في الخلاف أن المعنى بصحة العقد وفساده هنا وقوعه مقتضيا ثبوت أحكام مخصوصة دون الحرمة المطلقة فإنهما إذا تبايعا وافترقا من غير قبض لا يأثمان ولكن يمتنع ثبوت هذه الأحكام عند الشافعي رحمه الله وعندنا لا يمتنع يعني في بيع الطعام بالطعام * فافهم كلامه ان الإمامين غير قائلين بالحرمة المطلقة والأول أرجح وأقرب إلى أصل الشافعية الذي تقدمت الإشارة إليه ويأتي إن شاء الله تعالى (أما) بعد اللزوم على رأى ابن سريج فرضاهما بالفسخ لا أثر له ولم يبق إلا صورة التفرق فيتجه الجزم بالتحريم وان رضيا به لأنهما رضيا بما يحقق العقد المنهي عنه فالقول بالتحريم في زمان الخيار مع عدم التحريم بعد التخاير مما لا يجتمعان (فان قلت) القول بعدم التحريم بعد التخاير إنما ذكروه تفريعا على رأى ابن سريج فجاز أن يكون ابن سريج مخالفا في ذلك الأصل فلا يلزم أن يجتمع كلامه مع كلام الأصحاب (قلت) القائلون بذلك تفريعا على رأى ابن سريج لم ينقلوا التفريع المذكور عنه وإنما فرعوه كسائر التفاريع المذهبية فلذلك حسن الايراد عليهم وأيضا فقد قلنا فيما تقدم إنه يتعين تخريج قول مثل قول ابن سريج وإذا أثبتنا للشافعي قولا بصحة العقد والشرط فيما إذا تبايعا على أن لاخيار لهما (فان قلت) إنهما في زمان الخيار متمكنان من الفسخ فلهما طريق في رفع العقد قبل التفرق فلا يباح لهما التفرق وأما بعد اللزوم فلا طريق لهما الا التفرق (قلت) بعد اللزوم لا طريق لهما إلى رفع العقد وارتفاعه إنما يحصل بغير اختيارهما كتلف المعقود عليه فإذا تفرقا فقد فعلا ما ليس لهما فعله وإن كان يرتفع العقد به والله سبحانه أعلم * (وأما) جزمهم بأنه إذا فارق أحدهما يعصى لقطعه ما هو مستحق عليه فعلى قاعدتهم وقولهم إنهما إذا تفرقا راضيين لا يعصيان فيه نظر فإنه لا يمتنع على الانسان ان يتصرف في نفسه أو خاص ملكه تصرفا ينقطع به حق غيره إذا كان التصرف في نفسه
(١٥)