مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٠
البخاري وغيره مما يدل على الحرمة، فبعضه شرط فيه أجل، وبعضه محمول على اشتراط الهدية في العقد. وفي كراهة الاقراض ممن تعود رد الزيادة وجهان، أوجههما الكراهة. (ولو شرط) أو يرد (مكسرا عن صحيح) أ رديئا عن جيد، (أو أن يقرضه غيره) أو شيئا آخر، (لغا الشرط) أي لا يعتبر. (والأصح أنه لا يفسد العقد) لأنه وعد بإحسان لا جر منفعة للمقرض بل للمقترض، والعقد عقد إرفاق، فكأنه زاد في الارفاق. والثاني: يفسد لمنافاته مقتضى العقد.
فإن قيل: هذا هو المصحح في نظيره من الرهن كما سيأتي فيحتاج إلى الفرق. أجيب بقوة داعي القرض لأنه سنة، بخلاف الرهن. وأيضا وضع القرض على جر المنفعة إلى المستقر، فكيف يفسد القرض باشتراطه. (ولو شرط أجلا فهو كشرط مكسر عن صحيح إن لم يكن للمقرض غرض) لارتفاق المستقرض بالأجل، فعلى هذا يصح العقد ولا يلزم الاجل على الصحيح، لأنه عقد يمتنع فيه التفاضل فامتنع فيه الاجل كالصرف، لكن يندب الوفاء بالأجل لأنه وعد كما في تأجيل الدين الحال. قال ابن الرفعة: وغير الاجل مما ذكر في معناه. نعم إن أوصى بذلك أو نذره لزم إنفاذ وصيته والوفاء بالنذر، لكن هذا بتأجيل، بل تأخير طلب مع حلول الدين، ويظهر أثر هذا في الزكاة. (وإن كان) للمقرض غرض في الاجل، (كزمن نهب) والمستقرض ملئ كما قيداه في الشرح والروضة، (فكشرط صحيح عن مكسر في الأصح) لما فيه من جر المنفعة فيفسد العقد، والثاني: يصح ويلغو الشرط. (وله) أي للمقرض (شرط رهن وكفيل) وإشهاد وإقرار به عند حاكم لأن ذلك توثقة للعقد لا زيادة فيه، فله إذا لم يوف المقترض به الفسخ على قياس ما ذكر في اشتراطها في البيع وإن كان له الرجوع بلا شرط كما سيأتي لأنه يبقى رجوع بلا سبب. (ويملك القرض) أي المقرض (بالقبض) وإن لم يتصرف فيه كالموهوب، وأولى لأن للعوض مدخلا فيه، ولأنه لو لم يملك به لامتنع عليه التصرف فيه. (وفي قول) يملك (بالتصرف) المزيل للملك، بمعنى أنه يتبين به الملك قبله. وفائدة الخلاف تظهر في المنفعة وفيما لو استقرض من يعتق عليه. (وله) أي للمقرض (الرجوع في عينه ما دام باقيا) في ملك المقترض، (بحاله في الأصح) لأن له طلب بدله عند فقده، فالمطالبة بعينه أولى لأنه أقرب منه، ويلزم المقترض رده. والثاني: لا يرجع فيه، بل للمقترض أن يؤدي حقه من موضع آخر كسائر الديون. والخلاف على القول بأنه يملك بالقبض وإلا رجع فيه جزما. واحترز بقوله: بحاله عما لو وجده مرهونا أو مكاتبا أو جنى فتعلق الأرش برقبته فإنه لا رجوع له. ولو رده المقترض بعينه لزم المقرض قبوله قطعا، إن نقص فله قبوله مع الأرش أو مثله سليم، قاله الماوردي. ولو زاد رجع في زيادته المتصلة دون المنفصلة. ويرد على المصنف ما لو وجده مؤجرا أو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة فإنه يرجع فيه مع صدق أنه ليس بحاله، فلو عبر بقوله: ما لم يبطل به حق لازم لكان أولى ولا أرش له فيما إذا وجده مؤجرا بل يأخذه مسلوب المنفعة. ولو زال ملكه ثم عاد فوجهان وقياس نظائره الرجوع، وبه جزم العمراني وإن أفهم كلام المصنف خلافه، (والله أعلم).
فائدة: روى ابن ماجة أن النبي (ص) قال: من استقرض في حاجة غير مكروهة فالله معه ، وكان راويه عبد الله بن جعفر يقول كل ليلة لوكيله: اقترض لي شيئا لأبيت والله معي.
خاتمة: لو قال لغيره: خذ من مالي الذي لي في جهة زيد ألفا قرضا فأخذها منه، فإن كان ما في جهة زيد دينا عليه لم يصح قرضها لأن الانسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا لغيره، وإنما ذلك توكيل بقبض الدين فلا بد من قرض جديد أو عينا كوديعة صح قرضا. قال الماوردي: ولو قال لغيره: اقترض لي مائة ولك علي عشرة فهو جعالة، فلو أن
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429