البخاري وغيره مما يدل على الحرمة، فبعضه شرط فيه أجل، وبعضه محمول على اشتراط الهدية في العقد. وفي كراهة الاقراض ممن تعود رد الزيادة وجهان، أوجههما الكراهة. (ولو شرط) أو يرد (مكسرا عن صحيح) أ رديئا عن جيد، (أو أن يقرضه غيره) أو شيئا آخر، (لغا الشرط) أي لا يعتبر. (والأصح أنه لا يفسد العقد) لأنه وعد بإحسان لا جر منفعة للمقرض بل للمقترض، والعقد عقد إرفاق، فكأنه زاد في الارفاق. والثاني: يفسد لمنافاته مقتضى العقد.
فإن قيل: هذا هو المصحح في نظيره من الرهن كما سيأتي فيحتاج إلى الفرق. أجيب بقوة داعي القرض لأنه سنة، بخلاف الرهن. وأيضا وضع القرض على جر المنفعة إلى المستقر، فكيف يفسد القرض باشتراطه. (ولو شرط أجلا فهو كشرط مكسر عن صحيح إن لم يكن للمقرض غرض) لارتفاق المستقرض بالأجل، فعلى هذا يصح العقد ولا يلزم الاجل على الصحيح، لأنه عقد يمتنع فيه التفاضل فامتنع فيه الاجل كالصرف، لكن يندب الوفاء بالأجل لأنه وعد كما في تأجيل الدين الحال. قال ابن الرفعة: وغير الاجل مما ذكر في معناه. نعم إن أوصى بذلك أو نذره لزم إنفاذ وصيته والوفاء بالنذر، لكن هذا بتأجيل، بل تأخير طلب مع حلول الدين، ويظهر أثر هذا في الزكاة. (وإن كان) للمقرض غرض في الاجل، (كزمن نهب) والمستقرض ملئ كما قيداه في الشرح والروضة، (فكشرط صحيح عن مكسر في الأصح) لما فيه من جر المنفعة فيفسد العقد، والثاني: يصح ويلغو الشرط. (وله) أي للمقرض (شرط رهن وكفيل) وإشهاد وإقرار به عند حاكم لأن ذلك توثقة للعقد لا زيادة فيه، فله إذا لم يوف المقترض به الفسخ على قياس ما ذكر في اشتراطها في البيع وإن كان له الرجوع بلا شرط كما سيأتي لأنه يبقى رجوع بلا سبب. (ويملك القرض) أي المقرض (بالقبض) وإن لم يتصرف فيه كالموهوب، وأولى لأن للعوض مدخلا فيه، ولأنه لو لم يملك به لامتنع عليه التصرف فيه. (وفي قول) يملك (بالتصرف) المزيل للملك، بمعنى أنه يتبين به الملك قبله. وفائدة الخلاف تظهر في المنفعة وفيما لو استقرض من يعتق عليه. (وله) أي للمقرض (الرجوع في عينه ما دام باقيا) في ملك المقترض، (بحاله في الأصح) لأن له طلب بدله عند فقده، فالمطالبة بعينه أولى لأنه أقرب منه، ويلزم المقترض رده. والثاني: لا يرجع فيه، بل للمقترض أن يؤدي حقه من موضع آخر كسائر الديون. والخلاف على القول بأنه يملك بالقبض وإلا رجع فيه جزما. واحترز بقوله: بحاله عما لو وجده مرهونا أو مكاتبا أو جنى فتعلق الأرش برقبته فإنه لا رجوع له. ولو رده المقترض بعينه لزم المقرض قبوله قطعا، إن نقص فله قبوله مع الأرش أو مثله سليم، قاله الماوردي. ولو زاد رجع في زيادته المتصلة دون المنفصلة. ويرد على المصنف ما لو وجده مؤجرا أو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة فإنه يرجع فيه مع صدق أنه ليس بحاله، فلو عبر بقوله: ما لم يبطل به حق لازم لكان أولى ولا أرش له فيما إذا وجده مؤجرا بل يأخذه مسلوب المنفعة. ولو زال ملكه ثم عاد فوجهان وقياس نظائره الرجوع، وبه جزم العمراني وإن أفهم كلام المصنف خلافه، (والله أعلم).
فائدة: روى ابن ماجة أن النبي (ص) قال: من استقرض في حاجة غير مكروهة فالله معه ، وكان راويه عبد الله بن جعفر يقول كل ليلة لوكيله: اقترض لي شيئا لأبيت والله معي.
خاتمة: لو قال لغيره: خذ من مالي الذي لي في جهة زيد ألفا قرضا فأخذها منه، فإن كان ما في جهة زيد دينا عليه لم يصح قرضها لأن الانسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا لغيره، وإنما ذلك توكيل بقبض الدين فلا بد من قرض جديد أو عينا كوديعة صح قرضا. قال الماوردي: ولو قال لغيره: اقترض لي مائة ولك علي عشرة فهو جعالة، فلو أن