مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٩
الروياني في الحلية: والاختيار في زماننا الفتوى به، لأنا نرى مفلسين يقرون للظلمة حتى يمنعوا أصحاب الحقوق من مطالبتهم وحبسهم. وهذا في زمانه، فما بالك بزماننا.
تنبيه: إنما عبر بقوله: وجب ولم يقل لزم كما في المحرر والشرح والروضة ليدخل ما وجب، ولكنه تأخر لزومه إلى ما بعد الحجر كالثمن في البيع المشروط فيه الخيار، وقوله وجب قبل الحجر صفة للدين فقط (وإن أسند وجوبه إلى ما بعد الحجر) إسنادا مقيدا (بمعاملة، أو) إسنادا (مطلقا) بأن لم يقيده بمعاملة ولا غيرها، (لم يقبل في حقهم) فلا يزاحمهم بل يطالب به بعد فك الحجر. أما في الأولى فلتقصير من عامله، وأما في الثانية ف‍ لتنزيل الاقرار على أقل المراتب وهو دين المعاملة.
فلو لم يسند وجوبه إلى ما قبل الحجر ولا إلى ما بعده قال الرافعي: فقياس المذهب تنزيله على الأقل، وهو جعله كإسناده إلى ما بعد الحجر. فإن كان ما أطله دين معاملة لم يقبل لاحتمال تأخر لزومه، أو دين جناية قبل لأن أقل مراتبه أن يكون كما لو صرح به بعد الحجر. فإن لم يعلم أهو دين معاملة أو جناية لم يقبل لاحتمال تأخره وكونه دين معاملة. قال في الروضة:
وهذا التنزيل ظاهر إن تعذرت مراجعة المقر، وإلا فينبغي أن يراجع فإنه يقبل إقراره. قال السبكي: وهذا صحيح لا شك فيه، ويحمل كلام الرافعي على ما إذا لم تتفق المراجعة اه‍. وينبغي أن يأتي مثل ذلك في الصورة الثانية في المتن. وأفتى ابن الصلاح بأنه لو أقر بدين وجب بعد الحجر واعترف بقدرته على وفائه قبل وبطل ثبوت إعساره، أي لأن قدرته على وفائه شرعا يستلزم قدرته على وفاء بقية الديون. (وإن قال عن جناية) بعد الحجر (قبل في الأصح) فيزاحمهم المجني عليه لعدم تقصير ه. والثاني: أنه كما لو قال عن معاملة. والحاصل أن ما لزمه بعد الحجر إن كان برضا مستحقه لم يقبل في حقهم، أو لا يرضاه قبل.
تنبيه: لو عبر بالمذهب كما في الروض لكان أولى، فإن أصح الطريقين أنه كما لو أسند لزومه إلى ما قبل الحجر حتى يقبل في الأظهر. (وله أن يرد بالعيب) أو الإقالة (ما كان اشتراه) قبل الحجر (إن كانت الغبطة في الرد) وليس كما لو باع بها، لأن الفسخ ليس تصرفا مبتدأ فيمتنع منه، وإنما هو من أحكام البيع الذي لم يشمله الحجر. وقضية كلامهم جواز رده حينئذ دون لزومه، وبه صرح القاضي، إذ ليس فيه تفويت الحاصل، وإنما هو امتناع من الاكتساب. فإن قيل: نقل عن النص أن من اشترى في صحته شيئا تمرض واطلع فيه على عيب والغبطة في رده ولم يرد حسب ما نقصه العيب من الثلث فدل على أنه تفويت وقضيته لزوم الرد. أجيب بأن الضرر اللاحق للغرماء بترك الرد قد يجبر بالكسب بعد بخلاف الضرر اللاحق للورثة بذلك.
تنبيه: كلام المصنف شامل لرد ما اشتراه قبل الحجر وما اشتراه في الذمة بعد، وصورة الغبطة فيه أن يبيعه المالك من المفلس وهو جاهل بفلسه، والقدر الذي يأخذه بالمضاربة أكثر من قيمته. أما العالم فلا يتصور فيه الغبطة لعدم ضرر الغرماء بمزاحمته. أما إذا كانت الغبطة في الابقاء فلا رد له لما فيه من تفويت المال بلا غرض. وقضية كلامه أنه لا يرد أيضا إذا لم تكن غبطة أصلا لا في الرد ولا في الابقاء، وهو كذلك لتعلق حقهم به فلا يفوت عليهم بغير غبطة. ولو منع من الرد عيب حادث لزم الأرش ولا يملك المفلس إسقاطه. (والأصح تعدي الحجر إلى ما حدث بعده بالاصطياد) والهبة (والوصية والشراء) في الذمة (إن صححناه) أي الشراء، وهو الراجح، لأن مقصود الحجر وصول الحقوق إلى أهلها، وذلك لا يختص بالموجود. والثاني: لا يتعدى إلى ما ذكر، كما أن حجر الراهن على نفسه في العين المرهونة لا يتعدى إلى غيرها. فإن قيل:
يستثنى على الأول من إطلاق المصنف ما لو اتهب أباه أو أوصى له به فإنه لا يتعدى إليه بل يعتق، وليس للغرماء تعلق به.
أجيب بأنه لا حاجة لاستثنائه لأن ملكه لم يستقر عليه حتى يقال لم يحجر عليه فيه، وإنما الشرع قضى بحصول العتق.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429