على أنه لا أثر لتأثير النار فيها وإذا كان كذلك فلا أثر لهذا الاحتمال وحينئذ يتعين أن يأتي الوجه المذكور وينبغي أن يحرر هل النار تأخذ من جوهر الذهب والفضة شيئا عند الضرب أم تخلصهما فقط فأن كانت تأخذ فالامر كما قال والا فلا ومسألة العسل الذي فيه شمع بالعسل الذي فيه شمع منصوص عليها في كلام الشافعي كما تقدم الأصحاب متفقون على أنه لا يباع شهد بشهد وقد ذكر الأصحاب الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والماوردي وسائر الأصحاب سؤالا وجوابا فقالوا (ان قيل) أليس يجوز بيع التمر بالتمر وفيهما النوى وهكذا اللحم باللحم الطري ان جوزناه والقديد بالقديد كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ وفيهما العظم (قيل) الفرق بينهما من وجهين (أحدهما) أن بقاء النوى في التمر من صلاح التمر لأنه إذا نزع منه النوى لا يدوم بقاؤه كما وفيه النوى وهذا الفرق جواب عن النوى والعظم معا والأول إنما يظهر في النوى وأما العظم فزعم القاضي أبو الطيب وابن الصباغ أنه من مصلحة اللحم وفى ذلك نزاع فالجواب الثاني كاف فيه وقد قال أبو الطيب في مكان آخر ان بقاء العظم في اللحم مفسدة وليس كذلك الشمع لأنه ليس من مصلحة العسل (والثاني) أن النوى والعظام غير مقصودين ولا قيمة لهما في الغالب ولهذا يرمى بهما فلم يجعل كأنه باع تمرا وشيئا آخر بتمر والشمع له قيمة فإذا بيع مع العسل كان ربا أو لحما وشيئا آخر بلحم وبهذين المعنيين فرقنا بين الجوز واللوز في قشريهما وبين العسل وذكر الإمام أيضا فرقا بين الشهد واللبن حيث جوزوا بيع اللبن باللبن وإن كان مشتملا على السمن والمخيض بأن الشمع غير مخامر للعسل في أصله فان النحل ينسج البيوت من الشمع المحض ثم يلقى في خلله العسل المحض فالعسل متميز في الأصل ثم ينشار العسل بخلطه بالشمع بعض الخلط بالتعاطي والضغط وليس اللبن كذلك والله أعلم *
(٤١٣)