قسمت الصلاة وهو صحيح رواه مسلم وقد سبق بطوله في مسألة تعيين الفاتحة وأطنب أصحابنا في الاستدلال وفيما ذكرناه كفاية (والجواب) عن الأحاديث التي احتج بها القائلون باسقاط القراءة بها انها كلها ضعيفة وليس فيها شئ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها موقوف وبعضها مرسل وبعضها في رواته ضعيف أو ضعفاء وقد بين البيهقي رحمه الله علل جميعها وأوضح تضعيفها وأجاب أصحابنا عن الحديث الأول لو صح بأنه محمول على المسبوق أو على قراءة السورة بعد الفاتحة جمعا بين الأدلة والجواب عن قراءة السورة أنها سنة فتركت لاستماعه قراءة القرآن بخلاف الفاتحة وعن ركعة المسبوق أنها سقطت تخفيفا عنه لعموم الحاجة والله أعلم * واحتج القائلون بالقراءة في السرية دون الجهرية بقول الله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) قال الشافعي في القديم هذا عندنا في القراءة التي تسمع خاصة وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين لنا سننا وعلمنا صلاتنا فقال أقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا " رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا " رواه أبو داود والترمذي والنسائي فقيل لمسلم بن الحجاج في صحيحه عن حديث أبي هريرة هذا فقال هو عندي صحيح فقيل لم لم تضعه ههنا فقال ليس كل شئ عندي صحيح وضعته ههنا إنما وضعت ههنا ما اجمعوا عليه وبحديث بن أكيمة عن أبي هريرة المذكور في الكتاب " مالي أنازع القرآن: فانتهى الناس عن القراءة " إلى آخره وقد سبق بيانه (واحتج) أصحابنا بالأحاديث السابقة في الاحتجاج على المانعين مطلقا والجواب عن الآية الكريمة من وجهين (أحدهما) أن المستحب للامام ان يسكت بعد الفاتحة قدر ما يقرأ المأموم الفاتحة كما سبق بيانه قريبا وذكرنا دليله من الحديث الصحيح قريبا وحينئذ لا يمنعه قراءة الفاتحة (الثاني) ان القراءة التي يؤمر بالانصاف لها في السورة وكذا الفاتحة إذا سكت الامام بعدها وهذا إذا سلمنا ان المراد بالآية حيث قرئ القرآن وهو الذي أعتقد رجحانه والا فقد روينا عن مجاهد وغيره انها نزلت في الخطبة وسميت قرآنا لاشتمالها عليه وروينا في سنن البيهقي عن أبي هريرة ومعاوية انهما قالا كان الناس يتكلمون في الصلاة فنزلت هذه الآية واما الجواب عن حديث " وإذا قرأ فانصتوا " فمن أوجه (منها) الوجهان اللذان ذكرناهما في جواب الآية (والوجه الثالث) وهو الذي اختاره
(٣٦٧)