الدين لغيره، لأنه إن قبضه قبل التعجيز فواضح، وإلا فمال المكاتب قد صار بالتعجيز للسيد، بخلاف دين السلم قد ينقطع المسلم فيه فيؤدي إلى أن لا يصل المحتال إلى حقه. (دون حوالة السيد) غيره (عليه) أي المكاتب بمال الكتابة، فلا يصح لأن الكتابة جائزة من جهة المكاتب فلا يتمكن المحتال من مطالبته وإلزامه. والثاني: يصحان، أما الحوالة من المكاتب فلما مر، وأما عليه فبناء على أنها استيفاء. والثالث: لا يصحان، أما عليه فلما مر، وأما منه فبناء على أنها بيع والاعتياض عن نجوم الكتابة غير صحيح. واحترز المصنف بالنجوم عما إذا كان للسيد عليه دين معاملة وأحال عليه فإنه يصح كما في زوائد الروضة. ولا نظر إلى سقوطه بالتعجيز، لأن دين المعاملة لازم في الجملة وسقوطه إنما هو بطريق التبعية بخلاف نجوم الكتابة.
ولا يصح بجعل الجعالة ولا عليه قبل تمام العمل ولو بعد الشروع فيه لعدم ثبوت دينها حينئذ بخلافه بعد التمام. (ويشترط العلم) أي علم كل من المحيل والمحتال، (بما يحال به وعليه قدرا) كمائة (وصفة) معتبرة في السلم كما قاله في الكفاية، لأن المجهول لا يصح بيعه إن قلنا إنها بيع، ولا استيفاؤه إن قلنا إنها استيفاء. وسكت عن الجنس لأنه يستغنى عنه بالصفة لتناولها له لغة. (وفي قول تصح بإبل الدية وعليها) والأظهر المنع للجهل بصفتها. وصور المصنف في نكت التنبيه المسألة بقوله: كأن يجني رجل موضحة ثم يجني المجني عليه على آخر موضحة فيجب عليه خمس من الإبل فيحيل المجني عليه أولا وهو الجاني ثانيا المجني عليه ثانيا على الجاني أولا بالخمس من الإبل. (ويشترط تساويهما) أي المحال به وعليه، (جنسا) فلا تصح بالدراهم على الدنانير وعكسه. (وقدرا) فلا تصح بخمسة على عشرة وعكسه، لأن الحوالة معاوضة ارتفاق جوزت الحاجة فاعتبر فيها الاتفاق فيما ذكر كالفرض. (وكذا حلولا وأجلا) وقدرا لأجل. (وصحة وكسرا) وجودة ورداءة (في الأصح) وفي الروضة:
الصحيح إلحاقا لتفاوت الوصف بتفاوت القدر. والثاني: إن كان النفع فيه للمحتال جاز، وإلا فلا، فيحل بالمؤجل والمكسر على الحال الصحيح، وبأبعد الأجلين على الأقرب بخلاف العكس في الجميع وكأنه تبرع بالزيادة. وانقلب على المصنف في الروضة بعض هذه الأمثلة فقال بالصحيح على المكسر وبالجيد على الردئ ونسب للسهو. ولو أحال بمؤجل على مؤجل حلت الحوالة بموت المحال عليه، ولا تحل بموت المحيل لبراءة الحوالة.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أنه لا يعتبر اتفاقهما في الرهن ولا في الضمان، وهو كذلك، بل لو أحاله بدين أو على دين به رهن أو ضامن انفك الرهن وبرئ الضامن لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع، والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن أو الزوج بالصداق، ويفارق المحتال الوارث في نظيره من ذلك بأن الوارث خليفة مورثه فيما يثبت له من الحقوق. ولو شرط العاقد في الحوالة رهنا أو ضمينا فهل يجوز أو لا؟ رجح ابن المقري الأول وصاحب الأنوار الثاني، وحمل شيخي الأول على ما إذا شرط ذلك على المحال عليه والثاني على ما إذا شرط ذلك على المحيل، وهو بعيد إذ المحال عليه لا مدخل له في العقد فالمعتمد كلام صاحب الأنوار. ولا يثبت في عقدها خيار شرط لأنه لم يبن على المعاينة ولا خيار مجلس في الأصح.
وإن قلنا إنها معاوضة لأنها على خلاف القياس، والمحيل قيل يثبت بناء على أنها استيفاء وقد تقدم الكلام على ذلك في باب الخيار.
(ويبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحتال عليه دين المحيل ويتحول حق المحتال إلى ذمة المحال عليه) أي يصير في ذمته. أو معنى صيرورته في ذمته أن الأول باق بعينه لكن تغير محله إن قلنا الحوالة استيفاء، وهذا ظاهر المتن، وبمعنى أنه لزم الذمة ويكون الذي انتقل إليه المحتال غير الذي كان له إن قلنا إنها بيع، وقد مر أنه الأصح، وما ذكر هو فائدة الحوالة.
(فإن تعذر) أخذه من المحال عليه (بفلس) طرأ بعد الحوالة (أو جحد) منه للدين أو للحوالة (وحلف) وقوله: (ونحوهما)