كفى على الأصح لاتيانه بحجة ولتعذر اطلاعه على الباطن فكان معذورا.
(وكذا رجل ليحلف معه على الأصح) إذ الشاهد مع اليمين حجة. والثاني: لا، لأنهما قد يترافعان إلى حنفي لا يقضي بشاهد ويمين فكان ذلك ضربا من التقصير. ورده الامام بأنه لم يشترط أحد إشهاد من يتفق العلماء على قبوله.
تنبيه: قوله: ليحلف معه يقتضي اشتراط العزم على الحلف عند الاشهاد، فلو لم يقصده كان كمن لم يشهد، وبه صرح في الحاوي. والظاهر أنه لو حلف معه رجع وإن لم يغرم عند الاشهاد. قال الأذرعي: ولو قيل إن كان حاكم البلد حين الدفع والاشهاد حنفيا فهو مقصر لم يبعد اه‍. والظاهر إطلاق كلام الأصحاب. ولا يكفي إشهاد من يسافر قريبا إذ لا يفضي إلى المقصود. (فإن لم يشهد) أي الضامن بالأداء وأنكر رب الدين أو سكت، (فلا رجوع) له (إن أدى
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429