إن تفرقا قبل التقابض انفسخ العقد بعد اللزوم ولا يعصيان إن كان تفرقهما عن تراض وان فارق أحدهما انفسخ العقد وعصى بانفراده بما يضمر فسخ العقد واسقاط المستحق عليه وما حزموا به من كونهما لا يعصيان إذا تفرقا عن تراض ينافي ما قاله ابن الصباغ والمتولي ونقله النووي عن الأصحاب فيما تقدم أن التفرق قبل التقابض في عقود الربا يأثمان به وإن كان الخيار باقيا وأنه يكون جاريا مجرى بيع الربوي نسيئة وكذلك جزم به القاضي أبو الطيب الطبري وفى كلام الشافعي رحمه الله تعالى ما يشير إلى ذلك فإنه قال في الاملاء إذا تفرقا المتبايعان قبل أن يتقابضا صار ربا وانفسخ فيه البيع وقال في كتاب الصرف من الام وإذا صرف الرجل شيئا لم يكن له أن يفارق من صرف منه حتى يقبض منه ولا يوكل به غيره إلا أن يفسخ البيع ثم يوكل هذا بأن يصارفه (وقال) النووي رحمه الله تعالى فيما تقدم قال أصحابنا فلو تعذر عليهما التقابض في المجلس وأراد ان يتفرقا لزمهما أن يتفاسخا العقد قبل التفرق لئلا يأثما فإذا كان هذا في زمان الخيار فبعده أولى بلا شك ويتجه أن يخرج من كل من الكلامين إلى الآخر وللنظر في كل منهما مجال يتجه أن يقال إن ذلك حرام مطلقا لأن الشارع نهى عن هذا العقد الا يدا بيد وحكم على كل عقد من هذه العقود بأنه ربا إلا ها وها فمتى لم يحصل هذا الشرط حصل المنهي عنه وحصل الربا والربا حرام وهذا الذي يقتضيه ظاهر اطلاق الأصحاب لفظ الحرمة على هذه الأمور في عقود الربا كقولهم حرم النساء والتفرق قبل التقابض وليس تفرقهما كتفاسخهما فإنهما بالتفاسخ رفعا العقد فلا يلزمهما شروطه وإذا لم يرفعاه وتفرقا فقد خالفا بالتفرق وجعلاه عقد ربا والبطلان حكم من الشرع عليهما ويحتمل أن يقال إنه ليس المراد ههنا بالحرمة إلا أن هذه الأشياء شروط في الصحة (قال) السمرقندي رحمه الله من الحنفية في كتاب المطلوب
(١٤)