حذرا من احتمال التقصير في الاجتهاد، وهذا غاية الاحتياط ومنتهى الورع والسداد وليت شعري كيف كان يجمع بين هذه الأشياء التي لا يتيسر القايم ببعضها لأقوى العلماء والعباد، ولكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وفي مثله يصح قول القائل:
ليس على الله بمستبعد * أن يجمع العالم في واحد (1).
(5) قال التنكابني: قيل: كان العلامة واقفا في يوم من الأيام مع أبيه والبناء يبني، فإذا بمقدار من الطين يقع على وجه العلامة، فيقول البناء: يا ليتني كنت مكان هذا الطين، فيبادر العلامة بالبداهة قائلا لوالده: " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " (2).
(6) قال التنكابني: وأيضا معروف أن العلامة في حال طفولته كان يدرس عند خاله المحقق، وفي بعض الأوقات يهرب من الدرس، فكان المحقق يلحقه ليمسكه، فإذا وصل قربه قرأ العلامة آية السجدة، فيسجد المحقق ويغتنم العلامة الفرصة للهروب (3).
وصاياه وآثاره:
لعلامتنا جمال الدين وصايا جميلة تنبئ عن مقامه الشامخ وحمله للروح الصافية الطيبة التي تحب الخير لكل من يحمل معه صفة الإنسانية.
فمنها: ما أوصى به ولده فخر الدين عند إتمامه كتاب قواعد الأحكام، قال:
إعلم يا بني أعانك الله تعالى على طاعته ووفقك لفعل الخير وملازمته وأرشدك إلى ما يحبه ويرضاه وبلغك ما تأمله من لخير وتتمناه وأسعدك في الدارين وحباك بكل ما تقر به العين ومد لك في العمر السعيد والعيش الرغيد