غير صالح للتسليم اشترط البيان كما قاله ابن الرفعة، فإن عينا غيره تعين بخلاف المبيع المعين لأن السلم يقبل التأجيل فقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم بخلاف البيع. والمراد بموضع العقد تلك المحلة لا نفس موضع العقد. والثمن في الذمة كالمسلم فيه، والثمن العين كالبيع المعين، وفي زيادة الروضة: قال في التتمة: كل عوض ملتزم في الذمة، أي غير مؤجل، من نحو أجرة وصداق وعوض خلع له حكم السلم الحال إن عين لتسليمه مكان تعين، وإلا تعين موضع العقد لأن كل عوض ملتزم في الذمة يقبل التأجيل كالمسلم فيه فيقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم كما مر. (ويصح) السلم (حالا ومؤجلا) بأن يصرح بهما. أما المؤجل فبالنص والاجماع، وأما الحال فبالأولى لبعده عن الغرر. فإن قيل: الكتابة لا تصح بالحال وتصح بالمؤجل. أجيب بأن الاجل فيها إنما وجب لعدم قدرة الرقيق، والحلول ينافي ذلك. فإن قيل: قال رسول الله (ص): إلى أجل معلوم. أجيب بأن المراد العلم بالأجل، لا الاجل كما في الكيل والوزن بدليل الجواز بالذرع، وإنما يصح حالا إذا كان المسلم فيه موجودا عند العقد وإلا اشترط فيه الاجل كالكتابة، وليس لنا عقد يشترط فيه الاجل غيرهما. فإن قيل: ما فائدة العدول من البيع إلى السلم الحال؟ أجيب بأن فائدته جواز العقد مع غيبة المبيع، فإن المبيع قد لا يكون حاضرا مرئيا فلا يصح بيعه، وإن أخره لاحضاره ربما فات على المشتري، ولا يتمكن من الانفساخ إذا هو متعلق بالذمة. (فإن أطلق) عن الحلول والتأجيل وكان المسلم فيه موجودا، (انعقد حالا) كالثمن في البيع المطلق والأجرة، فإن لم يكن المسلم فيه موجودا لم يصح. (وقيل لا ينعقد) لأن المعتاد في السلم التأجيل فحمل المطلق عليه، فيكون كما لو ذكر أجلا مجهولا. وعلى الأول لو ألحقا به أجلا في المجلس لحق على الأصح كما لا يجوز تعيين رأس المال فيه، ولو صرحا بالأجل في العقد ثم أسقطاه في المجلس سقط وصار العقد حالا، ولو حذفا فيه المفسد لم ينقلب العقد الفاسد صحيحا. (ويشترط) في المؤجل (العلم بالأجل) بأن يكون معلوما مضبوطا، فلا يجوز بما يختلف كالحصاد وقدوم الحاج والميسرة للحديث المار أول الباب، ولا يصح التأقيت بالشتاء والصيف والعطاء إلا أن يريد العاقدان وقتها المعين فيصح.
(فإن عين) العاقدان (شهور العرب أو الفرس أو الروم جاز) لأنها معلومة مضبوطة. ويصح التأقيت بالنيروز وهو نزول الشمس برج الميزان، وبالمهرجان وهو بكسر الميم وقت نزولها برج الحمل، وبعيد الكفار كفصح النصارى وفطير اليهود إن عرفها المسلمون، ولو عدلين منهم، أو المتعاقدان، بخلاف ما إذا اختص الكفار بمعرفتها إذ لا يعتمد قولهم. نعم إن كانوا عددا كثيرا يمتنع تواطؤهم على الكذب جاز كما قاله ابن الصلاح، لحصول العلم بقولهم. فإن قيل: لم اكتفى هنا بمعرفة العاقدين الاجل أو معرفة عدلين ولم يكتف بذلك في صفات المسلم فيه كما سيأتي؟ أجيب بأن الجهالة هنا راجعة إلى الاجل وهناك راجعة إلى المعقود عليه، فجاز أن يحتمل هنا ما لا يحتمل هناك. (وإن أطلق) الشهر (حمل على الهلالي) وهو ما بين الهلالين لأنه عرف الشرع، وذلك بأن يقع العقد أول الشهر، (فإن انكسر شهر) بأن وقع العقد في أثنائه، والتأجيل بأشهر، (حسب الباقي) بعد الأول المنكسر (بالأهلة وتمم الأول ثلاثين) مما بعدها، لأنه لما تعذر الهلالي في المنكسر رجعنا إلى العدد، ولا يكفي المنكسر لئلا يتأخر ابتداء الاجل عن العقد. نعم لو وقع العقد في اليوم الأخير من الشهر اكتفي بالأشهر بعده بالأهلة تامة كانت أو ناقصة، ولا يكمل اليوم مما بعدها إن نقص آخرها كما هو قضية كلام المصنف لأنها مضت عربية كوامل. والسنة المطلقة تحمل على الهلالية دون غيرها لأنها عرف الشرع، قال تعالى: * (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) *. فإن عقد في آخر يوم من الشهر وفي معناه ليلته، فكل السنة هلالية إن نقص الشهر الأخير، وإن كمل انكسر اليوم الأخير الذي عقدا فيه، فيكمل منه المنكسر ثلاثين يوما لتعذر اعتبار الهلال فيه دون البقية. وإن عقدا بعد لحظة من المحرم وأجلا بسنة مثلا فهو منكسر وحده، فيكمل من السنة الثانية. وإن أجلا