مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
المشتري بالفلس) أي بسبب إفلاسه والمبيع باق عنده بالشروط الآتية. (فله) أي البائع (فسخ البيع واسترداد المبيع) لحديث الصحيحين: من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به، وكون الثمن غير مقبوض يحتاج إلى إضماره في الحديث، وقول الراوي فيه: عند رجل أو إنسان شك منه. ولا يحتاج في الفسخ إلى حكم حاكم بل يفسخه بنفسه على الأصح، ولو حكم حاكم بمنع الفسخ لم ينقض كما صححه المصنف، وإن قال الإصطخري بنقضه.
ولو وقع البيع ممن يلزمه التصرف بالغبطة كأن يكون مكاتبا أو وليا، والغبطة في الفسخ وجب عليه في ذلك. أما من أفلس ولم يحجر عليه أو حجر عليه للسفه فلا رجوع كما أفهمه كلامه، وأفهم أيضا امتناع الفسخ بالبيع الواقع في حال الحجر، أي لغير الجاهل كما مر.
تنبيه: قوله: ولم يقبض الثمن المراد لم يقبض منه شيئا، بدليل قوله: واسترداد المبيع. أما إذا قبض بعض الثمن فسيذكره بعد. وقوله: واسترداد المبيع قد يوهم منع استرداد بعضه، وليس مردا لأنه مصلحة للغرماء كما يرجع الوالد في بعض ما وهبه لولده بخلاف الرد بالعيب لأنه يضر بالبائع وملك المفلس مبيع كله. وقيد الأذرعي الرجوع بما إذا لم يحصل به ضرر بالتشقيص على الغرماء. وقال السبكي: لا يلتفت إلى ذلك. واقتصر عليه شيخنا في شرح الروض وهو المعتمد. (والأصح أن خياره) أي الفسخ (على الفور) كخيار العيب بجامع دفع الضرر. والثاني: كخيار الرجوع في الهبة للولد. وفرق الأول بحصول الضرر هنا بخلاف ذلك. وعلى الأول لو ادعى الجهل بالفورية كان كالرد بالعيب بل أولى، لا هذا يخفى على غالب الناس بخلاف ذلك. (و) الأصح (أنه لا يحصل الفسخ بالوطئ للأمة (والاعتاق) للرقيق (والبيع) والهبة ونحو ذلك، وتلغو هذه التصرفات كمالا يحصل بها في الهبة للولد. والثاني: يحصل كالبائع في زمن الخيار. وفرق الأول بأن ملك المشتري ثم ليس بمستقر فجاز الفسخ بما ذكر بخلاف مسألتنا. ومحل الخلاف إذا نوى بالوطئ الفسخ وقلنا هذا الفسخ لا يفتقر إلى حاكم كما مر، وإلا فلا يحصل به قطعا. ويحصل الفسخ ب‍ فسخت البيع ونقضته ورفعته، وكذا بقوله: رددت الثمن أو فسخت البيع فيه في الأصح. (وله الرجوع) في عين ماله الفسخ (في سائر المعاوضات) التي (كالبيع) وهي المحضة، كالإجارة والقرض والسلم لعموم الحديث السابق، فإذا أجره دارا بأجرة حالة لم يقبضها حتى حجر عليه فله الرجوع في الدار بالفسخ تنزيلا للمنفعة منزلة العين في البيع، أو سلمه الدراهم قرضا أو رأس مال سلم حال أو مؤجل فحل. ثم حجر عليه والدراهم باقية بالشروط الآتية فله الرجوع فيها بالفسخ. وخرج بالمعاوضة غيرها كالهبة، وبالمحضة غيرها كالنكاح، والصلح عن دم العمد لأنها ليست في معنى المنصوص عليه لانتفاء العوض في الهبة ونحوها ولتعذر استيفائه في البقية. وأما فسخ الزوجة بإعسار زوجها بالمهر أو النفقة كما سيأتي في بابه فلا يختص بالحجر. (وله) أي للرجوع في البيع، (شروط: منها كون الثمن حالا) عند الرجوع فلا يصح رجوع حال وجود الاجل، لأن المؤجل لا يطالب به. ومن هذا يؤخذ أن الإجارة المستحق فيها أجرة كل شهر عند مضيه أنه لا فسخ فيها لأنه لا يتأتى الفسخ قبل مضي الشهر لعدم الحلول ولا بعده لفوات المنفعة فهو كتلف المبيع، نبه عليه ابن الصلاح في فتاويه. نعم لو أجر شيئا بأجرة بعضها حال وبعضها مؤجل فالظاهر كما قال شيخنا أنه يفسخ في الحال بالقسط.
تنبيه: يندرج في كلام المصنف ما لو وقع الشراء بالحال، وما لو اشترى بمؤجل وحل قبل الحجر، وهو الأصح، وما لو حل بعده، وهو الأصح في الشرح الصغير، وقال في زيادة الروضة: إنه الأصح في الوجيز وسكت عليه، ولا ترجيح في الكبير. (و) منها (أن يتعذر حصوله) أي الثمن (بالافلاس) أي بسببه. (فلو) انتفى الافلاس و (امتنع من دفع الثمن مع يساره أو هرب) عطف على امتنع، أو مات مليئا وامتنع الوارث من التسليم، (فلا فسخ في الأصح) لأن
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429