تلف اللبن) أو لم يتراضيا على رده، (رد معها صاع تمر) وإن زادت قيمته على قيمتها بدل اللبن الموجود حالة العقد للخبر السابق، والعبرة بغالب تمر البلد كالفطرة.
تنبيه: قوله: بعد تلف اللبن يقتضي أنه لا يجب رد الصاع بعد الحلب وقبل التلف، وليس مرادا، فإنه إذا كان اللبن موجودا وطلب البائع رده لم يجبر المشتري عليه لأن ما حدث منه بعد البيع ملك له، وإن طلبه المشتري لم يكلف البائع قبوله وإن لم يتغير لذهاب طراوته، فلو عبر بقوله بعد الحلب كان أولى واستغنى عما قدرته في كلامه. فإن علم بها قبل الحلب ردها ولا شئ عليه. (وقيل يكفي صاع قو ت) لأنه ورد في رواية ذكر التمر كما مر، وفي رواية ذكر الطعام كما رواه الترمذي وصححه، وفي رواية ذكر القمح رواه أبو داود، فدل ذلك على اعتبار القوت مطلقا. وعلى هذا هل يتخير بين الأقوات أو يتعين؟ غالب كلام المصنف يقتضي الأول، وهو وجه، والأصح الثاني، وعلى تعين التمر لو تراضيا بغير صاع تمر من مثلي أو متقوم جاز لأن الحق لهما لا يعدوهما بل الظاهر كما قال الزركشي أنهما لو تراضيا على الرد بغير شئ جاز.
فإن قيل: لم تعين التمر هنا ولم يجز العدول عنه إلى غيره بغير رضا وإن كان أعلى منه في القيمة والافتيات بخلاف الفطرة؟
أجيب بأن المقصود هنا قطع النزاع مع ضرب تعبد، والمقصود في الفطرة سد الخلة، فإن تعذر عليه التمر فقيمته بالمدينة كما نقله الشيخان عن الماوردي وهو أحد وجهين له، وجرى عليه ابن المري وهو المعتمد، والوجه الآخر: قيمته في أقرب بلاد التمر إليه، وصححه السبكي و الأذرعي وغيرهما. ولو اشترى مصراة بصاع من تمر ردها وصاع تمر إن شاء واسترد صاعه. قال القاضي وغيره: لأن الربا لا يؤثر في الفسوخ، ولو تعددت المصراة في عقد تعدد الصاع بعددها كما نص عليه.
ولو تعدد العقد بتعدد البائع أو المشتري أو بتفصيل الثمن ورد البعض بعيب هل يتعدد الصاع؟ لم أر من تعرض له، والذي يظهر تعدده لأنهم قالوا إنه لا فرق بين قلة اللبن وكثرته. ولو رضي بعيب التصرية بعد الحلب ثم وجد بها عيبا آخر، فالمنصوص أنه يردها مع بدل اللبن وكذا لو رد غير المصراة بعد حلبها بعيب فإنه يرد معها صاع تمر بدل اللبن كما جزم به البغوي وصححه القاضي وابن الرفعة، وقيل: لا يرد لأنه قليل غير معتنى بجمعه بخلافه في المصراة. (والأصح أن الصاع لا يختلف بكثرة اللبن) وقلته، لظاهر الخبر وقطعا للخصومة بينهما، كما لا تختلف غرة الجنين باختلاف ذكورته وأنوثته ولا أرش الموضحة مع اختلافها في الصغر والكبر. والثاني: يختلف، فيقدر التمر أو غيره بقدر اللبن فقد يزيد على الصاع وقد ينقص عنه. (و) الأصح (أن خيارها) أي المصراة، (لا يختص بالنعم) وهي الإبل والبقر والغنم، (بل يعم كل مأكول) من الحيوان (والجارية والاتان) بالمثناة، وهي الأنثى من الحمر الأهلية لأنه قد ورد في رواية مسلم: من اشترى مصراة وفي رواية للبخاري: من اشترى محفلة ولان لبنها مقصود للتربية. والثاني: مختص بالنعم، لأن غيرها لا يقصد لبنه إلا على ندور. (ولا يرد معهما شيئا بدل اللبن، لأن لبن الجارية لا يعتاض عنه غالبا ولبن الأتان نجس لا عوض له. (وفي الجارية وجه) أنه يرد معها بدل لبنها لأنه كلبن النعم في صحة أخذ العوض عنه. وعلى هذا هل يرد بدله صاع تمر أو قيمته من تمر أو قوت آخر؟ وجهان في النهاية، وظاهر كلام المتن الأول وأن هذا الوجه لا يجري في الأتان، وطرده الإصطخري فيها لأنه عنده طاهر مشروب، وظاهر كلامهم أن رد الصاع جاز في كل مأكول.
قال السبكي: وهو الصحيح المشهور واستبعده الأذرعي في الأرنب والثعلب والضبع ونحوها. (وحبس ماء القناة و) ماء (الرحى) الذي يديرها للطحن (المرسل) ماء كل منهما، (عند البيع وتحمير الوجه) وإرسال الزنبور عليه ليظن بالجارية السمن، (وتسويد الشعر وتجعيده) الدال على قوة البدن، وهو الذي فيه التواء وانقباض لا المفلفل كشعر السودان. (يثبت الخيار) قياسا على