الفسقة والوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس والروم، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه [يكتفي] الرجال منهم بالرجال والنساء منهم بالنساء. فعند ذلك الغم العميم والبكاء الطويل والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، وهم قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطوقة، لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم، جهوري الصوت، قوي الصولة، علي الهمة، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع عليه راية إلا نكسها، الويل الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر.
فلما وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك، فطيب قلوبهم وكتب لهم فرمانا باسم والدي رحمه الله يطيب قلوب أهل الحلة وأعمالها (1).
ولا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد أن إقدام هذا الشيخ التقي على مثل هذه المحاولة ليس هو مساومة للفاتح الأجنبي ومساعدة على تسليط الكافر على المؤمن، كما اعتقده بعض العامة ممن لا تدبر له في الأمور.
فإن هذا العالم الجليل الورع يعرف أن الكافر لا سبيل له على المؤمن، لكن لما شاهد أن الخليفة العباسي آنذاك منهمك في لهوه ولعبه لم يفكر في مصير نفسه فضلا عن غيره، وعدم وجود القدرة الكافية لمواجهة الغزو المغولي، وكان يعلم أن المغول التتار إذا دخلوا بلدة ماذا يصنعون بها من الدمار والهلاك والسبي والتعدي على الناموس.
ولذا صمم هو ومن معه كخطوة أولى الحفاظ على المشهدين الشريفين والحلة وأعمالها، فذهب الشيخ سديد الدين إلى هولاكو ونجح هذا النجاح الباهر في إتمام هذه الخطوة الأولى والحصول على الأمان لأهل هذه المناطق.
وكخطوة ثانية ألف السيد مجد الدين محمد بن طاووس كتاب البشارة وأهداه إلى هولاكو، فأنتجت هذه الخطوة أن رد هولاكو شؤون النقابة في البلاد الفراتية