يملؤه ويصب على رأسه بقدر ما يحمل. ويسلم التمر جافا ولو في أول جفافه لأنه قبل جفافه لا يسمى تمرا، ولا يجزئ ما تناهى جفافه حتى لم يبق فيه نداوة لأن ذلك نقص كما ذكره ابن الرفعة والسبكي وغيرهما. ويسلم الرطب غير مشدخ، وهو البسر يعالج بالغمر ونحوه حتى يتشدخ: أي يترطب، وهو المسمى بالمعمول في بلاد مصر وتسلم الحنطة ونحوها نقية من التراب والمدر والشعير ونحو ذلك، وقليل التراب ونحوه يحتمل في الكيل لأنه لا يظهر فيه لا في الوزن لظهوره فيه، ومع احتماله في الكيل إن كان لاخراج التراب ونحوه مؤنة لم يلزمه قبوله كما حكاه في الروضة وأقره. (ولو أحضره) أي المسلم فيه المؤجل، (قبل محله) بكسر الحاء: أي وقت حلوله. (فامتنع المسلم من قبوله لغرض صحيح بأن كان حيوانا) يحتاج لمؤنة لها وقع كما قيده في المحرر بذلك، فلو قصرت المدة لم يكن له الامتناع. (أو وقت غارة) والأفصح إغارة كما استعمله المصنف في باب الهدنة. أو كان تمرا أو لحما يريد أكله عند المحل طريا، أو كان مما يحتاج إلى مكان له مؤنة كالحنطة الكثيرة.
(لم يجبر) على قبوله لتضرره وإن كان للمؤدي غرض صحيح في التعجيل.
تنبيه: لو عبر بقوله (كأن) ليشمل ما ذكرته لكان أولى من التعبير (بأن) لأنه يوهم الحصر فيما ذكره وليس مرادا، ولكن يكثر في كلام الشيخين الاتيان (بأن) بدل كأن، ولكنه خلاف المصطلح عليه. وقوله: أو وقت غارة تقديره:
أو لوقت وقت غار، فلا يصح عطفه على خبر كان. (وإلا) بأن لم يكن للمسلم غرض صحيح في الامتناع (فإن كان للمؤدي غرض صحيح) في التعجيل، (كفك رهن) أو براءة ضامن، (أجبر) المسلم على القبول، لأن امتناعه حينئذ تعنت. (وكذا) يجبر عليه لخوف انقطاع الجنس عند الحلول، أو (لمجرد غرض البراءة) أي براءة ذمة المسلم إليه، (في الأظهر) وكذا لا لغرض كما اقتضاه كلام الروض، لأن الاجل حق المدين، وقد أسقطه فامتناعه من قبوله محض تعنت. فإن قيل: قد ذكروا في باب المناهي أن المدين إذا أسقط الاجل لا يسقط حتى لا يتمكن المستحق من مطالبته. أجيب بأن الاسقاط هنا وسيلة إلى الطلب المؤدي للبراءة، والدفع محصل لها نفسها فكان أقوى، مع أن الاجل لم يسقط في الموضعين. والثاني:
لا يجبر للمنة. وعلم مما تقرر أنه لو تعارض غرضاهما، فالمرعي جانب المستحق على الأصح كما أفهمه كلام المصنف، فإنه لم ينظر إلى غرض المؤدي إلا عند عدم غرض المستحق، ويجبر الدائن على قبول كل دين حال إن كان غرض المؤدي غير البراءة، وعليه أو على الابراء إن كان غرضه البراءة. قال السبكي: هذا إذا أحضره من هو عليه، فإن تبرع به غيره فإن كان عن حي لم يجب القبول للمنة، وإلا فإن كان المتبرع الوارث وجب القبول لأنه يخلص التركة لنفسه، أو غيره ففيه تردد جواب القاضي اه. والظاهر عدم الوجوب، وحيث ثبت الاجبار وأصر على الامتناع قبضه الحاكم له.
تنبيه: لو أحضر المسلم فيه الحال في مكان التسليم لغرض غير البراءة أجبر المسلم على قبوله، أو لغرضها أجبر على القبول أو الابراء. وقد يقال بالتخيير في المؤجل والحال المحضر في غير مكان التسليم أيضا، وجرى عليه صاحب الأنوار في الثاني. والذي يقتضيه كلام الروضة وأصلها وهو الأوجه الاجبار فيهما على القبول فقط، والفرق أن المسلم في مسألتنا استحق التسليم فيها لوجود زمانه ومكانه، فامتناعه عنه محض عناد فضيق عليه بطلب الابراء بخلاف ذينك. (ولو وجد المسلم المسلم إليه بعد المحل) بكسر الحاء. (في غير محل التسليم) بفتحها، وهو مكانه المتعين بالعقد أو الشرط وطالبه بالمسلم فيه (لم يلزمه) أي المسلم إليه، (الأداء إن كان لنقله) من محل التسليم إلى محل الظفر (مؤنة) ولم يتحملها المسلم عن المسلم إليه لعدم التزامه لها ولتضرره بذلك، بخلاف ما لا مؤنة لنقله كدراهم لا مؤنة لنقلها أو تحملها المسلم فإنه يلزمه الأداء إذ لا ضرر عليه حينئذ.
تنبيه: أشار المصنف بنفي الأداء خاصة إلا أن له الدعوى عليه وإلزامه بالسفر معه إلى مكان التسليم أو بالتوكيل،