مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥١
قد يزيدون في السلعة. قال الأذرعي: ولا يتعين البيع بل للحاكم تمليك الغرماء أعيان ماله إن رآه مصلحة اه‍. والأولى أن يتولى البيع المالك أو وكيله بإذن الحاكم ليقع الاشهاد عليه، ولا يحتاج إلى بينة بأنه ملكه، بخلاف ما لو باع الحاكم لا بد أن يثبت أنه ملكه كما قاله ابن الرفعة تبعا للماوردي والقاضي، إذ بيع الحاكم حكم بأنه له، ويوافق قول الرافعي في الفرائض: قسم الحاكم يتضمن الحكم بموت المفقود. وكلام جماعة يقتضي الاكتفاء باليد، وحكى السبكي في ذلك وجهين، ورجح الاكتفاء باليد، قال: وهو قول العبادي، وكذا نقله الزركشي. ثم قال الأذرعي: وأفتى ابن الصلاح بما يوافقه، والاجماع الفعلي عليه والأول أظهر.
تنبيه: لا يختص هذا الحكم بالمفلس بل كل مديون ممتنع ببيع القاضي عليه. لكن في غير المفلس لا يتعين فيه البيع بل القاضي مخير بينه وبين إكراهه على البيع كما في زيادة الروضة عن الأصحاب، ولذلك اقتصر المصنف على المفلس لتعين ذلك فيه. قال السبكي: والذي يظهر أن تخييره إنما هو عند طلب المدعي الحق من غير تعيين طريق، فإن عينه تعين. قال القاضي: وعزى ذلك إلى القفال الكبير. قال ابنه في التوشيح: وقد يقال ليس للمدعي حق في إحدى الخصال حتى تتعين بتعينه، وإنما حقه في خلاص حقه، فليعتمد القاضي بما شاء من الطرق اه‍. وهذا هو الظاهر. وإذا قلنا بعدم الاكتفاء باليد قال ابن الرفعة: فيتجه أن يتعين الحبس إلى أن يتولى الممتنع من الوفاء البيع بنفسه. (وليبع) ندبا (كل شئ في سوقه) لأن طالبه فيه أكثر والتهمة فيه أبعد، ويشهر بيع العقار ليظهر الراغبون، فلو باع في غير سوقه بثمن مثله جاز. نعم إن تعلق بالسوق عرض معتبر للمفلس أو للغرماء وجب. قال الأسنوي: ومحله كما قاله الماوردي إذا لم يكن في نقله مؤنة كبيرة، فإن كانت ورأي الحاكم المصلحة في استدعاء أهل السوق فعل. قال الزركشي: ومحله أيضا إذا ظن عدم الزيادة في غير سوقه. وإنما يبيع (بثمن مثله) فأكثر (حالا من نقد البلد) وجوبا كما صرح به في المحرر، لأن التصرف لغيره فوجب فيه رعاية المصلحة كالوكيل والمصلحة ما ذكره. نعم إن رضي المفلس والغرماء بالبيع نسيئة أو بغير نقد البلد جاز كما قاله المتولي، وإن نظر فيه السبكي وقال: لاحتمال غريم آخر. ولو رأى الحاكم المصلحة في البيع بمثل حقوقهم جاز.
ولو باع ماله بثمن مثله ثم ظهر راغب بزيادة وجب القبول في المجلس وفسخ البيع، فإن لم يقبل فسخ الحاكم عليه. قال الروياني في التجربة: وقد ذكروا في عد الرهن والوكالة أنه إذا لم يفسخ ومضى زمن يمكن فيه البيع انفسخ بنفسه، فقياسه هنا كذلك. ولو تعذر من يشتري مال المفلس بثمن مثله من نقد البلد وجب الصبر، قال المصنف في فتاويه: بلا خلاف.
فإن قيل: المرهون يباع بالثمن الذي دفع فيه بعد النداء والاشتهار وإن شهد عدلان أنه دون ثمن مثله، قال ابن أبي الدم:
بلا خلاف. أجيب بأن الراهن التزم ذلك حيث عرض ملكه للبيع. ونظير الراهن المسلم إليه فإنه يلزمه تحصيل المسلم فيه إذا وجده بأكثر من ثمن مثله أو بثمن غال كما مر في بابه لأنه التزامه. (ثم إن كان الدين) من (غير جنس النقد) الذي بيع به أو من غير نوعه، (ولم يرض الغريم إلا بجنس حقه) أو نوعه (اشترى) له لأنه واجبه. (وإن رضي جاز صرف النقد إليه إلا في السلم) ونحوه مما يمتنع الاعتياض فيه كبيع في الذمة وكمنفعة واجبة في إجارة الذمة، فلا يجوز صرفه إليه وإن رضي لامتناع الاعتياض. وأورد ابن النقيب عن المصنف نجوم الكتابة، فليس للسيد الاعتياض عنها على الأصح. ولا يرد كما قال الولي العراقي لأن النجوم لا يحجر لأجلها فليست مرادة هنا. (ولا يسلم) الحاكم أو مأذونه (مبيعا قبل قبض ثمنه) احتياطا، فإن فعل ضمن كالوكيل والضمان بقيمة المبيع، وقيل: بالثمن، وقيل: بأقل الامرين.
فعلم أنه لا يجوز البيع بمؤجل وإن حل قبل أوان القسمة، لأن البيع بمؤجل يجب تسليمه قبل قبض الثمن. قال السبكي:
وينبغي أن يكون محل ضمان الحاكم إذا فعله جاهلا أو معتقدا تحريمه، فإن فعله باجتهاد أو تقليد صحيح لم يضمن لأن خطأه غير مقطوع به. فإن قيل: يستثنى من إطلاق المصنف ما لو باع شيئا لاحد الغرماء وعلم أنه يحصل له عند المقاسمة مثل الثمن الذي اشترى به فأكثر، فإنه يجوز أن يسلم له قبل قبض الثمن، والأحوط بقاء الثمن في ذمته لا أخذه وإعادته
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429