والآتية أن العلامة حاز مرتبة علمية سامية تفوق بها على العلماء. وكان له ذكاء خارق للعادة وبذكائه هذا وعلمه استطاع أن يفحم أعلم علماء السنة بمناظراته الحلوة الدقيقة، وبسببه تشيع السلطان خدابنده وكثير من الأمراء ثم كثير من الناس، وذلك لما شاهدوا لسان العلامة ينطق بالحق الذي لا ريب فيه.
فنستطيع أن نقول وبكل صراحة: بفضل هذا العالم تركزت أركان الإسلام بصورة عامة والتشيع بصورة خاصة أكثر مما كانا عليه، فلهذا العالم العلامة حق كبير على المسلمين عموما والشيعة خصوصا لا بد وأن يقدروه.
ونحن أمام التاريخ يحدثنا عن هذا النحرير بأنه نال درجة الاجتهاد في زمن الصبا قبل أن يصل إلى سن التكليف (1).
وقال المترجم في إجازته لبني زهرة عند ذكره لأستاذ نصير الدين الطوسي:
قرأت عليه إلهيات الشفا لابن سينا وبعض التذكرة في الهيئة تصنيفه رحمه الله ثم أدركه الموت المحتوم (2).
فالجمع بين ولادة العلامة سنة 648 ووفاة الطوسي سنة 672 يعطينا خبرا بأن العلامة أكمل هذا المرحلة من الدراسة وهو في سن 24 سنة، ومن هذا يعلم أن النصير الطوسي لما وصف العلامة بالعالم الذي إذا جاهد فاق (3) كان قبل وصول العلامة إلى سن 24.
وأيضا قبل الوصول إلى هذا السن ذهب العلامة في ركاب النصير من الحلة إلى بغداد، فسأله عن اثنتي عشرة مسألة من مشكلات العلوم، أحدها: انتقاض حدود الدلالات بعضها ببعض (4).