البدل في المجلس) كما دل عليه الخبر السابق حذرا من الربا، فلا يكفي التعين عنه. (والأصح أنه لا يشترط التعيين) للبدل، أي تشخيصه، (في العقد) لأن الصرف على ما في الذمة جائز. والثاني: يشترط ليخرج عن بيع الدين بالدين.
(وكذا) لا يشترط (القبض) للبدل (في المجلس) في الأصح، (إن استبدل ما لا يوافق في العلة) للربا، (كثوب عن دراهم) كما لو باع ثوبا بدراهم في الذمة، لكن لا بد من التعيين في المجلس قطع. وفي اشتراط التعيين في العقد الوجهان في استبدال الموافق. والثاني: يشترط القبض، لأن أحد العوضين دين، فيشترط قبض الآخر كرأس مال السلم.
فإن قيل: كان الأولى أن يقول كطعام عن دراهم لأن الثوب ليس بربوي، فلا يحسن أن يقال إن الثوب لا يوافق الدراهم في علة الربا؟ أجيب بأن النفي يصدق بنفي الموضوع، فيصدق بأن لا ربا أصلا. (ولو استبدل عن الفرض) بمعنى المقرض جاز ولو لم يتلف، خلافا لبعض المتأخرين، وإن كان قبل تلفه غير مستقر في الذمة من حيث أن للمقرض أن يرجع في عينه. (و) لو استبدل عن (قيمة المتلف) أو مثله، وكذا عن كل دين ليس بثمن ولا مثمن كالدين الموصى به أو الواجب بتقدير الحاكم في المتعة أو بسبب الضمان أو عن زكاة الفطر إذا كان الفقراء محصورين، (جاز) لاستقرار ذلك (وفي اشتراط قبضه) أي البدل، (في المجلس) وتعيينه (ما سبق) من كونه مخالفا في علة الربا أو لا، قال الأسنوي: وفي الدين الثابت بالحوالة نظر، ويحتمل تخريجه على أن الحوالة بيع أم لا، ويحتمل أن ينظر إلى أصله وهو المحال به فيعطى حكمه اه. والثاني أوجه. (وبيع الدين) بعين (لغير من عليه باطل في الأظهر بأن اشترى عبد زيد) مثلا (بمائة له على عمرو) لأنه لا يقدر على تسليمه. وهذا ما صححه في المحرر والشرحين والمجموع هنا، وجزم به الرافعي في باب الكتابة. والثاني: يصح، وهو المعتمد كما صححه في زوائد الروضة هنا موافقا للرافعي في آخر الخلع، واختاره السبكي، وحكي عن النص لاستقراره، كبيعه ممن هو عليه، وعلى هذا قال في المطلب: يشترط أن يكون المديون مليا مقرا، وأن يكون الدين حالا مستقرا. وصرح في أصل الروضة ك البغوي باشتراط قبض العوضين في المجلس، وهذا هو المعتمد وإن قال في المطلب مقتضى كلام الأكثرين يخالفه. ولا يصح أن يحمل الأول على الربوي والثاني على غيره كما قال بعض المتأخرين لأن مثالها يأبى ذلك لأن الشيخين مثلا ذلك بعبد . تنبيه: القول بالصحة إنما يجري في غير المسلم فيه كما يؤخذ من تعليله ومما مر. (ولو كان لزيد وعمر دينان على شخص فباع زيد عمرا دينه بدينه بطل قطعا) اتفق الجنس أو اختلف، لنهيه (ص) عن بيع الكالئ بالكالئ. رواه الحاكم وقال: إنه على شرط مسلم. وفسر ببيع الدين بالدين كما ورد التصريح به في رواية البيهقي. ثم شرع في بيان القبض والرجوع في حقيقته إلى العرف فيه لعدم ما يضبطه شرعا أو لغة كالاحياء والحرز في السرقة، فقال:
(وقبض العقار) أي إقباضه، وهو الأرض والنخل والضياع كما قاله الجوهري، وأراد بالضياع: الأبنية، (تخليته للمشتري) أي له تركه بلفظ يدل عليها من البائع كما اقتضاه كلام المطلب نقلا عن الأصحاب. (وتمكينه من التصرف) فيه بتسليم المفتاح إليه وإن لم يتصرف فيه ولم يدخله. ويشترط كما في الكفاية: أن لا يكون هناك مانع حسي ولا شرعي، لأن الشارع أطلق القبض وأناط به أحكاما ولم يبينه ولا له حد في اللغة فيرجع فيه إلى العرف كما مر، والعرف قاض بما ذكره المصنف في هذا وما بعده. قال الرافعي: وفي معنى العقار الأشجار الثابتة والثمرة المبيعة على الشجرة قبل أوان الجذاذ.
وتقييده بذلك يشعر بأن دخول وقت قطعها يلحقها بالمنقول، وهو كما قال الأسنوي متجه وإن نازع فيه الأذرعي.