بدو الصلاح.
تنبيه: كلامهم قد يوهم اعتبار اشتداد جميع الحب، وليس مرادا، فقد ذكر المتولي وغيره أنه إذا اشتد بعض السنابل كان كبدو الصلاح بعض الثمار. وقد اكتفوا في التأبير بطلعة واحدة وفي بدو الصلاح بحبة واحدة، وقياسه هنا أنه يكتفي باشتداد سنبلة واحدة. قال الأذرعي: وفي النفس من ذلك في الجميع شئ. وقال الزركشي: كل ذلك مشكل. ولا يصح بيع البطيخ والباذنجان ونحوهما قبل بدو الصلاح إلا بشرط القطع، وإن بيع من مالك الأصول لما مر، ولو باعه مع أصوله فكبيع الثمرة مع الشجرة على ما بحثه الرافعي بعد أن نقل عن الامام والغزالي وجوب شرط القطع لتعرض أصله للعاهة، بخلاف ما إذا باعهما مع الأرض لأنه كالشجرة فلا يحتاج إلى شرط القطع. وجزم الحاوي بما بحثه الرافعي وصححه السبكي والأسنوي وغيرهما وهو المعتمد، وقال ابن الرفعة: إنه المنقول وما قاله الامام من تفقهه اه. فإن باع ذلك بعد بدو صلاحه ولو لبعضه دون أصوله أو باع أصوله دونه وغلب اختلاط حادثه بالموجود لم يصح إلا بشرط القطع، لأن بيعه بدون ذلك يفضي إلى تعذر إمضاء العقد، فإن أمن الاختلاط جاز بغير شرط كما يجوز بيع ما لا يغلب اختلاطه كذلك بأن ندر أو استوى فيه الأمران أو لم يعلم حاله. (ويشترط لبيعه) أي الزرع، (وبيع الثمر بعد بدو الصلاح ظهور المقصود) من الحب والثمر لئلا يكون بيع غائب، (كتين وعنب) لأنهما مما لا كمام له. (وشعير) لظهوره في سنبله. (وما لا يرى حبه كالحنطة والعدس) بفتح الدال، والسمسم (في السنبل لا يصح بيعه دون سنبله) لاستتاره، (ولا معه في الجديد) لأن المقصود منه مستتر بما ليس من صلاحه كالحنطة في تبنها بعد الدياس فإنه لا يصح قطعا، والقديم الجواز لأن بقاءه فيه من مصلحته، ولخبر مسلم: نهى رسول الله (ص) عن بيع السنبل حتى يبيض أي يشتد فيجوز، ولم يفصل بين حب وحب، وأجيب بحمله على الشعير ونحوه جمعا بين الدليلين. والأرز كالشعير، وقيل كالحنطة. والذرة نوعا: بارز الحبات كالشعير، وفي كمام كالحنطة. ولا يصح بيع الجزر والفجل ونحوهما كالثوم والبصل في الأرض لاستتار مقصودها، وعد في الروضة من ذلك السلق، وهو محمول على أحد نوعيه، وهو ما يكون مقصوده مغيبا في الأرض. أما ما يظهر مقصوده على وجهها وهو المعروف بأكثر بلاد مصر والشام فيجوز بيعه كالبقل، ويصح بيع ورقها بشرط القطع كالبقول. (ولا بأس بكمام) وهو بكسر الكاف: وعاء الطلع وغيره، (ولا يزال إلا عند الاكل) كالرمان والعلس والموز والبطيخ والباذنجان والأرز في سنبله، لأن بقاءه فيه من مصلحته. ولا يخالف ما ذكر في العلس والأرز عدم صحة السلم فيهما كما سيأتي في بابه، لأن البيع يعتمد المشاهدة بخلاف السلم فإنه يعتمد الأوصاف، وهي لا تفيد الغرض في ذلك لاختلاف القشر خفة ورزانة، ولان السلم عقد غرر فلا يضم إليه غرر آخر بلا حاجة إليه. وما نقل عن فتاوى المصنف من أن الأصح جواز السلم في الأرز محمول على المقشور. (وما له كمامان كالجوز واللوز والباقلا) وهي بتشديد اللام مقصورا: الفول. (فلا يباع في قشره الأسفل) لأن بقاءه فيه من مصلحته. (ولا يصح في الأعلى) لا على الشجر ولا على الأرض لاستتاره بما ليس من مصالحه. نعم يصح بيع قصب السكر في قشره الاعلى كما في الاستقصاء، ونقله في المطلب عن الماوردي، ووجه بأن قشره الأسفل كباطنه، لأنه قد يمص معه فصار كأنه في قشر واحد كالرمان، ولان قشره الاعلى لا يستر جميعه. وما قيل من أن الشافعي رضي الله تعالى عنه أمر الربيع ببغداد أن يشتري له الباقلا الرطب، رد بأن هذا نصه في القديم ونص في الجديد على خلافه، وبأن في صحة ذلك توقفا، لأن الربيع إنما صحب الشافعي بمصر لا ببغداد لكن قال بالصحة كثيرون. (وفي قول يصح إن كان رطبا) لتعلق الصلاح به حيث أنه يصون الأسفل ويحفظ رطوبة اللب واللوبيا كالفول كما قاله الدارمي وغيره.