، واختاره الأسنوي. وقضية كلام المتولي خلافه، واختاره السبكي. والأول أنسب بقاعدة الباب من أنه لا يؤمر بتحصيل ما ليس بحاصل، وهو أنسب من قول الولي العراقي من أنه لو فصل بين أن يتكرر ذلك منه ثلاث مرات فأكثر وبين أن يوجد منه مرة أو مرتين لم يبعد. (ويباع مسكنه وخادمه) ومركوبه (في الأصح) المنصوص، (وإن احتاج إلى خادم) ومركوب (لزمانته ومنصبه) لأن تحصيلهما بالكراء يسهل، فإن تعذر فعلى المسلمين . والثاني: يبقيان للمحتاج إذا كانا لائقين به دون النفيسين. وهو مخرج من نصه في الكفارات أيضا. وفرق الأول بأن حقوق الآدميين أضيق ولا بد لها. وتباع البسط والفرش، ويسامح في حصير ولبد قليلي القيمة. (ويترك له دست ثوب يليق به) حال فلسه كما قاله الامام إن كان في ماله، وإلا اشتري له لأن الحاجة إلى الكسوة كالحاجة إلى النفقة.
فلو كان يلبس قبل الافلاس فوق ما يليق بمثله رد إلى اللائق أو دون اللائق تقتيرا لم يزد عليه.
تنبيه: قال الأسنوي: الضمير في له عائد على لفظ من المذكور في النفقة، وحينئذ فيدخل فيه نفسه وعياله ، ونقله الزركشي عن البغوي وغيره. (وهو قميص وسراويل) ومنديل (وعمامة ومكعب) أي مداس. (ويزاد في الشتاء جبة) محشوة أو ما في معناها كفروة، لأنه يحتاج إلى ذلك، ولا يؤجر غالبا. ويترك له أيضا طيلسان وخف ودراعة - بضم المهملة - يلبسها فوق القميص أو نحوها مما يليق إن لاق به ذلك لئلا يحصل الازدراء بمنصبه. وتزاد المرأة مقنعة - وغيرها مما يليق بها. وسكتوا عما يلبس على الرأس تحت العمامة، قال الأسنوي: والذي يظهر إيجابه، وذكر نحوه الأذرعي، وهو ظاهر، ويقال لما تحتها القلنسوة، ومثلها تكة اللباس.
تنبيه: قال العبادي: يترك للعالم كتبه، وتبعه ابن الأستاذ، وقال تفقها: يترك للجندي المرتزق خيله وسلاحه المحتاج إليهما، بخلاف المتطوع بالجهاد فإن وفاء الدين أولى له إلا أن يتعين عليه الجهاد ولا يجد غيرها. أما المصحف فيباع، قال السبكي: لأنه محفوظ فلا يحتاج إلى مراجعته، ويسهل السؤال عن الغلط من الحفظة بخلاف كتب العلم.
قال صاحب التهذيب في الفتاوى: ويبيع - أي القاضي - آلات حرفته إن كان مجنونا، ومفهومه أنها لا تباع إن كان عاقلا، والأصح كما في الأنوار خلافه. وقال ابن سريج: يترك له رأس مال يتجر فيه إن لم يحسن الكسب إلا به. قال الأذرعي:
وأظن أن مراده اليسير كما قاله الدارمي، أما الكثير فلا إلا برضاهم. (ويترك له قوت يوم القسمة وسكناه كما في الوجيز، (لمن عليه نفقته) لأنه موسر في أوله بخلاف ما بعده. قال في المهمات: والمراد اليوم بليلته كما صرح به البغوي في التهذيب، ونقله المصنف في تعليقه على المهذب وارتضاه اه. فإن قسم ليلا يلحق به اليوم الذي بعده قياسا على الليلة، ويترك ما يجهز به من مات منهم ذلك اليوم أو قبله مقدما به على الغرماء. هذا كله إذا كان بعض ماله خاليا عن تعلق حق لمعين، فإن تعلق بجميع ماله حق لمعين كالمرهون فلا ينفق عليه ولا على عياله منه. (وليس عليه بعد القسمة أن يكتسب أو يؤجر نفسه لبقية الدين) لقوله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) *، أمر بانتظاره ولم يأمر باكتسابه، ولقوله (ص) في خبر معاذ: ليس لكم إلا ذلك. ولا يلزمه ترك القصاص الواجب له بجناية عليه أو على غيره كرقيقه بالأرش، لأنه في معنى الكسب. نعم إن وجب الدين بسبب عصى به كإتلاف مال الغير عمدا وجب عليه الاكتساب كما نقله الأسنوي عن ابن الصلاح، ثم قال: وهو واضح لأن التوبة من ذلك واجبة، وهي متوقفة في حقوق الآدميين على الرد، بل نقل الغزالي في باب التوبة من الاحياء: أن من استطاع الحج ولم يحج حتى أفلس فعليه الخروج، فإن لم يقدر مع الافلاس فعليه أن يكتسب من الحلال قدر الزاد، فإن لم يقدر فعليه أن يسأل الناس ليصرف إليه من الزكاة أو الصدقة ما يحج به، فإن مات قبل الحج مات عاصيا. فهذا أبلغ مما نقل عن ابن الصلاح، فإن الحج من حقوق الله تعالى.