القديم، وتقدم أن الدين إذا تقدم سببه فكالقديم. ولو غاب غريم وعرف قدر حقه قسم عليه وإن لم يعرف، فإن أمكنت مراجعته وجب الارسال إليه، وإن لم تمكن مراجعته ولا حضوره رجع في قدره إلى المفلس، فإن حضر وظهر له زيادة فهو كظهور غريم بعد القسمة. ولو تلف بيد الحاكم ما أفرزه للغائب بعد أخذ الحاضر حصته أو إفرازها ، فعن القاضي أن الغائب لا يزاحم من قبض. (ولو خرج شئ باعه) المفلس (قبل الحجر مستحقا والثمن) المقبوض (تالف فكدين ظهر) سواء أتلف قبل الحجر أم بعده لثبوته قبل الحجر. وخرج بقوله: والثمن تالف ما إذا كان باقيا فإنه يرده. فإن قيل قوله: فكدين ظهر لا معنى للكاف بل هو دين ظهر حقيقة. أجيب بأن معناها مثل كما في قوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) *، فكأنه قال: فمثل الدين اللازم دين ظهر من غير هذا الوجه، وحكمه ما سبق فيشارك المشتري الغرماء من غير نقض القسمة أو مع نقضها. والمراد بالمثل البدل ليشمل القيمة في المتقوم. (وإن استحق شئ باعه الحاكم) أو أمينه والثمن المقبوض تالف، (قدم المشتري بالثمن) أي بمثله على باقي الغرماء لئلا يرغب الناس عن شراء مال المفلس، فكان التقديم من مصالح الحجر كأجرة الكيال ونحوها من المؤن. (وفي قول يحاص الغرماء به) كسائر الديون لأنه دين في ذمة المفلس، ودفع بما مر. وليس الحاكم ولا أمينه طريقا في الضمان لأنه نائب الشرع.
(وينفق) الحاكم من مال المفلس عليه و (على من عليه نفقته) من زوجة وقريب وأم ولد وخادم، (حتى يقسم ماله) لأنه موسر ما لم يزل ملكه عنه، ومحله في الزوجة التي نكحها قبل الحجر، أما المنكوحة بعده فلا، بخلاف الولد المتجدد له. وفرق بينهما بعدم الاختيار في الولد بخلاف الزوجة. ولا فرق في المملوك بين القديم والحادث بعد الحجر لأنه مال وفيه نفع للغرماء. فإن قيل: لو أقر السفيه بولد ثبت نسبه وأنفق عليه من بيت المال فهلا كان المفلس كذلك أجيب بأن إقرار السفيه بالمال ربما يقتضيه لا يقبل، بخلاف إقرار المفلس فإنه يقبل على الصحيح، وغايته هنا أن يكون قد أقر بدين وإقراره به مقبول ويجب أداؤه، فبالأولى وجوب الانفاق لأنه وقع تبعا، كثبوت النسب تبعا لثبوت الولادة بشهادة النسوة. فإن قيل: هلا كان إقراره كتجديد الزوجة أجيب بأن الاقرار به واجب بخلاف التزوج. فإن قيل: قد يكون الآخر واجبا بأن ظلمها في القسم وطلقها على القول بوجوبه كما سيأتي في بابه. أجيب بأنه يمكنه الخروج من ذلك بأن تسامحه من حقها ولا كذلك النسب، ولو اشترى أمة في ذمته بعد الحجر وأولدها وقلنا بنفوذ إيلاده، فالأوجه كما اقتضاه كلامهم أنه ينفق عليها، وفارقت الزوجة لقدرتها على الفسخ بخلاف أم الولد.
وينفق على الزوجة نفقة المعسرين على المعتمد الموافق لنص الشافعي، خلافا للروياني من أنه ينفق نفقة الموسرين.
وعلل بأنه لو أنفق نفقة المعسرين لما أنفق على القريب. ورد بأن اليسار المعتبر في نفقة الزوجة غير المعتبر في نفقة القريب، لأن الموسر في نفقته من يفضل ماله عن قوته وقوت عياله، وفي نفقة الزوجة من يكون دخله أكثر من خرجه، وبأن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان بخلاف القريب فلا يلزم من انتفاء الأول انتفاء الثاني. واعلم أنهم ذكروا في ولي الصبي أنه لا ينفق على قريبه إلا بعد الطلب فليكن هنا مثله بل أولى لمزاحمة حق الغرماء.
تنبيه: لو عبر بيمون بدل ينفق لكان أولى ليشمل النفقة والكسوة والاسكان والاخدام وتكفين من مات منهم قبل القسمة، لأن ذلك كله عليه. (إلا أن يستغني) المفلس (بكسب) لائق به، فلا ينفق الحاكم عليه ولا عليهم من ماله بل من كسبه، فإن لم يوف كمل من ماله أو فضل منه شئ أضيف إلى المال. أما غير اللائق فكالعدم كما صرحوا به في قسم الصدقات وسكتوا عنه هنا. ولو رضي بما لا يليق به وهو مباح لا يمنع منه، قال الأذرعي: وكفانا مؤنته. ولو امتنع من اللائق به، فقضية كلام المتن والمطلب أن ينفق من ماله لأنه صدق عليه أنه لم يستغن من كسبه