وجوب الأجرة للحيلولة إنما محله عند قيام العين، ولم يصرحوا بوجوب إعادة الجدار على مالكه، وينبغي أن يقال إن هدمه مالكه ابتداء عدوانا فعليه إعادته، وإن هدمه أجنبي أو مالكه وقد استهدم لم تجب لكن يثبت للمشتري الفسخ إن كان ذلك قبل التخلي اه. والمعتمد أنه لا يجب على المالك إعادته مطلقا كما هو ظاهر كلام الأصحاب. ويغرم الأجنبي للمالك أرش الجدار مسلوبا منفعة رأسه، وإذا أعاده المالك استرد من المشتري ما أخذه في نظيرها. (وسواء كان الاذن) في وضع البناء على غير أرض، (بعوض أو بغيره، يشترط بيان قدر الموضع المبني عليه طولا وعرضا) وبيان محله (وسمك الجدران) بفتح السين، (وكيفيتها) أي الجدران أهي مجوفة أو منضدة، وهي ما التصق بعضها إلى بعض من حجر أو غيره، (وكيفية السقف المحمول عليها) أهو من أزج، وهو العقد المسمى بالقبو، أو خشب أو غير ذلك، لأن الغرض يختلف بذلك. ولا يشترط التعرض لوزن الآلة في الأصح، وتغني مشاهدة الآلة عن كل وصف.
فائدة: ارتفاع الجدار من الأرض سمك بفتح السين، والمنزول منه إليها عمق بضم العين المهملة، لا طول وعرض له بل طوله امتداده من زاوية البيت مثلا إلى زاويته الأخرى، وعرضه هو البعد النافذ من أحد وجهيه إلى الآخر. وقد تقدم أن الأولى للمصنف أن يزيد همزة قبل كان ويأتي ب أم عوضا عن أو، وقد وقع للمصنف مثل هذا في مواضع كثيرة.
(ولو أذن في البناء على أرضه كفى بيان قدر محل البناء) لأن الأرض تحمل كل شئ فلا يختلف الغرض إلا بقدر مكان البناء. وينبغي كما قال الأذرعي بيان قدر حفر الأساس طولا وعرضا وعمقا لاختلاف الغرض به، فإن المالك قد يحفر سردابا أو غيره تحت البناء لينتفع بأرض، ويمنع من ذلك مزاحمة تعميق الأساس. (وأما الجدار المشترك) بين اثنين مثلا، (فليس لأحدهما وضع جذوعه عليه بغير إذن) من الآخر (في الجديد) والقديم له ذلك كالقديم في الجار، وقد سبق توجيههما، وهيهنا أولى. (وليس له) أي أحدهما (أن يتد فيه وتدا) بكسر التاء فيهما وفتحه في الثاني. (أو يفتح) فيه (كوة) أو يترب كتابه منه، أو نحو ذلك مما يضايق فيه عادة.
(إلا بإذنه) أو علمه برضاه كغيره من المشتركات. وأفهم جواز الفتح وغيره بالاذن، لكن يشترط في الفتح أن لا يكون بعوض وإلا كان صلحا على الضوء والهواء المجرد. قال ابن الرفعة: وإذا فتح بالاذن فليس له السد إلا بالاذن أيضا، لأنه تصرف في ملك الغير. (وله أن يستند إليه)، (و) أن (يسند) إليه (متاعا) بقيد، زاده بقوله:
(لا يضر، وله) ولغيره (ذلك في جدار الأجنبي) لأنه لا ضرر على المالك فلا يتضايق فيه، بل له ذلك ولو منعه المالك لأن منعه عناد محض، بل ادعى الامام في المحصول الاجماع فيه. فإن قيل: قضية كلامهم في باب العارية أنه لا يجوز الاستناد إلى جدار الغير بغير إذنه. أجيب بأن ذلك محمول على استناد يضر. وللشريكين قسمة الجدار عرضا في كمال الطول وهذه صورته " - " وطولا في كمال العرض: وهذه صورته " - " لكن بالتراضي لا بالجبر، فلو طلب أحدهما وامتنع الآخر لم يجبر لاقتضاء الاجبار القرعة، وهي ممتنعة هنا لأنها ربما أخرجت لكل منهما ما يضر الآخر في انتفاعه بملكه. وكيف يقسم الجدار، هل يشق بالمنشار أو يعلم بعلامة كخط؟ فيه وجهان، الظاهر كما قال شيخنا جواز كل منهما، ولا نظر في الأول أن شق الجدار إتلاف له وتضييع لأنهما يباشران القسمة لأنفسهما فهو كما لو هدماه واقتسما النقض، ويجبر على قسمة عرصة الجدار، ولو كان عرضا في كمال الطول ليختص كل منهما بما يليه، فلا يقتسمانها بالقرعة لئلا يخرج بها لكل منهما ما يلي الآخر، بخلاف ما إذا اقتسماها طولا في كمال العرض. وفارق ما ذكر في عرصة الجدار ما مر فيه بأنها مستوية وتتيسر قسمتها غالبا بخلافه، وسيأتي إيضاح ذلك إن شاء الله تعالى في باب