البينة، بخلاف الأب والجد فلا يلزمهما البينة، بل البينة عليه لأنهما لا يتهمان لوفور شفقتهما. ولا يبيع الوصي مال الطفل أو المجنون لنفسه ولا مال نفسه له، ولا يقتص له ولي ولو أبا، ولا يعفو عن القصاص، نعم له العفو على الأرش في حق المجنون الفقير، بخلاف الصبي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجنايات، لأن الصبا له غاية ينتظر بخلاف الجنون.
ولا يعتق رقيقه في غير الكفارة المرتبة، ولا يكاتبه، ولا يدبره، ولا يعلق عتقه بصفة، ولا يطلق زوجته ولو بعوض لخبر: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق رواه ابن ماجة والدارقطني. ولا يصرف ماله في المسابقة، ولا يشتري له إلا من ثقة. قال ابن الرفعة: ولا يظهر جواز شراء الجواري للتجارة لغرر الهلاك، وله أن يزرع له كما قاله ابن الصباغ. (ويأخذ له بالشفعة أو يترك بحسب المصلحة) التي رآها في ذلك لأنه مأمور بفعلها. فيجب الاخذ إذا كانت المصلحة فيه، ويحرم إذا كانت المصلحة في تركه، فلو استوت المصلحة في الاخذ والترك فهل يحرم الاخذ أو يجب أو يتخير؟
فيه ثلاثة أوجه حكاها في البحر تبعا للماوردي، والأول هو مقتضى كلام المصنف، وقال الأسنوي: هو مقتضى كلام الرافعي في آخر الشفعة، وقال في المطلب هنا: والنص يفهمه والآية تشهد له، أي قوله تعالى: * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) *، فإنها دالة على المنع عند الاستواء لورودها بصيغة التفصيل. ولو ترك الولي الاخذ مع الغبطة فيه ثم كمل المحجور عليه كان له الاخذ، لأن تر ك الولي حينئذ لم يدخل تحت ولايته فلا يفوت بتصرفه، بخلاف ما إذا تركها لعدم الغبطة ولو في الاخذ والترك معا كما مر. ولو أخذ الولي مع الغبطة ثم كمل المحجور عليه وأراد الرد لم يمكن منه كما صرح به في الروضة، والقول قوله بيمينه في أن الولي ترك الاخذ مع الغبطة، ويلزم الولي البينة إلا على أب أو جد قال إني تركتها لغبطة فلا يقبل قوله عليه. (ويزكي ماله) وجوبا لأنه قائم مقامه، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب الزكاة. (وينفق عليه بالمعروف) في طعام وكسوة وغيرهما مما لا بد منه بما يليق به في إعساره ويساره، فإن قتر أثم وإن أسرف أثم وضمن، ويخرج عنه أرش الجناية وإن لم يطلب ذلك منه. فإن قيل: الدين الحال لا يجب أداؤه إلا بعد الطلب كما مر في كتاب التفليس وأرش الجناية دين. أجيب بأن ذلك ثبت بالاختيار فتوقف وجوب أدائه على طلبه بخلاف ما هنا. وينفق على قريبه بعد الطلب منه كما ذكره الشيخان لسقوطها بمضي الزمان، قال الأسنوي: وما ذكراه من توقف نفقة القريب على الطلب لا يستقيم إذا كان المنفق عليه مجنونا أو طفلا أو زمنا يعجز عن الارسال ونحو ذلك اه.
وهو ظاهر. نعم إن كان له ولي خاص ينبغي اعتبار طلبه، وكالصبي في ذلك المجنون والسفيه. ولا أجرة للولي ولا نفقة في مال محجوره، فإن كان فقيرا وشغل بسببه عن الاكتساب أخذ الأقل من الأجرة والنفقة بالمعروف، قال تعالى: * (ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) *، وكالاكل غيره من بقية المؤن، وإنما خص بالذكر لأنه أعم وجوه الانتفاع. وله أن يستقل بالأخذ من غير مراجعة الحاكم. ولو نقص أجر الأب أو الجد أو الام إذا كانت وصية عن نفقته وكان كل منهم فقيرا تممها من مال محجوره لأنها إذا وجبت بلا عمل فمعه أولى. وإذا أخذ لفقر به ثم أيسر لا يجب عليه رد البدل على الأظهر في زيادة الروضة. هذا كله في الولي غير الحاكم، أما هو فليس له ذلك لعدم اختصاص ولايته بالمحجور عليه بخلاف غيره حتى أمينه كما صرح به المحاملي. وللوالي خلط ماله بمال الصبي ومواكلة للارتفاق إذا كان للصبي فيه حظ، قال تعالى: * (وإن تخالطوهم فإخوانكم) * وإلا امتنع، قال تعالى: * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) *. ويسن للمسافرين خلط أزوادهم وإن تفاوتوا في الاكل، لاخبار صحيحة وردت فيه. ولا يجب على الولي أن يشتري لموليه إلا بعد استغنائه عن الشراء لنفسه، فإن لم يستغن عنه قدم نفسه، وإن تضجر الأب وإن علا فله الرفع إلى القاضي لينصب قيما بأجرة من مال محجوره، وله أن ينصب غيره بها بنفسه. (فإذا ادعى) الصغير (بعد بلوغه على الأب والجد بيعا) لماله ولو عقارا، (بلا مصلحة صدقا باليمين) لأنهما لا يتهمان لوفور شفقتهما. ومقتضى ذلك كما قاله الأسنوي قبول الام إذا كانت وصية، وكذا من في معناها