فلا حجة فيه وإن كان قد روى متصلا عنه عن ابن عباس. وقال فأنزل الله تعالى (ولا تجهر بصلاتك) فيسمع المشركون فيهزؤون (ولا تخافت) عن أصحابك فلا تسمعهم (وابتغ بين ذلك سبيلا) وفى رواية " فخفض النبي صلى الله عليه وسلم ببسم الله الرحمن الرحيم " قال البيهقي يعني - والله أعلم - فخفض بها دون الجهر الشديد الذي يبلغ إسماع المشركين وكان يجهر بها جهرا يسمع أصحابه. وقال أبو محمد وهذا هو الحق لان الله تعالى كما نهاه عن الجهر بها نهاه عن المخافتة فلم يبق إلا التوسط بينهما وليس هذا الحكم مختصا بالبسملة بل كان القراءة فيه سواء * واما ما حكوا عن الدارقطني فلا يصح عنه لان الدارقطني صحح في سننه كثيرا من أحاديث الجهر كما سبق وكتاب السنن صنفه الدارقطني بعد كتاب الجهر بدليل أنه أحال في السنن عليه فان صحت تلك الحكاية حمل الامر على أنه أطلع آخرا على ما لم يكن اطلع عليه أولا ويجور أن يكون أراد ليس في الصحيحين منها شئ وإن كان قد صحت في غيرها وهذا بعيد فقد سبق استنباط الجهر من الصحيحين من حديث انس وأبي هريرة (واما قولهم) قال بعض التابعين الجهر بالبسملة بدعة ولا حجة فيه لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه كما قال أبو حنيفة العقيقة بدعة وصلاة الاستسقاء بدعة وهما سنة عند جماهير العلماء للأحاديث الصحيحة فيهما ومذهب واحد من الناس لا يكون حجة على مجتهد آخر فكيف يكون حجة على الأكثرين مع مخالفته للأحاديث الصحيحة السابقة (واما قياسهم) على التعوذ (فجوابه) ان البسملة من الفاتحة ومرسومة في المصحف بخلاف التعوذ (واما قولهم) لو كان الجهر ثابتا لنقل تواترا فليس ذلك بلازم لان التواتر ليس بشرط لكل حكم. والله أعلم بالصواب وله الحمد والمنة * قال المصنف رحمه الله * * (ويجب ان يقرأها مرتبا فان قرأ في خلالها غيرها ناسيا ثم اتى بما بقي منها أجزأه وإن قرأ عامدا لزمه ان يستأنف القراءة كما لو تعمد في خلاف الصلاة ما ليس منها لزمه ان يستأنفها وإن نوى قطعها ولم يقطع لم يلزمه استئنافها لان القراءة باللسان ولم يقطع ذلك بخلاف ما لو نوى قطع الصلاة لأن النية بالقلب وقطع ذلك) * *
(٣٥٦)