مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩٥
الدين لغيره، لأنه إن قبضه قبل التعجيز فواضح، وإلا فمال المكاتب قد صار بالتعجيز للسيد، بخلاف دين السلم قد ينقطع المسلم فيه فيؤدي إلى أن لا يصل المحتال إلى حقه. (دون حوالة السيد) غيره (عليه) أي المكاتب بمال الكتابة، فلا يصح لأن الكتابة جائزة من جهة المكاتب فلا يتمكن المحتال من مطالبته وإلزامه. والثاني: يصحان، أما الحوالة من المكاتب فلما مر، وأما عليه فبناء على أنها استيفاء. والثالث: لا يصحان، أما عليه فلما مر، وأما منه فبناء على أنها بيع والاعتياض عن نجوم الكتابة غير صحيح. واحترز المصنف بالنجوم عما إذا كان للسيد عليه دين معاملة وأحال عليه فإنه يصح كما في زوائد الروضة. ولا نظر إلى سقوطه بالتعجيز، لأن دين المعاملة لازم في الجملة وسقوطه إنما هو بطريق التبعية بخلاف نجوم الكتابة.
ولا يصح بجعل الجعالة ولا عليه قبل تمام العمل ولو بعد الشروع فيه لعدم ثبوت دينها حينئذ بخلافه بعد التمام. (ويشترط العلم) أي علم كل من المحيل والمحتال، (بما يحال به وعليه قدرا) كمائة (وصفة) معتبرة في السلم كما قاله في الكفاية، لأن المجهول لا يصح بيعه إن قلنا إنها بيع، ولا استيفاؤه إن قلنا إنها استيفاء. وسكت عن الجنس لأنه يستغنى عنه بالصفة لتناولها له لغة. (وفي قول تصح بإبل الدية وعليها) والأظهر المنع للجهل بصفتها. وصور المصنف في نكت التنبيه المسألة بقوله: كأن يجني رجل موضحة ثم يجني المجني عليه على آخر موضحة فيجب عليه خمس من الإبل فيحيل المجني عليه أولا وهو الجاني ثانيا المجني عليه ثانيا على الجاني أولا بالخمس من الإبل. (ويشترط تساويهما) أي المحال به وعليه، (جنسا) فلا تصح بالدراهم على الدنانير وعكسه. (وقدرا) فلا تصح بخمسة على عشرة وعكسه، لأن الحوالة معاوضة ارتفاق جوزت الحاجة فاعتبر فيها الاتفاق فيما ذكر كالفرض. (وكذا حلولا وأجلا) وقدرا لأجل. (وصحة وكسرا) وجودة ورداءة (في الأصح) وفي الروضة:
الصحيح إلحاقا لتفاوت الوصف بتفاوت القدر. والثاني: إن كان النفع فيه للمحتال جاز، وإلا فلا، فيحل بالمؤجل والمكسر على الحال الصحيح، وبأبعد الأجلين على الأقرب بخلاف العكس في الجميع وكأنه تبرع بالزيادة. وانقلب على المصنف في الروضة بعض هذه الأمثلة فقال بالصحيح على المكسر وبالجيد على الردئ ونسب للسهو. ولو أحال بمؤجل على مؤجل حلت الحوالة بموت المحال عليه، ولا تحل بموت المحيل لبراءة الحوالة.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أنه لا يعتبر اتفاقهما في الرهن ولا في الضمان، وهو كذلك، بل لو أحاله بدين أو على دين به رهن أو ضامن انفك الرهن وبرئ الضامن لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع، والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن أو الزوج بالصداق، ويفارق المحتال الوارث في نظيره من ذلك بأن الوارث خليفة مورثه فيما يثبت له من الحقوق. ولو شرط العاقد في الحوالة رهنا أو ضمينا فهل يجوز أو لا؟ رجح ابن المقري الأول وصاحب الأنوار الثاني، وحمل شيخي الأول على ما إذا شرط ذلك على المحال عليه والثاني على ما إذا شرط ذلك على المحيل، وهو بعيد إذ المحال عليه لا مدخل له في العقد فالمعتمد كلام صاحب الأنوار. ولا يثبت في عقدها خيار شرط لأنه لم يبن على المعاينة ولا خيار مجلس في الأصح.
وإن قلنا إنها معاوضة لأنها على خلاف القياس، والمحيل قيل يثبت بناء على أنها استيفاء وقد تقدم الكلام على ذلك في باب الخيار.
(ويبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحتال عليه دين المحيل ويتحول حق المحتال إلى ذمة المحال عليه) أي يصير في ذمته. أو معنى صيرورته في ذمته أن الأول باق بعينه لكن تغير محله إن قلنا الحوالة استيفاء، وهذا ظاهر المتن، وبمعنى أنه لزم الذمة ويكون الذي انتقل إليه المحتال غير الذي كان له إن قلنا إنها بيع، وقد مر أنه الأصح، وما ذكر هو فائدة الحوالة.
(فإن تعذر) أخذه من المحال عليه (بفلس) طرأ بعد الحوالة (أو جحد) منه للدين أو للحوالة (وحلف) وقوله: (ونحوهما)
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429