مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٣
القديم، وتقدم أن الدين إذا تقدم سببه فكالقديم. ولو غاب غريم وعرف قدر حقه قسم عليه وإن لم يعرف، فإن أمكنت مراجعته وجب الارسال إليه، وإن لم تمكن مراجعته ولا حضوره رجع في قدره إلى المفلس، فإن حضر وظهر له زيادة فهو كظهور غريم بعد القسمة. ولو تلف بيد الحاكم ما أفرزه للغائب بعد أخذ الحاضر حصته أو إفرازها ، فعن القاضي أن الغائب لا يزاحم من قبض. (ولو خرج شئ باعه) المفلس (قبل الحجر مستحقا والثمن) المقبوض (تالف فكدين ظهر) سواء أتلف قبل الحجر أم بعده لثبوته قبل الحجر. وخرج بقوله: والثمن تالف ما إذا كان باقيا فإنه يرده. فإن قيل قوله: فكدين ظهر لا معنى للكاف بل هو دين ظهر حقيقة. أجيب بأن معناها مثل كما في قوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) *، فكأنه قال: فمثل الدين اللازم دين ظهر من غير هذا الوجه، وحكمه ما سبق فيشارك المشتري الغرماء من غير نقض القسمة أو مع نقضها. والمراد بالمثل البدل ليشمل القيمة في المتقوم. (وإن استحق شئ باعه الحاكم) أو أمينه والثمن المقبوض تالف، (قدم المشتري بالثمن) أي بمثله على باقي الغرماء لئلا يرغب الناس عن شراء مال المفلس، فكان التقديم من مصالح الحجر كأجرة الكيال ونحوها من المؤن. (وفي قول يحاص الغرماء به) كسائر الديون لأنه دين في ذمة المفلس، ودفع بما مر. وليس الحاكم ولا أمينه طريقا في الضمان لأنه نائب الشرع.
(وينفق) الحاكم من مال المفلس عليه و (على من عليه نفقته) من زوجة وقريب وأم ولد وخادم، (حتى يقسم ماله) لأنه موسر ما لم يزل ملكه عنه، ومحله في الزوجة التي نكحها قبل الحجر، أما المنكوحة بعده فلا، بخلاف الولد المتجدد له. وفرق بينهما بعدم الاختيار في الولد بخلاف الزوجة. ولا فرق في المملوك بين القديم والحادث بعد الحجر لأنه مال وفيه نفع للغرماء. فإن قيل: لو أقر السفيه بولد ثبت نسبه وأنفق عليه من بيت المال فهلا كان المفلس كذلك أجيب بأن إقرار السفيه بالمال ربما يقتضيه لا يقبل، بخلاف إقرار المفلس فإنه يقبل على الصحيح، وغايته هنا أن يكون قد أقر بدين وإقراره به مقبول ويجب أداؤه، فبالأولى وجوب الانفاق لأنه وقع تبعا، كثبوت النسب تبعا لثبوت الولادة بشهادة النسوة. فإن قيل: هلا كان إقراره كتجديد الزوجة أجيب بأن الاقرار به واجب بخلاف التزوج. فإن قيل: قد يكون الآخر واجبا بأن ظلمها في القسم وطلقها على القول بوجوبه كما سيأتي في بابه. أجيب بأنه يمكنه الخروج من ذلك بأن تسامحه من حقها ولا كذلك النسب، ولو اشترى أمة في ذمته بعد الحجر وأولدها وقلنا بنفوذ إيلاده، فالأوجه كما اقتضاه كلامهم أنه ينفق عليها، وفارقت الزوجة لقدرتها على الفسخ بخلاف أم الولد.
وينفق على الزوجة نفقة المعسرين على المعتمد الموافق لنص الشافعي، خلافا للروياني من أنه ينفق نفقة الموسرين.
وعلل بأنه لو أنفق نفقة المعسرين لما أنفق على القريب. ورد بأن اليسار المعتبر في نفقة الزوجة غير المعتبر في نفقة القريب، لأن الموسر في نفقته من يفضل ماله عن قوته وقوت عياله، وفي نفقة الزوجة من يكون دخله أكثر من خرجه، وبأن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان بخلاف القريب فلا يلزم من انتفاء الأول انتفاء الثاني. واعلم أنهم ذكروا في ولي الصبي أنه لا ينفق على قريبه إلا بعد الطلب فليكن هنا مثله بل أولى لمزاحمة حق الغرماء.
تنبيه: لو عبر بيمون بدل ينفق لكان أولى ليشمل النفقة والكسوة والاسكان والاخدام وتكفين من مات منهم قبل القسمة، لأن ذلك كله عليه. (إلا أن يستغني) المفلس (بكسب) لائق به، فلا ينفق الحاكم عليه ولا عليهم من ماله بل من كسبه، فإن لم يوف كمل من ماله أو فضل منه شئ أضيف إلى المال. أما غير اللائق فكالعدم كما صرحوا به في قسم الصدقات وسكتوا عنه هنا. ولو رضي بما لا يليق به وهو مباح لا يمنع منه، قال الأذرعي: وكفانا مؤنته. ولو امتنع من اللائق به، فقضية كلام المتن والمطلب أن ينفق من ماله لأنه صدق عليه أنه لم يستغن من كسبه
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429