إليه. أجيب بأنه إن كان الثمن من جنس دينه جاء التقاص، وإن لم يكن من جنسه ورضي به حصل الاعتياض، فلم يحصل تسليم مع بقاء الثمن على كل تقدير. (وما قبضه) الحاكم من ثمن أموال المفلس (قسمه) ندبا على التدريج (بين الغرماء) لتبرأ منه ذمته ويصل إليه المستحق، فإن طلب الغرماء القسمة وجبت كما يؤخذ من كلام السبكي الآتي. (إلا أن يعسر لقلته) وكثر الديون، (فيؤخره) أي الحاكم ذلك (ليجتمع) ما يسهل قسمته دفعا للمشقة فيقرضه أمينا موسرا، قال السبكي: ترتضيه الغرماء، قال الأذرعي: وغيره مماطل. فإن فقد أودعه ثقة ترتضيه الغرماء، ولا يضعه عند نفسه لما فيه من التهمة. قال الأذرعي: ولك أن تقول إذا كان الحال يقتضي تأخير القسمة، وأنه إذا أخذه أقرضه، فينبغي أنه إذا كان المشتري ممن يجوز إقراضه منه أن يترك في ذمته إلى وقت القسمة، ولا وجه لقبضه منه ثم السعي في إقراضه، وقد لا يجد مقترضا أهلا اه. وهو بحث حسن. ولو اختلفت الغرماء فيمن يقرضه أو يودع عنده أو عينوا غير ثقة، فمن رآه القاضي من العدول أولى، فإن تلف عند المودع من غير تقصير فمن ضمان المفلس.
قال الشيخان: فإن طلب الغرماء القسمة ففي النهاية إطلاق القول بأنه يجيبهم، والظاهر خلافه اه. والأوجه كما قال شيخنا ما أفاده كلام السبكي من حمل هذا على ما إذا ظهرت مصلحة في التأخير، وما في النهاية على خلافه، فلو كان الغريم واحدا سلمه إليه أولا فأولا لأن إعطاءه للمستحق أولى من إقراضه أو إيداعه.
تنبيه: يستثنى من القسمة عليهم المكاتب إذا حجر عليه وعليه نجوم كتابة وأرش جناية ودين معاملة، فالأصح تقديم دين المعاملة ثم الأرش ثم النجوم. وإنما قدم دين المعاملة عليهما لأن لهما تعلقا آخر بتقدير العجز عنهما، وهو الرقبة. وإنما قدم الأرش على النجوم لأنه مستقر والنجوم معرضة للسقوط، وتقدم أنه لا حجر بالنجوم، وهذا بخلاف المديون وغير المحجور عليه فإنه يقسم كيف شاء، وهو ظاهر بالنسبة لصحة التصرف. أما بالنسبة للجواز فينبغي كما قال السبكي: أنهم إذا استووا وطالبوا وحقوقهم على الفور أن تجب التسوية. (ولا يكلفون) أي الغرماء عند القسمة (بينة) أو إخبار حاكم (بأن لا غريم غيرهم) لأن الحجر يشتهر، فلو كان ثم غريم لظهر. ويخالف نظيره في الميراث لأن الورثة أضبط من الغرماء، وهذه شهادة على نفي يعسر مدركها فلا يلزم من اعتبارها في الأضبط اعتبارها في غيره.
قال في الروضة: ولان الغريم الموجود تيقنا استحقاقه لما يخصه وشككنا في مزاحمه، وهو بتقدير وجوده لا يخرجه عن استحقاقه له في الذمة. ولا يتحتم مزاحمة الغريم لأنه لو أبرأ أو أعرض أخذ الآخر الجميع، والوارث بخلافه في جميع ذلك.
تنبيه: لو قال المصنف: ولا يكلفون الاثبات بأن لا غريم غيرهم لكان أولى ليشمل ما زدته في كلام. (فلو قسم فظهر غريم) يجب إدخاله في القسمة، أي انكشف أمره. (شارك بالحصة) ولم تنقض القسمة، لأن المقصود يحصل بذلك، فلو قسم ماله وهو خمسة عشر على غريمين لأحدهما عشرون وللآخر عشرة. فأخذ الأول عشرة والآخر خمسة ثم ظهر غريم له ثلاثون، رجع على كل منهما بنصف ما أخذه. فإن أتلف أحدهما ما أخذه وكان معسرا جعل ما أخذه كالمعدوم وشارك من ظهر الآخر وكان ما أخذه كأنه كل المال، فلو كان المتلف آخذا الخمسة استرد الحاكم من آخذ العشرة ثلاثة أخماسها لمن ظهر، ثم إذا أيسر المتلف أخذ منه الآخران نصف ما أخذه وقسماه بينهما بنسبة دينهما، وقس على ذلك. واحترز بقوله: ظهر عما إذا حدث بعد القسمة فإنه لا يضارب إلا إذا كان سببه متقدما، كما إذا أجر دارا وقبض أجرتها ثم انهدمت بعد القسمة فإنه يضارب على الصحيح. (وقيل تنقض القسمة) كما لو اقتسمت الورثة ثم ظهر وارث آخر فإن القسمة تنقض على الأصح. وفرق الأول بأن حق الوارث في عين المال، بخلاف حق الغريم فإنه في قيمته وهو يحصل بالمشاركة. ولو ظهر الثالث وحصل للمفلس مال قديم أو حادث بعد الحجر صرف منه إليه بقسط ما أخذه الأولان، والفاضل يقسم على الثلاثة. نعم إن كان دينه حادثا فلا مشاركة له في المال