مضروبين كغيرهما لا إسلام أحدهما في الآخر ولو حالا وقبضا في المجلس لتضاد أحكام السلم والصرف، لأن السلم يقتضي استحقاق قبض أحد العوضين في المجلس دون الآخر، والصرف يقتضي استحقاق قبضهما فيه. ويؤخذ من ذلك أن سائر المطعومات كذلك. وهذا إذا لم ينويا بالسلم عقد الصرف، والأصح إذا كان حالا وتقابضا في المجلس لأن ما كان صريحا في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه يكون كناية في غيره. ويصح في الورق، ويبين فيه العدد والنوع والطول والعرض واللون والدقة أو الغلظ والصفة أو الزمان كصيفي أو شتوي. ويصح في الحديد والرصاص والنحاس، ويشترط ذكر جنسها ونوعها وذكورة الحديد وأنوثته، قال الماوردي وغيره: والذكر الفولاذ، والأنثى اللين الذي يتخذ منه الأواني ونحوها. (ولا يشترط) فيما يسلم فيه (ذكر الجودة والرداءة في الأصح) لما ذكره بقوله: (ويحمل مطلقه ) منهما (على الجيد) للعرف. والثاني: يشترط لاختلاف الغرض بهما، فيفضي تركهما إلى النزاع. ورد بالحمل المذكور.
وعلى كلا القولين ينزل على أقل الدرجات، فلو شرط الأجود لم يصح على الأصح لأن أقصاه غير معلوم، وإن شرط الرداءة فإن كانت رداءة النوع صح على الأصح لانضباط ذلك، أو رداءة العبب لم يصح لأنها لا تنضبط إذ ما من ردئ إلا ويوجد ردئ آخر خير منه، وإن شرط الأردأ صح على الأصح لأن طلب أردأ من المحضر عناد. (ويشترط) مع ما مر من اشتراط كون الأوصاف معروفة في نفسها، (معرفة العاقدين الصفات) فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح كالبيع، (وكذا غيرهما) أي معرفة عدلين غير العاقدين (في الأصح) ليرجع إليهما عند تنازع العاقدين. والثاني: لا يشترط معرفة غيرهما.
وعلى الأول يخالف ما تقدم في الاجل من الاكتفاء بمعرفة العاقدين أو معرفة عدلين في التأجيل بنحو شهور الروم، وتقدم الفرق ثمت بينهما.
فصل: في بيان أداء غير المسلم فيه عنه ووقت أداء المسلم فيه ومكانه: (لا يصح أن يستبدل عن المسلم فيه غير جنسه) كالبر عن الشعير، (ونوعه) كالتمر البرني عن المعقلي، لأن الأول اعتياض عن المسلم فيه، وتقدم أنه ممتنع مع تعليله، والثاني يشبه الاعتياض عنه.
تنبيه: الحيلة في الاعتياض أن يفسخا السلم ثم يعتاض عن الثمن الذي في ذمة المسلم إليه. (وقيل يجوز في نوعه) لأن الجنس يجمعهما، فكان كما لو اتحد النوع واختلفت الصفة، ولهذا تحرم التفاضل بينهما ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة. (و) لكن (لا يجب قبوله) لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع (ويجوز) اعطاء (أردأ من المشروط) لأنه من جنس حقه (و) لكن لا (يجب) قبوله لأنه دون حقه. (ويجوز) إعطاء (أجود) من المشروط صفة، (ويجب قبوله في الأصح) لأن الامتناع منه عناد، ولاشعار بذله بأنه لم يجد سبيلا إلى براءة ذمة بغيره، وذلك يهون أمر المنة التي يعلل بها الثاني. والثاني: لا يجب لما فيه من المنة، كما لو أسلم إليه في خشبة خمسة أذرع فجاءتها ستة فإنه لا يجب عليه قبولها.
وفرق الأول بأن الجودة والرداءة لا يمكن فصلها لأنها تابعة بخلاف زيادة الخشبة. نعم إن كان على المسلم ضرر في قبوله، كأن أسلم إليه في عبد أو أمة فجاءه بفرعه أو أصله أو زوجته أو زوجها لم يجب قبوله، وإن جاءه بأخيه أو عمه فوجهان وجه المنع وهو الظاهر أن من الحكام من يحكم بعتقه عليه، ذكره الماوردي.
تنبيه: تفاوت الرطب والتمر تفاوت نوع لا تفاوت وصف، وكذا ما سقي بماء السماء وبماء الأرض، والعبد الهندي والعبد التركي فلا يجب عليه قبول الآخر. ولا يجوز ولا يصح أن يقبض ما أسلم فيه كيلا بالوزن ولا عكسه، ولا بكيل أو وزن غير الذي وقع عليه العقد كأن باع صاعا فاكتاله بالمد. ولا يزلزل المكيال، ولا يضع الكف على جوانبه بل