أكرم فقيها مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عنه راض، ومن أهان فقيها مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان، وجعل النظر إلى وجه العلماء عبادة والنظر إلى باب العالم عبادة ومجالسة العلماء عبادة.
وعليك بكثرة الاجتهاد في ازدياد العلم والفقه في الدين، فإن أمير المؤمنين عليه السلام قال لولده: تفقه في الدين فإن الفقهاء ورثة الأنبياء وإن طالب العلم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الطير في جو السماء والحوت في البحر وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به.
وإياك وكتمان العلم ومنعه عن المستحقين لبذله، فإن الله تعالى يقول:
" إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " (1) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله. وقال عليه السلام: لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم).
وعليك بتلاوة الكتاب العزيز والتفكر في معانيه وامتثال أوامره ونواهيه وتتبع الأخبار النبوية والآثار المحمدية والبحث عن معانيها واستقصاء النظر فيها.
وقد وضعت لك كتبا متعددة في ذلك كله.
هذا ما يرجع إليك.
وأما ما يرجع إلي ويعود نفعه علي، فأن تتعهدني بالترحم في بعض الأوقات وأن تهدي إلي ثواب بعض الطاعات، ولا تقلل من ذكري فينسبك أهل الوفاء إلى الغدر ولا تكثر من ذكري فينسبك أهل العزم إلى العجز، بل اذكرني في خلواتك وعقيب صلواتك، واقض ما علي من الديون الواجبة والتعهدات اللازمة، وزر قبري بقدر الإمكان واقرأ عليه شيئا من القرآن، وكل كتاب صنفته وحكم الله تعالى يأمره قبل إتمامه فأكمله وأصلح ما تجده من الخلل والنقصان والخطأ والنسيان.